SV الرئيسية تاريــخ لاهــوت   نشاطات أخبار سؤال وجواب  

تعازي وأحزان

شارك الآخرين أفراحك

إن الديانة النصرانية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

إقرأ المزيد عن الكنيسة

إنجيل الاسبوع

 

سؤال الشهر

 

مــيــديا

 

تـــقـــويــم

 

مــشــاركات

 

أرشيف

 

تـــحــميل

 

روابــــط

 

إتصل بـــنـــا

 

وصية

 جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا. كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.

 

 

 

 

حلقة (5)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

3. مار توما درمو يصل إلى الهند كميطرافوليط:

عزيزي القارئ ذكرنا في الحلقة الماضية بأن نيافة مار توما درمو بعد رسامته إلى درجة ميطرافوليط للهند، غادر الولايات المتحدة الأمريكية يوم 14 حزيران 1952. كانت الاستعدادات جارية في كنيسة الهند على قدم وساق لاستقبال المطران الجديد القادم من أمريكا، حيث تم تشكيل لجنة الاستقبال برئاسة السيد توماكووتي. عندما علموا بأن المطران الجديد سوف يصل بومباي يوم 17 حزيران كان فرح أبناء تريشور لا يوصف وكان الجميع يعمل ليل نهار لكي يتم استقبال المطران استقبالاً مهيباً يليق بمقامه. وكان على رأس المستقبلين في مطار سانتا كروز في بومباي السيد جاناباثي شانكار ديساي محافظ بومباي والسيد توماكووتي والقس أنتوني، كان من المتوقع أن تهبط طائرة نيافته في تمام الساعة 4.30 مساء يوم 17 حزيران 1952، إلا أنها تأخرت حتى الساعة 6.30 مساءً من اليوم نفسه. حطت الطائرة  B. O. A. C على أرض مطار سانتا كروز، لكن لخيبة أمل المستقبلين لم يكن المطران مار توما درمو على متنها. وعلى وجه السرعة قامت سلطات المطار بالاتصال بالراديو بالطائرةT.W.A.  التي كان وصولها إلى مطار سانتا كروز متوقعاً الساعة 8.30 مساءً، وتم التأكيد بصورة قطعية بأن نيافته كان على متن الطائرةT.W.A  لذلك قرر جميع المستقبلين أن ينتظروا حتى وصول الطائرة الثانية. يا للهفة وفرح الجموع المحتشدة عندما أطل نيافته من على سلم الطائرة، وبارك الجموع بشارة الصليب المقدس وشرع المصورون يلتقطون الصور التذكارية وهرع الأب أنتوني للقاء الراعي الصالح وتقبل بركاته يليه السيد توماكووتي الذي علق الصليب والسلسلة الذهبيين على رقبة نيافته، كان المؤمنون قد اشترياهما كهدية لتقدم لدى وصوله. أمضى بعض الوقت في المطار لاتخاذ الإجراءات القانونية الواجبة في المطارات والتعرف على المستقبلين والحديث إلى الصحافة. كان الجموع المحتشدة تقارب الألف شخص بالرغم من التأخر الذي حصل في رحلته لكنه حيا الجميع ونالوا بركاته وقبلوا يمينه. في اللحظة التي حط نيافته على أرض مطار سانتا كروز كانت وكالة الأخبار الهندية تبث الخبر على الهواء وهي أكبر وكالة أنباء في الهند وعند سماع الخبر في مدينة تريشور من قبل آلاف المستقبلين المحتشدين في كنيسة مريم العذراء الكبرى أطلقت الهتافات وكان صوت الأناشيد والألعاب النارية يشق كبد السماء محتفلة بوصول المطران الجديد مار توما درمو إلى مطار بومباي بوابة الهند الكبرى. وبعد استكمال الإجراءات الروتينية في المطار تم نقل نيافته إلى دار كولوبا الأسقفي في بومباي حيث كان في انتظاره نيافة وليم لاش أسقف الكنيسة الانكليكانية في بومباي وبقي مار توما درمو في ضيافة الأسقف الانكليكاني طيلة مدة بقائه في بومباي. في يوم الأربعاء 18 حزيران حظر نيافته مأدبة غداء في  دار السيد لازار أحد مؤمني تريشور والذي كان يعمل في الخطوط الجوية الهندية في مطار سانتا كروز وفي يوم الخميس قام السيد محافظ بومباي بتنظيم لقاء جماهيري لنيافته في دار (Y.M.C.A) حضر هذا اللقاء العديد من الشخصيات منهم الأسقف وليم لاش والسيد جيمس كيلوك عميد كلية بومباي.  وفي يوم الجمعة 20 حزيران 1952 الساعة الثانية بعد الظهر غادر  نيافته إلى تريشور بالقطار (Madras Express) مودعاً بنفس الحفاوة التي استقبل بها من قبل جمهور بومباي. أثناء هذه الرحلة الطويلة بالقطار كان نيافته يستقبل من قبل جماهير المؤمنين المحتشدين في محطات توقف القطار وكانت أهم هذه المحطات: بونا، جنكاتال، أركونام في محطة أركونام كان عليه تبديل القطار ويستقل قطار (Malabar Express) لتأخذه إلى شورانور المحطة الجنوبية لولاية كوجين. بعد مغادرة أركونام استقبل في كادبادي من قبل بعض أعضاء الكنيسة، وفي بودانور وهي من المحطات المهمة أستقبل من قبل موظفي البنك السرياني الكلداني ومؤمني كنيسة السريان الارثودوكس في ولاية كوجين. كان يوم 22 حزيران يوماً مشمساً وسعيداً حيث وصل موكب مار توما درمو المتكون من مئات السيارات وآلاف الأشخاص إلى كنيسة مريم العذراء الكبرى، لسنا نبالغ إذا قلنا أن هذا الموكب وهذه المسيرة الحاشدة كانت الأضخم في تاريخ مدينة تريشور. دخل الكنيسة الساعة 3.30 وصلى إلى الرب يسوع المسيح الذي رافقه وحفظه طيلة هذه الرحلة من الولايات المتحدة إلى تريشور. لقد جرت العادة منذ القدم عند قدوم مطران جديد إلى الهند أن يقوم المطران بقراءة (Staticon) البيان البطريركي القاضي برسامته ميطرافوليط لأبرشية الهند أمام حشود المؤمنين، لكن مار توما درمو اعتذر لأن البطريرك مار إيشاي شمعون لم يزوده بهذا البيان لدى مغادرته أمريكا واكتفى بالحديث إلى المؤمنين معلناً أنه الميطرافوليط الجديد القادم إلى الهند. وبعد الانتهاء من الصلاة ومراسيم الاستقبال، توجه مار توما درمو إلى دار المطرانية في مدينة تريشور وفي تمام الساعة 7.30 مساءً دخل ليخلد إلى الراحة بعد عناء السفر الطويل، دخل نفس الغرفة وخلد إلى الراحة على نفس السرير الذي كان مار طيمثاوس أبيمالك قد لفظ أنفاسه الأخيرة قبل 7 سنوات وثلاثة أشهر والذي كان قد رسمه شماساً إنجيلياً عام 1921. وفي صباح اليوم التالي وجه نيافته كلمة شكر إلى جمهور المستقبلين جاء فيها:-

