SV الرئيسية تاريــخ لاهــوت   نشاطات أخبار سؤال وجواب  

تعازي وأحزان

شارك الآخرين أفراحك

إن الديانة النصرانية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

إقرأ المزيد عن الكنيسة

إنجيل الاسبوع

 

سؤال الشهر

 

مــيــديا

 

تـــقـــويــم

 

مــشــاركات

 

أرشيف

 

تـــحــميل

 

روابــــط

 

إتصل بـــنـــا

 

وصية

 جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا. كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا.

 

 

 

 

حلقة (4)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

3. حركة مار توما درمو مطران مالابار والهند:

تعلمنا من الحلقات الثلاث الماضية عزيزي القارئ بأن البطريركية الوراثية في كنيسة المشرق بدأت بعد وفاة مار طيمثاوس الثاني عام 1332، وانتهى خط بطاركة ألقوش عام 1838عندما تكثلك مار يوحنا هرمز بيت أبونا. بينما انتهى خط بطاركة قوذشانوس عام 1975 حين اغتيل مار أيشاي شمعون الحادي والعشرون [1].  ونلاحظ هنا بأن خط بطاركة قوذشانوس بدأ سنة 1661 بحادثة اغتيال وانتهى سنة 1975 بحادثة اغتيال. وفي هذه الحلقة سوف نبين كيف استطاع المثلث الرحمات البطريرك الخالد الذكر مار توما درمو وبمساندة ودعم ومؤازرة الشعب المؤمن من وضع حد للبطريركية الوراثية، وأعاد إلى كنيسة المشرق البطريركية القانونية والشرعية المنتخبة  سنة 1968. وكان هو (مار توما درمو) أول بطريرك منتخب حسب القوانين السينودوسية بعد 658 سنة من البطريركية الوراثية في البيت الأبوي. 

1. مرحلة الطفولة والشباب: ولد الطفل منصور في قرية صغيرة تدعى "إييل" التابعة لمدينة أورميا (رضائية / إيران) حالياً، يوم 21 أيلول عام 1904 يوم ميلاد سيدتنا وأمنا مريم العذراء. وكان الطفل السادس بين عشرة اخوة وأخوات. كان والده يدعى إيليشاع وأمه شيرين. دأبت والدته منذ نعومة أظافره على تربيته التربية المسيحية الصالحة وكانت تأخذه معها إلى كنيسة القرية صباح ومساء كل يوم فتعلم الصلاة الطقسية وهو لا يزال طفلاً يافعاً وظهرت فيه بوادر الحياة النسكية. وكان عمره ثمان سنوات عندما صار لا يفارق القس داود كاهن كنيسة مار يونان في إييل، لذلك أخذ يميل تدريجياً إلى السلك الكهنوتي. بدأ تعليمه الرسمي في مدارس أورميا عام 1914 لكن نشوب الحرب الكونية الأولى حالت دون إكماله الدراسة مع العديد من أقرانه من بني جلدته. وفي نهاية الحرب الكونية الأولى كان الشعب الآشوري قد فقد البطريرك مار بنيامين وثلثي تعداده السكاني بالإضافة إلى موطنه الأصلي، ووجد نفسه في معسكر بعقوبة للاجئين بالقرب من بغداد.

