SV الرئيسية تاريــخ لاهــوت   نشاطات أخبار سؤال وجواب  

تعازي وأحزان

شارك الآخرين أفراحك

إن الديانة النصرانية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

إقرأ المزيد عن الكنيسة

إنجيل الاسبوع

 

سؤال الشهر

 

مــيــديا

 

تـــقـــويــم

 

مــشــاركات

 

أرشيف

 

تـــحــميل

 

روابــــط

 

إتصل بـــنـــا

 

وصية

 جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا. كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.

 

 

 

 

حلقة (2)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحركات المناوئة للبطريركية الوراثية:

كما ذكرنا في الحلقة السابقة، منذ أن أصبحت بطريركية كنيسة المشرق وراثية في عائلة بيت أبونا قامت حركات مناوئة. حاول روادها إعادة البطريركية إلى نصابها الصحيح، انتخابية وحسب القوانين السونهادوسية العريقة لكنيسة المشرق. إلا أن هذه الحركات غالباً ما كانت مصحوبة بالعنف وسفك الدماء الزكية وبعضها نتج المزيد من الإنشقاقات.

1. حركة آل نمرود: كان البطريرك مار شمعون روئيل قد سقط من على ظهر فرسه في شهر تشرين الثاني 1902. وأصابه الشلل النصفي نتيجة النزف الدموي الذي أصابه. ولم يشفى البطريرك من هذه الاصابة بالرغم من جلب الدكتور أوشانا في ربيع 1903 من أورميا إلى قوذشانوس لمعالجته. لكن البطريرك مار روئيل شمعون توفي متأثراً بإصابته  يوم 29 آذار 1903. كان البطريرك في يوم  15 آذار 1903 قد قام برسامة بنيامين إلى درجة المطران فوليط ، رافعاً إياه من هيبذياقنا (الشماس الرسائلي) إلى مطران في يوم واحد. كان الهدف من هذه الرسامة السريعة ليؤمن ويؤهل البطريرك أحد أفراد العائلة للدرجة ناطر كرسي خوفاً من حدوث فراغ، لأن مار أوراها ميطرافوليط القلاية البطريرك كان في الموصل آنذاك مع بقية أفراد آل نمرود ومار يهبألاها أسقف برواري لبحث إمكانية الاتحاد مع الكنيسة الكلدانية [1].

بدأت الترتيبات اللازمة لرسامة بطريرك جديد ليحل محل البطريرك مار روئيل المتوفى، كانت الأحقية لهذا المنصب، للمطران مار أوراها ابن أخ نمرود أو ابن عمهم الثاني القس يوسف لكن لسوء حظهما كانا في هذه الأثناء في الموصل. كان موقف مار بنيامين ضعيفاً حيث لم يكن يؤيده أحد من العشائر الآشورية الكبرى. لذلك وحسب مشورة المستر براون مسؤول إرسالية الكنتربوري في قوذشانوس تم عقد قرآن رومي الأخت الكبرى لمار بنيامين إلى شليمون ابن ملك اسماعيل (التياري العليا) وبذلك ضمن مستر براون تأييد هؤلاء على الأقل. بعث المستر براون برسالة مستعجلة إلى الشيخ صادق (آغا نيري) طالباً سرعة إرسال مار اسحق خنانيشوع مطران روستاقا لغرض رسامة بنيامين إلى الدرجة البطريركية.

وصل المطران خنانيشوع إلى قوذشانوس يوم 10 نيسان 1903. في مساء يوم  قبل الرسامة ظهرت مجموعة من الرجال المسلحين على قمم الجبال المغطاة بالثلوج مقابل قوذشانوس وظن الناس أنهم رجال من تياري السفلى مرسلين من قبل نمرود لمنع رسامة البطريرك. وتم على وجه السرعة إرسال بعض المسلحين لتحري الأمر ولكن ظهر أنهم رجال من قبيلة ديز قادمين لمساندة ودعم رسامة بنيامين.

تمت رسامة مار بنيامين [2] إلى السدة البطريركية لكنيسة المشرق النسطورية في كنيسة مار شليطا في قوذشانوس صباح يوم الأحد 12 نيسان 1903، من قبل مار اسحق خنانيشوع ميطرافوليط روستاقا يعاونه بعض الكهنة والشمامسة بدون حضور أي من رؤساء العشائر الآشورية المستقلة في تياري وحكاري عدا تياري العليا وذلك نتيجة المصاهرة كما مر ذكره.