[أنا مسرور جداً، أكون معكم اليوم، أشكر الرب الذي حفظ حياتي طيلة 48 سنة وهيأ لي الظروف لتحمل هذا العبء اليوم. لقد كان المثلث الرحمات مار طيمثاوس أبيمالك قد رسمني شماساً إنجيلياً عام 1921 خلال زيارته لمدينة الموصل لفترة قصيرة، لم أكن أفكر في ذلك اليوم بأنني سأدخل قلايته وأرى أبرشيته بدون راع والأكثر من هذه أن يتم اختياري خليفة له على هذه الأبرشية المباركة. خلال السبعة سنوات الماضية حيث كانت هذه الكنيسة بدون أسقف، حدثت مشاكل وصعوبات جمة في محاولة لاختيار الشخص المناسب ليحل محل مثلث الرحمات، لكني أعتقد بأن الله لم يكن بعد قد هيأ الشخص المناسب لهذه المهمة ولكن نتيجة لصلواتكم المستمرة وتضرعاتكم الحارة والمصحوبة بالدموع في كثير من الأحيان، جاء الوقت المناسب. وأشكر الرب الذي اختارني كخادم لكنيسته المقدسة للعمل معكم في الهند، اشكر الرب على هذه الفرصة التي منحها لي لكي أعيش وأعمل وأموت معكم في هذا البلد المبارك].