كان منصور في معسكر بعقوبة يتأمل دائماً بمعاناة شعبه وأسطورة النزوح من موطن الآباء، تسلقهم الجبال الشاهقة والوهاد العميقة هرباً من الأعداء، كانت الغيوم السوداء في كثير من الأحيان تحجبهم من رؤية الأعداء. وكان يؤمن بأن يد الله القدير كانت تحميه وبني جلدته من الهلاك على يد الأعداء.  لقد قتل الآلاف من شعبه في هذه الرحلة الشاقة. لكن الله حفظ منصور لتحمل مسؤوليات أعظم في المستقبل، لقد حرمته الحرب من أعز شيء إلى نفسه ألا وهو تعليمه الأولي لكنه تمكن من تعويض هذه الخسارة كما سنرى لاحقاً. لقد وصل منصور ومعلمه القس داود مع العديد من بني قرية إييل إلى معسكر بعقوبة عام 1919 وتم إسكانه في القسم 27 من الخيم البيضاء في المعسكر، من المفروض أن يكون منصور قد التقى مار أبيمالك طيمثاوس ميطرافوليط الهند لدى زيارته للمعسكر في نفس العام والتي كانت زيارته الأولى لشعبه منذ مغادرته قوذشانوس سنة 1907 متوجهاً إلى الهند كما ذكرنا في الحلقة السابقة. ربما كان مار أبيمالك أيضاً قد رأى الطفل منصور في قرية إييل القريبة من مار بيشو  قرية أبيمالك، حتى لو كانا قد التقيا سنة 1919 في بعقوبة لم يكن يدور في خلد منصور ذو الخمسة عشر ربيعاً بأنه سيخلف مار طيمثاوس كميطرافوليط لبلد بعيد كالهند. وفي السنة التالية عاين منصور رسامة الصبي إيشاي للسدة البطريركية من قبل خاله مار يوسف خنانيشو خلفاً لعمه مار بولس شمعون. كان منصور يرى هذه الرسامة مدعاة للسخرية وكان يتساءل كيف يمكن لطفل في الثانية عشر أن يقوم بالواجبات الروحية كالمعمودية ورتبة القربان المقدس ومراسيم الجناز وغيرها من مسؤوليات الكهنوت العظيمة، بالإضافة إلى قيادة الأمة في هذه المرحلة الحرجة من تاريخها.

أثناء زيارة مار طيمثاوس أبيمالك الثانية إلى العراق، قام برسامة الشاب منصور إلى درجة الشماس الإنجيلي، تمت الرسامة في كنيسة السريان الارثوذوكس في الموصل وذلك في يوم الأحد الثالث للقيامة المصادف 15 أيار 1921، لقد عارض البعض رسامة الشاب منصور إلى درجة الشماس بحجة أنه لا يوجد في عائلته أحداً يحمل درجة دينية، لكن مار طيمثاوس الذي كان في حينه وكيلاً بطريركياً  تجاوز عقبة الرسامة الوراثية التي كانت مستشرية في كافة الدرجات الكهنوتية نزولاً إلى درجة الشماس. لم يكن أحداً  يعلم عدا الله أن هذا الشماس الشاب سوف يخلف راسمه كميطرافوليط لأبرشية الهند.

كان الشماس منصور محظوظاً جداً في الموصل حين التحق بمدرسة الشماس (القس لاحقاً)  يوسف إيليا بيت قليتا لإكمال تعليمه، لقد جلس الشماس منصور وهو في السابعة عشر من عمره على مقاعد الدراسة مع أطفال في السابع والثامن من العمر وذلك لتعويض ما فاته خلال سني الحرب. لكنه بعد سنتين من الجد والمثابرة استطاع أن يكمل كافة المناهج الدراسية وبتفوق بحيث تم تعينه مدرساً في نفس المدرسة، وكان المرحوم مار إيشو سركيس أسقف جيلو أحد تلامذته اللامعين. بالإضافة إلى التعليم في المدرسة الآشورية كان الشماس منصور يعمل ساعات إضافية في المطبعة الآشورية التي أسسها الشماس يوسف قليتا في الموصل. وأشرف على طباعة كتاب ليتورجية كنيسة المشرق، وما اكتسبه من خبرة في الطباعة في سني شبابه ساعده كثيراً في طباعة كتاب صلوات "الخودرا" في الهند في الستينيات من القرن الماضي وذلك لأول مرة ولربما تكون الأخيرة في تاريخ الكنيسة.

في سنة 1926 ترك الشماس منصور الموصل عائداً إلى قريته إييل وعمل هناك ثلاث سنوات ثم غادر إلى قرية المنذر [2] حيث عمل شماساً مع القس بيليبوس (الأسقف مار يوحنا بيليبوس لاحقاً) لمدة سبع سنوات، كان بذلك الشماس منصور قد تجنب تورطه في الصراع الذي نشب عام 1927  بين مار طيمثاوس والقس يوسف قليتا من جهة والبطريرك ومار يوسف خنانيشو من جهة، حيث كان من المؤكد أنه يلزم جانب معلمه وراسمه ضد الطرف الآخر، لكن ما تمكن من تجنبه عام 1927 لم يمكن تجنبه عام 1960 حيث قاد الكفاح المرير ضد مار إيشاي شمعون وخاله مار يوسف خنانيشو وتمكن في وضع نهاية للبطريركية الوراثية في الكنيسة كما سنرى لاحقاً.