عاد آل نمرود من الموصل إلى قريتهم قوذشانوس لكن العلاقة بينهم وبين البطريرك الصغير ذو الستة عشر ربيعاً ظلت متوترة. وعلى أعتاب نشوب الحرب الكونية العظمى، ازداد تردد ضباط استخبارات الدول الأجنبية إلى البطريركية في قوذشانوس وتوددهم إلى البطريرك الشاب مما أثار شكوك والي وان عبدالله باشا وقائمقام جولمرك حول الموضوع، وقام الوالي عبدالله باشا بكتابة رسالة إلى الملك خوشابا طالباً إليه بعدم القيام بأية حركة ضد الحكومة التركية التي قررت القيام بالعديد من الإصلاحات في مناطقهم. كتب الملك خوشابا للوالي بأن الآشوريين مخلصين لدولتهم العثمانية وكل ما يدعيه الأكراد بصدد اتصالاتهم بالدول الأجنبية غير صحيح. إلا أن ترك المار شمعون مقره في قرية قوذشانوس واللجوء إلى عشيرة ديز جعل الأتراك يشكون في صدق أقوال ملك خوشابا. لذا اضطر ملك خوشابا إلى كتابة رسالة أخرى باللغة إلى القنصل الألماني في الموصل. بصفته قنصل حليفة المانيا ليتدخل ويقنع الأتراك بأن الآشوريين أبرياء من التهم الملصقة بهم. إلا أن القنصل أجابه بأن عدم براءة الآشوريين قد ثبتت لدى الدولة العثمانية من مضمون رسالة المار شمعون إلى الروس التي ضبطت مع الساعي الآشوري على الحدود الإيرانية التركية. والتي يطلب فيها السلاح للقيام ضدها وبما أن المار شمعون يمثل جميع الآشوريين فإنهم يعتبرونهم خونة الدولة العثمانية، ولذا ليس في مقدوره أن يعمل أي شيء لمساعدتهم. وفي نفس اليوم الذي استلم ملك خوشابا هذه الرسالة وصلت سورما خاتون شقيقة المار شمعون ومعها الأسقف مار يوسف خنانيشوع إلى قصر ملك خوشابا، الذي اطلع سورما على رسالة القنصل الألماني والتي كانت تجيد الانجليزية. وبعد الانتهاء من قراءتها سألها ملك خوشابا إن كان مضمونها صحيحاً، وبعد صمت قصير ردت بالإيجاب مدعية بأنهم اضطروا للقيام بذلك ولم يكن لديهم الوقت الكافي لإخبار الجميع بما قاموا به لأن الأتراك والأكراد بدأوا يتهيئون لمهاجمة الآشوريين. وهكذا أصبحت نوايا المار شمعون وعائلته وسكان قرية قوذشانوس مكشوفة وواضحة فتركوا قريتهم ملتجئين إلى عشيرة ديز ولم يبقى فيها إلا نمرود ابن عم المارشمعون وعائلته والذي رفع العلم التركي على داره لأنه أعلن ولائه للحكومة التركية.

هناك شهود أعيان كثيرون سجلوا شهاداتهم عن الحادثة المروعة لقتل آل نمرود، لكننا نكتفي هنا بتسجيل شهادتين منها:-