وفي يوم الثلاثاء 24 حزيران قام مار توما درمو بزيادة دائرة بلدية تريشور مع مجموعة من الكهنة وأبناء الرعية وذلك لاستلام القرار المدني لتثبيته مطراناً لأبرشية الهند لكنيسة المشرق النسطورية ورحب به رئيس البلدية وقام بتلاوة القرار البلدي وتسليم نيافته نسخنة منه. شكر مار توما درمو رئيس البلدية على حسن الاستقبال وحفاوة التكريم.

وفي يوم الأحد 29 حزيران 1952 قام نيافة مار توما درمو بخدمة القربان المقدس الأول كمطران للهند كان عدد الحضور في القربان 6000 شخص من أبناء كنيسة المشرق النسطورية ومن الكنائس الشقيقة الأخرى ومن غير المسيحيين، تناول القربان المقدس 3500 شخص وبعد القربان تم إطعام الفقراء والمحتاجين. وفي يوم السبت 5 تموز قام نيافته برفع الستار عن تمثال بالحجم الطبيعي لمثلث الرحمات مار طيمثاوس أبيمالك.

وفي يوم الأحد 6 تموز وبعد القربان المقدس استقبل نيافته فرق كشافة البنين والبنات ونظم لقاء جماهيري في بناية (Y.W.C.A) في تريشور ألقيت فيه كلمات الترحيب بقدوم نيافته من منظمات عديدة، وفي نهاية الحفل، شكر نيافته الجميع.

4. تسع سنوات من التضحية والتقدم في كنيسة الهند:

أول عمل قام به المطران الجديد بعد استلامه الأبرشية كان تضميد الجراح القديمة للأبرشية التي أحدثها الانقسام الخطير الذي كان يمزق أوصال المؤمنين حيث كانت الرعية في الهند بدون راع روحي لمدة سبع سنوات وكانت منقسمة إلى جماعتين تحت قيادة رجلي أعمال ثريين هما السيد توماكووتي والسيد إناشو بالإضافة إلى البدء بتعلم اللغتين الانكليزية والملايالم التي كان تعلمهما ضرورة ملحة، قام بدراسة النظام الداخلي للكنيسة من الناحيتين العلمانية والكنسية قام بوضع نظام داخلي جديد مبني على أسس الانتخابات الديمقراطية لممثلي جميع الكنائس والأبرشيات حيث كان يعتقد بأن في بلد ديمقراطي مثل الهند الانتخابات الديمقراطية ستكون الأفضل للكنيسة أيضاً. بالإضافة إلى النظام الداخلي لتمشية الأمور الإدارية، قام مار توما درمو بتأسيس مجلس الكهنة ليقوم بدراسة أوضاع الرعية في اجتماعاته الدورية من الناحية الروحية. بما أن كنيسة الهند كانت في حاجة ماسة إلى الاكليروس حيث كان هناك فقط أربعة كهنة وستة شمامسة لدى التحاق المطران الجديد وكان الكاهن الواحد في بعض الآحاد يقوم بتقديس القربان ثلاث مرات، قام على وجه السرعة بفتح دورات للكهنة ورسامة العديد من القسان والشمامسة حيث قام في يوم 10 كانون الثاني 1954 برسامة خمسة كهنة وسبعة شمامسة لم تشهد كنيسة الهند أي رسامة في العقد الماضي لذلك أصبحت هذه الرسامات الجديدة وبهذه الأعداد ضرورة ملحة. كذلك ركز جل اهتمامه لبناء مدرسة كهنوتية لتعليم الكهنة اللاهوت والطقس واللغة السريانية قبل رسامتهم. لذلك قام ببناء المدرسة الكهنوتية عام 1956 على قطعة أرض تبرع بها السيد إناشو مساحتها 52 إيكار على بعد ستة أميال جنوبي تريشور. مع تزايد عدد الكهنة وفتح ابرشيات جديدة قام ببناء عدة كنائس جديدة مع دار لسكن الكاهن ملاصقة لكل كنيسة بدء ببناء كنيسة مار يونان في تريشور سنة 1953 ثم كنيسة مار اوجين الطوباوي وكنيسة مار ماري الرسول وبعد هذه الكنائس الثلاث قام ببناء خمسة كنائس أخرى لم تكن لدى كنيسة المشرق النسطورية رعية في تلك المناطق سابقاً وهي كنيسة مار بولس الرسول في أنجيري ومار يعقوب المقطع في بيجي ومار بيشو في بوثور ومار متي في ماروتيجال ومار صليبا في كوجين، وهذه الخمسة الأخيرة كانت لأبرشيات فتحت حديثاً بعد وصول نيافة المطران مار توما درمو. وكان مع كل كنيسة دار للكاهن وعائلته ولذلك لتسهيل أمور معيشة الكهنة لتقديم أفضل الخدمات الروحية للمؤمنين في هذه الأبرشيات. بالإضافة إلى اهتماماته الكنسية كان كثير العطف على الفقراء والأيتام والأرامل فقام سنة 1962 ببناء ميتم مار توما الذي بلغت كلفته الإجمالية 30.000 روبية على قطعة أرض مساحتها  إيكار واحد تبرع بها المؤمنة موكين.