على أثر أحداث سنة 1933، نفي البطريرك إلى قبرص وغادر الكثير من الآشوريون العراق للاستقرار في سورية، هاجر الشماس منصور إلى سورية سنة 1936 واستقر على ضفاف نهر الخابور وسكن قرية تل شميران أولاً ثم قرية تل جزرة، لقد عمل خلال الستة عشر عاماً التي قضاها في سورية في خدمة المؤمنين الذين كان الكثير منهم يجهل حتى القراءة والكتابة بلغته الأم، وكان الراهب منصور (كما كان يسمى في قرى خابور) يتنقل من قرية إلى أخرى حاملاً على ظهره الكتب والقرطاسية اللازمة لتعليم الأطفال. بالإضافة إلى التعليم كان يعمل في الزراعة وقد زرع أنواع كثيرة من أجود الكروم في حقله وكذلك كان يزرع القطن وبقية المحاصيل الأخرى وعندما أصبح مطراناً للهند أرسل نوع من الكروم لم يكن موجوداً في سوريا ليزرع في حقله، كان ينوي السفر إلى سورية لرؤية الكروم التي زرعها في شبابه لكن هذه الأمنية لم تتحقق. كان تجمع الآشوريين على ضفاف الخابور تعوزه القيادة الدينية حيث لم يكن هناك أي أسقف ليرعى الشؤون الروحية، وكانت القيادة المدنية تتكون من ملك ياقو اسماعيل الذي كان عميل للبطريرك ومنافسه ملك لوكو بداوي. كان الشماس منصور يقف إلى جانب ملك ياقو اسماعيل وقد قام سنة 1948 بكتابة رسالة إلى البطريرك مار إيشاي شمعون الذي كان مقره في شيكاغو آنذاك يعلن فيها مساندته للبطريرك ويدين ويشجب  أعمال ملك لوكو بداوي [3]. كان البطريرك في هذه الأثناء يبحث عن رجل متعلم وأعزب لكي يرسمه مطراناً ليملأ الفراغ الذي أحدثته وفاة مثلث الرحمات مار طيمثاوس أبيمالك مطران الهند منذ عام 1945. وقع الاختيار على الراهب منصور لملء هذا الشاغر، وحظي هذا الاختيار بموافقة كل من مار يوسف خنانيشو وملك ياقو اسماعيل، هناك شيء مؤكد وهو أن الراهب منصور لم يكن يوماً يطمح إلى تبؤ المراكز الدينية، وإلا لكان على الأقل قد رقي إلى الدرجة الكهنوتية منذ زمن بعيد. لقد اكتفى بخدمة الكنيسة كشماس لمدة 31 سنة والعمل على تعليم الأولاد بالإضافة إلى عمله في الزراعة ليعيل أيتام إخوانه المتوفين، لم يكن متزوجاً ولم يأكل اللحم طيلة حياته لكنه لم يطمح يوماً بالدرجة الأسقفية لأنه لم يكن في عائلته أحداً قد ترقى إلى هذه الدرجة سابقاً. كما لم تكن كنيسة الهند قد سمعت بالشماس منصور الذي كان مار طيمثاوس أبيمالك قد رسمه سنة 1921، كلما في الأمر أن كنيسة الهند كان تريد مطراناً ليدير شؤونها والتدبير الإلهي هو الذي هيأ هذا المطران.

2. السفر إلى أمريكا والاستعداد لنيل الدرجة الميطرافوليطية: استطاع الراهب منصور من الحصول على جواز سفر سوري بمساعدة ملك ياقو اسماعيل [4]  بالرغم من إلمامه باللغات الفرنسية والسريانية والكردية والعربية والتركية إلا أنه لم يكن يتقن الإنكليزية آنذاك، بالإضافة إلى جهله التام بالملايالم لغة الشعب الذي تم اختياره ليكون ميطرافوليطاً له. لكن حاجته الملحة كانت تعلم الإنكليزية لأنه كان مزمعاً للسفر إلى أمريكا. في شباط من عام 1952 سافر إلى أمريكا لتقبل الرسامة على يد مار إيشاي شمعون،  بما أنه لم يسبق له السفر خارج دول الشرق الأوسط، كانت هذه فرصة  فريدة له لرؤية العالم المتمدن.