أـ شهادة عزيز آغا شوو البازي [3]: في 19 أيار 1915 أمر المار بنيامين شمعون زمرة مكون من 40 رجلاً من عشائر باز وديز وتخوما وبقيادة نفر من الذين يعتمد عليهم، بالذهاب إلى قوذشانوس وقتل جميع الذكور من عائلة آل نمرود وأولاد أعمامه وذلك لأن نمرود رفض الانصياع إلى أوامره بمعاداة الدولة العثمانية وبقى مخلصاً لها ولم يترك قريته قوذشانوس رافعاً العلم التركي على داره كمواطن تركي. ويعتقد أنه أراد القضاء على نمرود قبل أن تنتشر أفكاره تلك بين العشائر الآشورية فتبقى على الولاء للحكومة، في الوقت الذي كانت رسالة المار شمعون إلى الروس قد ضبطت من قبل الأتراك مما يجعله يتحمل المسؤولية وحدة أمام الدولة العثمانية من جهة ويخفق أمام أصدقائه الروس والانجليز إذا لم ينجح في تنفيذ تعهده في تحريض الآشوريين على الوقوف ضد الدولة العثمانية من جهة أخرى. فتحرك هؤلاء الرجال من ديز إلى قوذشانوس وعند وصولهم إلى دار نمرود قالوا له أنهم جاءوا ليأخذوهم إلى عشيرة ديز لمصالحتهم مع ابن عمهم المار شمعون. فأجاب نمرود الذي كان مريضاً وطريح الفراش بأنه سيلبي طلبه وبكل ترحاب وأمر بإعداد الطعام والمأوى لهم حتى اليوم التالي لكي يتسنى لأفراد العائلة الاستعداد للسفر. وفي اليوم التالي طلب هؤلاء الرجال الاجتماع بآل نمرود في دار المار شمعون المتروكة في قوذشانوس. وعند دخولهم تلك الدار القي القبض عليهم وشدّت أيديهم وأرجلهم بالحبال وجرى تعذيبهم بوحشية. فقال لهم آل نمرود: "إذا كان هذا هو شكل المصالحة التي تنوون إجراءها نسترحمكم أن تسمحوا لنا بثلاثة دقائق فقط لنؤدي فيها صلاتنا الأخيرة" إلا أن هؤلاء الرجال القساة فتحوا نيران بنادقهم على أولائك الشبان المغلوبين على أمرهم وأردوهم قتلى يتخبطون في دمائهم في نفس الغرفة التي كان المار شمعون يجلس فيها. ثم رجعوا إلى دار نمرود وقتلوه في فراشه كما قتلوا يوناثان ابن شقيقته على السلم أثناء نزوله من الطابق الثاني بسبب سماعه صوت البنادق. وبعد ذلك شدوا كل شخصين من الباقين معاً بالحبال بحجة أخذهم إلى عشيرة ديز، بما فيهم شليطا ابن نمرود الذي كان شاباً وسيماً قوياً ومثقفاً. إلا أنهم أطلقوا النار عليهم في الطريق وقتلوهم جميعاً ما عدا شليطا الذي تمكن من الهروب والإختفاء خلف الأشجار في الغابة بعد إصابته بجرح بليغ في بطنه. كان شليطا يضمد جرحه بقطع من ثيابه وهو يسير في الليل حتى وصل قرية ترفونس حيث كانت تسكنها خالته (نابط) التي سهرت عليه وحاولت إسعافه دون جدوى حيث توفي متأثراً بجراحه. وكذلك مات 28 نفراً من أفراد تلك العائلة المنكوبة من النساء والأطفال من جراء البرد والجوع وعدم وجود من يقدم لهم العون خوفاً من أنهم قد يلاقون نفس المصير. وكان ضمن من هلكوا المطران مار اوراها ابن أخ نمرود والذي كان المرشح الأول ليكون بطريركاً بدلاً من المار شمعون بنيامين إلا أن عائلة بنيامين كانت أقوى نفوذاً من عائلة نمرود التي كان لها الحق الشرعي في الحصول على البطريركية حسب عرف العشائر الآشورية ولذا استحوذت عائلة بنيامين على هذا الكرسي لنفسها. فمات مار اوراها جوعاً وعطشاً حيث كان يصرخ ويطلب كأساً من اللبن مقابل ختمه الديني الذهبي والذي كان يقدر بـ 14 ليرة تركية. إلا أن أحداً لم يجرؤ على مساعدته بالرغم من مرضه، فمات في قرية مار اوراها على نهر الزاب، وهكذا كانت نهاية هذه العائلة المنكوبة. وبعد خمسة أيام من مقتل نمرود وعائلته جاء إلى قوذشانوس المار شمعون ومعه ثلة من الجنود قوازق الروس وعدد من اتباعه الذين أخذوا يطلقون رصاص الفرح في الهواء ابتهاجاً بينما كانت جثث أولئك المنكوبين من أفراد عائلة نمرود منتشرة في أروقة قوذشانوس تنهش فيها الطيور الجارحة والضواري. انتهزت امرأة من آل نمرود بقيت على قيد الحياة هذه الفرصة فصارت تهاجم المار شمعون وتشتمه بغية استفزازه ليأمر بقتلها لأنها فضلت الموت على الحياة بعد مشاهدتها لتلك الجريمة البشعة التي ارتكبت على مرأى منها.