بالإضافة إلى اهتماماته بالكهنة وبناء الكنائس والدور والميتم كان مار توما درمو يحمل هماً أعظم ألا وهو تأسيس مطبعة عصرية  "مطبعة مار نرساي" [1] والبدء بطبع كافة الكتب الطقسية الكنسية وذلك لنفاذ هذه الكتب والحاجة الماسة إليها ليس فقط في الهند بل في جميع أبرشيات الكنيسة الشرقية النسطورية في كل بلدان العالم. كان أعظم إنجاز له في هذه المجال طبع كتاب الصلاة الطقسية للكنيسة (خوذرا) لأول مرة في تاريخ الكنيسة والعالم والذي بلغ مجمع صفحاته بأجزائه الثلاثة 4000 صفحة.  لقد بلغ عدد الكتب التي طبعت في هذه المطبعة باللغة السريانية للفترة 1954-1963 خمسة وأربعون كتاباً (انظر القائمة بأسماء هذه الكتب في نهاية المقال).

كذلك قام مار توما درمو بتأسيس اللجان الشبابية للبنات والبنين في الكنيسة وفرق الكشافة وفرق الترنيم والتراتيل الكنسية وصب جل اهتمامه على الجيل الصاعد في الكنيسة لأنه كان يدرك أن مستقبل الكنيسة يتوقف على الشباب.