وصل الراهب منصور إلى أمريكا بسلام  وبالرغم من حواجز اللغة استطاع أن يلتقي العديد من أصدقائه وأقربائه في أمريكا للمرة الأولى بعد مغادرة موطنه الأصلي، وقام بزيارة العديد من الأبرشيات مثل فلينت وشيكاغو وسان فرنسيسكو وتورلوك وكاري. وفي يوم 23 آذار 1952 تمت رسامته كاهناً وخورأسقفاً وأركذياقون وذلك في الكنيسة الأسقفية في شيكاغو. وفي نفس اليوم تمت رسامة آشوري آخر وأمريكي ضرير إلى الدرجة الكهنوتية مع الراهب منصور لكنهما تركا هذه الكنيسة لاحقاً بسبب اختلافهما مع البطريرك مار إيشاي شمعون. وشارك في الرسامة أيضاً مار يوحنا وهو أسقف آشوري ينتمي إلى الكنيسة الارثودوكسية اليونانية. بعد الانتهاء من الرسامة وخدمة القربان المقدس قام البطريرك أثناء موعظة بليغة له بالإعلان أن الاركذياقون منصور درمو هو المطران المرتقب لأبرشية الهند وسوف يتم ترقيته إلى الدرجة الميطرافوليطية قريباً. من بين 325 شخصاً الحاضرين في هذه الرسامة كان هناك الكثير من القادة الدينين والسياسيين في مدينة شيكاغو مثل القنصل البريطاني ميكافيرين والاب الدكتور هاوارد كنيدي والبروفسور براون عميد المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو. ومما تجدر الإشارة هنا أن رعية تريشور في ملابار/الهند وعلى بعد آلاف الأميال احتفلت أيضاً بهذه المناسبة بإقامة الذبيحة الإلهية في نفس اليوم والتضرع لوصول هذا المطران لأبرشيتهم بسلام. تم تعيين يوم الأحد 4 أيار 1952 موعداً لرسامة الاركذياقون منصور درمو إلى الدرجة الأسقفية وبدأت الترتيبات اللازمة لهذه الرسامة. وتم اختيار كنيسة مار أداي الرسول في مدينة ترلوك ولاية كاليفورنيا المبنية حديثاً لإقامة هذه الرسامة فيها. مما أدخل الفرحة في قلوب آشوريي كاليفورنيا باختيار كنيستهم لهذه المناسبة. تم تعيين لجنة من عشرة أعضاء للإشراف على الرسامة برئاسة الشماس يؤاش قليتا.

في صباح يوم الجمعة 25 نيسان 1952 بدأ البطريرك يرافقه والده داود وأخته هيلين والاركذياقون منصور درمو رحلته بالسيارة من شيكاغو إلى كاليفورنيا كما كان موكب السيارات يضم كل من القس إيشايا صليوة والقس اسحق ريحانا والقس إيشو صياد والشمامسة نيسان كليانا واسحق نونا ومجموعة من القادة العلمانيين مثل انويا هرمز ونرساي سركيس تحرك موكب السيارات في هذه الرحلة الطويلة إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة الأميركية. توقف موكب البطريرك خلال هذه الرحلة الطويلة في كل من مدينة أتلانتيت ولاية أيوا، وجينيي ووايومينج وجرانتزفالي قبل وصوله إلى ساكريمنتو كاليفورنيا حيث لقيتهم لجنة الاستقبال القادمة من تورلوك وأخيراً وصل الموكب إلى تورلوك وتم استقبالهم من قبل لجنة الاستقبال المخصصة وسار الموكب مسافة 8 أميال ترافقه الدراجات النارية لشرطة تورلوك حيث استقبله محافظ تورلوك السيد كريستوفيرسون في مركز مدينة تورلوك في تمام الساعة الخامسة مساءً من اليوم نفسه. ثم ذهب البطريرك مباشرة إلى كنيسة مار أداي الرسول يرافقه ما يقارب 200 شخص، لدى دخوله الكنيسة مع الاركذياقون استقبل بترتيلة الترحيب بالآباء من قبل جوقة الكنيسة وترجل كلمة قصيرة باللهجة الانكليزية اللندنية. كان حدث ووصول البطريرك مع مطران الهند المرتقب إلى كاليفورنيا قبل تناولته وسائل الإعلام بصورة واسعة حيث تم إعلان الحدث في الصحف المحلية المختلفة وإذاعته من محطة الراديو المحلي، كما ظهر البطريرك لمدة 15 دقيقة في تلفزيون كرون الذي يبث من سان فرنسيسكو وعاد إلى تورلوك للاستعداد للرسامة. نظراً للإقبال المنقطع النظير من قبل الآشوريين وغير الآشوريين لحضور هذه الرسامة تم تغيير مكان إقامة مائدة الفطور من قاعة الكنيسة إلى النادي الآشوري الأمريكي في تورلوك، في ليلة السبت 3 أيار 1952 تم إقامة صلاة الليل (شهرتا) في كنيسة ما أداي الرسول، وكتبت صباح اليوم التالي صحيفة تورلوك جورنال عن هذه الخدمة الروحية ما نصه:-