ب – شهادة الشماس اوراها ابن كليانا موشي [4]: كان الشماس اوراها كليلنا موشي يخدم كنيسة مار بنيامين، توفي في خابور/سوريا عام 1969، حيث أدلى بشهادته عن هذه الحادثة قائلاً: تم اختياري مع مجموعة من الحرس الخاص لمار بنيامين، الذي كان قد ترك قوذشانوس في أوائل شهر حزيران 1915 لاجئاً إلى عشيرة ديز لتجنب إلقاء القبض عليه من قبل الجيش التركي. اختار سراً (10 – 12) شخصاً من الذين يعتمد إليهم وكان حاضراً في ذلك المجلس كل من دانيال ابن ملك إسماعيل تياري العليا، سيفو كينا من بني لاكبا وردا التياري، القس نويا البازي، زيا و بثيو البازيين، القس ججي ومكو من تخوما واشخاصاً آخرين من عشائر مختلفة. بدأ المار شمعون بالحديث، وكان يلوم عائلة نمرود التي تمردت على رئاسته وزرعت الشقاق في الأمة حسب زعمه. وأرسل هؤلاء الرجال المختارين إلى قوذشانوس لجلب آل نمرود لغرض المصالحة كما قال لنا. فرحنا كثيراً عند سماعنا عن المصالحة وخرجنا من ديز حوالي أربعون رجلاً مسلحاً، وفي منتصف الطريق بينما كنا نأخذ قسطاً من الراحة من تعب الطريق وقبل مواصلة السير قيل لنا بأننا ذاهبون لقتل جميع رجال آل نمرود بأمر من البطريرك مار بنيامين. عند وصولنا إلى قوذشانوس نزلنا في دار مار بنيامين، دخل ثلاثة رجال إلى دار نمرود وقالوا له نحن رؤساء العشائر قد أرسلنا المار شمعون لإجراء المصالحة بينكم وبين بيت مار شمعون. وقررنا أن يكون الإجتماع في دار مار شمعون بالرغم من عدم وجود البطريرك فيها. رحب نمرود بالأشخاص الثلاث وثمن عالياً مسعاهم لإجراء المصالحة وأحضر الطعام وقام بواجب الضيافة حسب العرف العشائري وبعد تناول طعام الغداء، دخل رجال آل نمرود إلى دار المار شمعون حسب الاتفاق، تم إلقاء القبض على ثمانية شباب ورجلان وربطهم بالحبال، ودخل إثنان من رجال مار شمعون إلى غرفة نمرود حيث كان مريضاً طريح الفراش وأطلقا عليه النار وأردياه قتيلاً. وخرجت الزكرة زمعها رجال آل نمرود موثوقين بالحبال ومجردي السلاح وأخذوهم إلى جبل "طرشا" وقتلوهم جميعاً، ولا يزال الكلام للشماس اوراها كليانا حيث يردف ويقول، أما أنا فكان معي شليطا حللت وثاقه وسمحت له بالهروب، فهرب وحاول الاختباء بين الأشجار في الغابة إلا أن سيفو التياري فتح علية النار من بندقيته ونال منه مقتلاً. والرجال الذين قتلوا في هذه الحادثة والذين رأيتهم كانوا كل من :- نمرود، دنخا، درياوش، شليطا، عمانوئيل، يوآو، هنارو، يوناثان، شاؤول قليتا وابن استير أخت نمرود. هذه شهادة الشماس اوراها كليانا موشي. وهناك شهود آخرين مثل زومايا إيوو صارو وغيرهم لكننا نكتفي بهذا الحد.

أما أسباب قتل جميع رجال بيت نمرود فيمكن تلخيصها بما يأتي:-

1. للتخلص من المنافسين على كرسي البطريركية حيث كان مار أوراها أحق من بنيامين بتولي هذا المنصب.

2. لإزاحة المعارضين لسياسة إقحام الآشوريين في الحرب العظمى الأولى قبل أن تسري فكرة الرفض بين العشائر الآشورية.

3. ومن يقول أن المار شمعون لم يكن ضالعاً في الجريمة، فلماذا عاد بعد خمسة أيام إلى قوذشانوس مع أتباعه وهم يحتفلون ويطلقون العيارات النارية في الهواء احتفالاً بوصول المساعدات الروسية التافه بين جثث أولاد عمه في أزقة القرية بدل أن يقيم لهم العزاء ويعاقب القائمين بهذا العمل الشنيع، والذين كانوا من المقربين للمار شمعون وكانوا بقيادة كل من القس ججي التخومي والقس انويا البازي وزيا وبثيو البازي.

 

الشهيد نمرود بيك بيث مار شمعون

 

مار روئيل شمعون

 

عزيز آغا شوو البازي

 

المراجع:

1. حقيقة الأحداث الآثورية المعاصرة / يوسف ملك خوشابا، بغداد 2000.

2. كتاب "كليانا" كليانا يونان شيكاغو 1979.

3. History of the Assyrian Church of the East in the Twentieth Century/Mar Aprem Kerala, India 2003

     


1   The Church of the East and The Church of England By J. F. Coakley PP 261 - 263

2  مار بنيامين ابن إيشاي أخو البطريرك روئيل، ولد في قوذشانوس 1886.

3   توفي في بغداد عام 1983.

4   أقرأ المزيد في كتاب "كليانا " تأليف شموئيل كليانا باللغة الآشورية / شيكاغو 1979 ، ص 687 - 698.

 

 

                     للإطلاع على الحلقة السابقة إنقر هنا

   Copyright ® 2007 www.karozota.com

             Österns Gamla Kyrka