وفي مجال الإعلام الكنسي قام نيافة مار توما درمو بتأسيس مجلة (قالا من مذنخا) والتي صدر العدد الأول منها في شهر تشرين الأول سنة 1954، وكانت هذه المجلة تصدر شهرياً باللغتين السريانية والانكليزية وكان مار توما حريصاً أن يكون له مقال في كل عدد من أعداد المجلة وأصبحت مجلة  "قالا من مذنخا" مجلة كنيسة المشرق الرسمية والوحيدة ليس على مستوى الهند بل على المستوى العالمي حيث كانت المجلة البطريركية (نوهرا من مذنخا) قد توقفت عن الصدور عام 1953، وأراد البطريرك أن تكون مجلة "قالا من مذنخا" مجلة الكنيسة الجامعة على المستوى العالمي. بالرغم من قيام نيافته بتأسيس المدرسة الكهنوتية منذ عام 1956 إلا أنه لم يكن راضياً عن المستوى التعليمي للمدرسة، وكان يفكر في إرسال الكهنة إلى الخارج في زمالات دراسية، كان هدفه من هذه الزمالات رفع المستوى العلمي للكهنة وكذلك توفير مدرسين للمدرسة الكهنوتية مستقبلا. كان نيافته يفكر أيضاً ببدء تأسيس الكنيسة في الصين واليابان وذلك لكي يعيد أمجاد كنيسة المشرق النسطورية وبعثاتها في هذه البلاد كما كانت في القرنين السابع والثامن الميلاديين. مع تسلمه مهامه في الهند بدء الاتصالات بهذين البلدين حيث كتب رسالة إلى البروفيسور Prof. Dr. Sakae Ikeda)) الياباني لغرض إعادة فتح إرسالية الكنيسة الشرقية النسطورية في اليابان، وهذا نص الرسالة التي كتبها نيافة مار توما درمو إلى البروفيسور الياباني بتاريخ 17 تشرين الثاني 1953:ــ

{عزيزي دكتور إيكيدا، أضنكم تعلمون بنيتي لزيارة بلدكم اليابان. نحن الآن نأخذ هذا الموضوع محمل الجد، أرجو مساعدتكم لي في قضية الحصول على تأشيرة الدخول. ربما نجد هناك بعض الشباب يمكن تدريبهم لخدمة الكنيسة، وبعد أن يتلقون التعليم الكافي نقوم برسامتهم كهنة وشمامسة أو ربما حتى الدرجة الأسقفية لأننا ننوي إحياء الكنيسة الشرقية الرسولية العريقة في اليابان مرة ثانية، سوف نقوم بكل ما في استطاعتنا لأجل هذا الهدف. التي بعد نموها وتقدمها في لذلك البلد لقرون، لكن لسوء الحظ اضمحلت ومالت شمسها إلى الزوال. نحن نصلي بحرارة وإيمان راسخ بأن النعمة الإلهية ستحيي هذه الكنيسة وتعيدها إلى مجدها السابق في بلدكم اليابان. أرجو الإجابة على وجه السرعة لكي أقوم على ضوء إجابتكم بإعلام قداسة البطريرك بالموضوع لنتخذ الخطوات اللازمة لإكمال هذا الهدف النبيل لتكن نعمة الرب معكم} [2]

عزيزي القارئ أمام هذا التقدم الهائل والسريع لكنيسة المشرق النسطورية في الهند والأعمال الجبارة التي قام المطران مار توما درمو في هذه الفترة القياسية، كان الشيطان قد خسر الكثير من مواقعه وكان يترنح تحت ضربات أحباء الله في هذا البلد الكريم. لذلك قام الشيطان بتجميع فلوله المهزومة وتنظيم قواته والبحث عن أدوات أخرى لمحاربة هذه الكنيسة لوقف عجلة تقدمها. فوجد ضالته المنشودة في الطرف الآخر البعيد من العالم في الولايات المتحدة الأمريكية وفي شخص القس مانو أوشانا سكرتير البطريرك حيث قام هذا الكاهن بتاريخ 2 آذار 1961 بكتابة رسالة من مدينة تورلوك/كاليفورنيا إلى أحد العلمانيين يخبره فيها عن قلق قداسة البطريرك مار إيشاي من الأعمال والتصرفات التي يقوم بها المطران مار توما درمو. بدأ الرجل الذي استلم هذه الرسالة بإشاعتها شيئاً فشيئاً بين المؤمنين. تلبدت سماء كنيسة الهند بالغيوم السوداء بعد تسع سنوات من الاستقبال للمطران مار توما درمو لدى دخوله مدينة تريشور يوم 22 حزيران 1952. لكن المطران لم يظهر للمؤمنين ما كان يدور بينه وبين البطريرك من مراسلات وكانت باللغة السريانية وحتى المقالات التي كان تظهر في المجلة كانت باللغة السريانية والتي كان غالبية المؤمنين لا يجيد قراءتها.