[[ لقد سبقت الخدمة الروحية ليوم الأحد صلاة سهرة ليلية التي وصلت ذروتها صباح هذا اليوم عندما أطل البطريرك بملابسه الاحتفالية البيضاء كالتي كان يرتديها أسلافه في القرن الأول الميلادي وقرأ فصل من إنجيل قديم مخطوط باليد واضعاً إياه على أكتاف المطران المرتسم. بعد قراءة الإنجيل أعلن المطران النذور الأبدية، ووضع البطريرك يده على رأس المرتسم وبدأ يقرأ  فصولاً من ليتورجية الرسامة لهذه الكنيسة العريقة وكانت كلها باللغة الآرامية لغة السيد المسيح وبعد الانتهاء من المراسيم تسلم المطران الصولجان والصليب والمنديل التي تؤهله ممارسة سلطانه الكنسي على أبرشيته، وتقدم الكهنة والشمامسة لتقبيل يمين المطران المرتسم حديثاً، ونيل بركاته. وقام  المطران مار توما درمو بخدمة الذبيحة الإلهية لأول مرة كميطرافوليط والاحتفال بالقربان المقدس، كان الحضور حاشداً ومثـّل الكنيسة الهندية في هذه المناسبة السيد م. ت. جوس ابن السيد م. و. ثوماكوتي أمين كنيسة الهند ]].

خلال موعظته أشار البطريرك إلى مار توما درمو قائلاً: [كان نيافة المطران مار توما درمو قد نذر من قبل أهله لخدمة الله من الطفولة وقد حافظ على نذوره. وربما تكون من محاسن الصدف أو العناية الإلهية أن تكون رسامة الشاب منصور درمو قبل 31 سنة لدرجة الشماس قد تمت أيضاً في الأحد الثالث للقيامة يوم 15 أيار 1921 ومن قبل المثلث الرحمات مار طيمثاوس أبيمالك واليوم يرسم مطراناً ليحل محله على أبرشية الهند]. وتجدر الإشارة هنا أن هذه الرسامة كانت الأولى لهذه الكنيسة العريقة على الأرض الأميركية، أما بالنسبة إلى البطريرك فكانت أول رسامة (ميطرافوليط) له منذ تسلمه السدة البطريركية قبل 32 سنة وذلك عام 1920.  أما بالنسبة لمار توما درمو فكانت هذه الرسامة أهم حدث في حياته منذ رسامته لدرجة الشماس الإنجيلي قبل 31 سنة. وللكثير من الآشوريين كانت هذه أول مرة وربما آخر مرة في حياتهم يشاهدون رسامة شخص إلى درجة الميطرافوليط. تسلم المطران مار توما درمو العديد من رسائل التهنئة بهذه المناسبة من الكنائس الأميركية والكنيسة الأسقفية في أمريكا ومن الكنيسة الهندية التي كانت تشارك في رسامته بالصلوات والتضرعات إلى الله ليصل هذا الراعي إلى أبرشيتهم اليتيمة منذ سبعة سنوات وأربعة أيام من هذه الرسامة عندما غادر المثلث الرحمات مار طيمثاوس أبيمالك إلى الديار الأبدية.