5. القشة التي قصمت ظهر الجمل:

في شهر آب من عام 1955 كان البطريرك مار إيشاي شمعون في زيارة إلى لندن لتفقد عائلة أخيه سرجون باشا، وكانت زوجة سرجون باشا على وشك أن تضع مولودها البكر، أجرى الصحفي الانكليزي كانون دوغلس والذي كان صديق البطريرك مقابلة معه في مجلة (Church Times) ونشرت المقابلة يوم 17 آب 1955 وجاء في الفقرة الثانية من المقابلة وعلى لسان البطريرك:-

[بأنه هنا في لندن ينتظر زوجة أخيه سرجون باشا لتضع مولودها البكر لكي يعمده ويضع عليه اليد ليكون البطريرك المقبل لهذه الكنيسة حسب الموروث، لأن البطريركية في كنيسة المشرق النسطورية قد أصبحت وراثية في عائلة المار شمعون لقرون خلت].

وجاء في الفقرة التي تلتها بأن زوجة سرجون باشا وضعت مولودها البكر أنثى وليس ذكراً كما كان متوقعاً. وضع أحد الآشوريون المقيمون في لندن نسخة من هذا العدد لمجلة (Church Times) في مظروف وقام بإرسالها إلى مار توما درمو مطران الهند، وصلت المجلة إلى الهند يوم 26 آب 1955 ولدى قراءتها انفجر المطران غضباً كالبركان الهائج وكتب مقالة ضد رسامة طفل عمره يوم واحد ليكون بطريركاً للكنيسة تحت عنوان "بطريرك من بطن أمه" نشرنا صورة المقال في الحلقة الماضية. قام شخص بإرسال نسخة من المجلة مرفقة مع رد المطران مار توما درمو يتساءل فيه [هل تعتقد قداستكم بأن كنيسة المشرق تسمح رسامة طفل عمره يوم واحد بطريركاً لها؟ هل هناك قانون يسمح بهذا الإجراء؟ كلا، لا يوجد هكذا قانون ولن تسمح الكنيسة به أبداً، وخاصة نحن نعيش في القرن العشرين الميلادي] [3]

وصلت نسخة من المجلة مع رد المطران مار توما درمو إلى يد البطريرك يوم 5 أيار 1960 وشعر البطريرك بأن هذا الرد هو إهانة كبرى له واستمرت الحرب الإعلامية بين المطران والبطريرك. قرر البطريرك مفاتحة مؤمني كنيسة الهند بجميع هذه المراسلات بضمنها رسالة القس مانو أوشانا المار ذكرها. كان مجلس الكنائس العالمي [4] مقرراً أن يعقد اجتماعه الثالث في نيو دلهي في شهر كانون الأول سنة 1961،  ظن الكثير من أبناء الكنيسة في الهند بأنها فرصة ذهبية لدعوة البطريرك لحضور اجتماع مجلس الكنائس العالمي، ثم يقوم بزيارة أبرشية الهند بهذه المناسبة ويتم تصفية الخلاف بينه وبين المطران. لكن مار توما درمو لم يكن متحمساً للفكرة بحجة أن البطريرك سوف يقوم بتشكيل تكتل مؤيد له من مؤمني الهند لمعاداة المطران. كان مار توما درمو يفضل عقد مجمع سونهادوسي لحل هذه الأمور وبحضور جميع أساقفة الكنيسة في أي بلد يختاره البطريرك.

على أية حال حضر البطريرك اجتماع مجلس الكنائس العالمي في نيو دلهي في كانون الأول 1961 وكان المطران مار توما درمو في استقباله في مطار بالام في نيو دلهي وبعد الانتهاء من الاجتماع قام البطريرك بزيارة تريشور ومدن أخرى واستقبل بحفاوة وتكريم منقطع النظير فاق استقبال المطران عام 1952 خاصة أنها كانت أول زيارة لبطريرك كنيسة المشرق للهند. قابل البطريرك رئيس الوزراء الهندي جواهر لال نهرو، كان المطران يرافق البطريرك في جميع جولاته وكانا يتظاهران أمام الملأ بأنهما على اتفاق تام، غادر البطريرك مدينة تريشور يوم 9 كانون الثاني 1962 متجهاً إلى طهران/إيران، ظن البعض أن الأمور قد سويت وأن المياه قد عادت إلى مجاريها، لكن الحقيقة كانت عكس ذلك حيث ظلت النار متقدة تحت الرماد وتركت هذه الزيارة مؤمني أبرشية الهند في حيرة من أمرهم، وحدث ما كان يخشاه المطران حيث حدث شرخ في أبرشية الهند وانقسمت إلى حزب موالي للمطران وآخر موالي للبطريرك. وظل المطران يطالب بعقد مجمع للسنودس يحضره جميع أساقفة الكنيسة. لكن هذا المجمع لم يعقد إلى أن غادر الرجلان إلى الديار الأبدية.  

استمرت الحرب الإعلامية وتبادل التهم بين المطران والبطريرك، وكان البطريرك يعزي سبب عدم عقد مجمع للسنودس هو عدم وجود الأموال الكافية للكنيسة لنقل جميع الأساقفة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهم كل من 1. مار يوسف خنانيشو 2. مار توما درمو 3. مار إيشو سركيس 4. مار أندريوس يهبألاها، حيث كان البطريرك ممنوع من الدخول إلى الأراضي العراقية منذ عام 1933.

في حين كان المطران يرد على هذه الادعاءات، من أين لك المال لتقوم بجولاتك المكوكية في دول الشرق الأوسط؟ وتسكن أرقى الفنادق؟ ورحلات خالك المتكررة إلى لندن (ساليق وقطيسفون الخال وابن أخته) بحجة مرض العيون ومن هناك يسافر سراً إلى أمريكا للالتقاء بك دون علم السلطات العراقية؟ ننشر مع في هذه الحلقة نسخ من هذه التقارير.

عزيزي القارئ اقرأ في الحلقة القادمة:-

 * عقد المجمع المسكوني الفاتيكاني الثاني وتمثيل الكنيسة الشرقية النسطورية فيه سنة 1963.

* تغيير التقويم اليولياني إلى التقويم الغريغوري بتاريخ 28 آذار 1964.

* وماذا حدث في كاتدرائية مار زيا الطوباوي في بغداد يوم عيد السعانين 1964.

 

قائمة بالكتب المنشورة في مطبعة مار نرساي في تريشور للفترة 1954 – 1963

 

صورة لمثلث الرحمات مار توما درمو بالزي الرسمي أثناء خدمة القربان المقدس في الهند

 

عدم وجود أموال لعقد السينودس ( باللغة السريانية )

وجود آلاف الدولارات لسفر البطريرك وخاله

 

مرض العيون الذي لا شفاء منه

 

المراجع:

1. مظالم الخال وابن أخته ضد قوانين الكنيسة وأبنائها.

2. الأعداد الكاملة من مجلة "قالا من مذنخا"  للأعوام 1958 – 1966.

3 .    A Biography of Mar Thoma Darmo, Cochin 1974

4 . Bulletin of the John Rylands University Library of Manchester Vol. 78 No. 3 Autumn 1996

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] See Mar Narsai Press , by Dr. Mar Aprem , Bulletin of John Rylands University Library of Manchester PP. 171 - 179.

 [2]A Biography of Mar Thoma Darmo , Cochin 1974 Pages 40 41

[3] "كنيسة المشرق والبطريركية الوراثية"، مطبعة مار نرساي، 1963 ص 19

[4] تجدر الإشارة هنا بأن كنيسة المشرق النسطورية كانت أحد الأعضاء المؤسسين لمجلس الكنائس العالمي. حيث أسس المجلس عام 1948 في مدينة أمستردام، وحضر البطريرك مار إيشاي شمعون المؤتمر التأسيسي وجميع المؤتمرات اللاحقة.

 

 

                     للإطلاع على الحلقة السابقة إنقر هنا 1، 2، 3، 4

   Copyright ® 2007 www.karozota.com

             Österns Gamla Kyrka