بعد رسامته أمضى نيافته ستة أسابيع في أمريكا يزور الآشوريين المنتشرين في جميع الولايات فقام بتفقد لوس أنجلس بدعوة من الدكتور بيرا بيت مار إيليا، وكان البطريرك مدعواً أيضاً حيث قضى هناك خمسة أيام في ضيافة للدكتور بيرا وعقيلته. بقى الدكتور بيرا بيت إيليا أحد أعز أصدقاء المطران مار توما درمو لحين وفاته. كما قام بزيارة فلينت ميشيغان للقاء ابن عمه، ي. م. يلدا وبهذه المناسبة كتبت صحيفة فلينت جورنال في عددها الصادر يوم 5 حزيران 1952 ما يلي:- [يزور هذه الأيام كنيسة المشرق الرسولية المقدسة في مدينة فلينت مطراناً مرتسماً حديثاً، وذلك يجمعه بابن عم له لم يراه منذ 40 عاماً]. وفي مقابلة له مع هذه الصحيفة قال مار توما درمو [أمريكا هي كحلم مبارك بالحرية والفرص السعيدة وكذلك صلى نيافته للرب ليحفظ أمريكا بنعمته كأمل متجدد للبشرية وأضاف هناك الكثير حول العالم يرتدون الثوب المسيحي لكن ليس باستطاعتهم أن يعيشوا في المسيح]. لم يرى المطران مار توما درمو في حياته في تركيا والعراق وسوريا سوى معسكرات اللجوء والآشوريين الفقراء، لذلك كانت زيارته لأمريكا ممتعة جداً لدى رؤيته الآشوريين المستقرين والأثرياء. كانت فرصته الوحيدة لزيارة البلاد الغربية، غادر الولايات المتحدة متوجهاً للهند يوم 14 حزيران 1952. كان مار توما درمو قد خطط لزيارة أمريكا عام 1969 عندما كان في بغداد، بعد رسامته إلى السدة البطريركية للكنيسة الشرقية، لكن هذه الزيارة لم تتحقق، لو كانت قد تحققت لكانت مثمرة أكثر من زيارته عام 1952.

المرفقات:-

صور من مجلة " قالا من مذنخا " التي كانت تصدر في الهند.

 

صور مختلفة لمثلث الرحمات مار توما درمو.

 

صور من رسائل القس يوسف قليتا إلى البطريرك مار إيشاي شمعون.

 

المراجع:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كتيب "مظالم الخال وابن أخته ضد قوانين الكنيسة وأبنائها" العدد 17 لعام 1967.     

الأعداد الكاملة لمجلة "قالا من مذنخا" للأعوام 1958 – 1966.

A Biography of Mar Thoma Darmo , Cochin , India 1974

         The Church of the East Since 1914 By J.F. Coakley From the Bulletin of the John Rylands University Library of Manchester Vol. 78 Number 3 Autumn 1996.

  ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] غير لقبه إلى الثالث والعشرون بعد استقراره في الولايات المتحدة لأسباب غير معروفة.

[2] هكذا ورد اسم القرية في النص الانكليزي (Al Manther)، انظر A Biography of Mar Thoma Darmo , Cochin 1974 Page 8

[3] يتهمه مناوئيه بأنه كتب رسالة التأييد إلى البطريرك وتظاهر بالوقوف مع ملك ياقو اسماعيل لكي يفوز بدرجة مطرانية الهند ، وإلا لماذا سانده ملك لوكو بداوي في كفاحه ضد البطريركية الوراثية ، وكان يقوم بكل الاستعدادات اللازمة لزيارته إلى سورية عام 1969 والتي لم تتحقق.

[4] كان رقم جواز السفر السوري للراهب منصور  هو 163 الصادر في مديرية جوازات حسكة بتاريخ 17 أيلول 1951.

 

 

                     للإطلاع على الحلقة السابقة إنقر هنا 1، 2، 3

   Copyright ® 2007 www.karozota.com

             Österns Gamla Kyrka