سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

الزواج

 

 

الموسوعة المسيحية العربية الإلكترونية

   

 

العهد القديم

أولاً: الزواج في تدبير الخالق

تنتهي روايتا الخلق بمشهد يقوم عليه نظام الزواج. قي الرواية اليَهودِية (تكوين 2)، يظهر القصد الإلهي صراحة في هذه الألفاظ: " لا يحسن أن يكون الإنسان وحده، فأصنع له عوناً بإزائه " (2: 18). فلا يستطيع الإنسان، وهو يفوق كل الحيوانات (2: 9 ا- 20)، أن يجد هذا العون إلا في تلك التي هي "لحم من لحمه وعظم من عظامه " (2: 21 - 23) لذا فإنه، وهو يترك أباه وأمه يلتصق بها بالحب، يصيران: " جسداً واحداً " (2: 24). على هذا النحو يجد الجنس ، معناه بالتعبير في الجسد عن الوحدة بين كائنين يدعوهما الله للتعاون معاً في حب متبادل. على أن الجنس بعد أن كان في كيانه الأصلي (2: 25) خالصاً من كل شعور بالخجل، سيصير عرضة للاضطراب نتيجة للخطيئة (3: 7)، وحياة الزوجين البشريين سيتربص بها، من الآن فصاعداً، الألم وغوايات الشهوة، والسيطرة (3: 16). إلا أنه بالرغم من ذلك فبالنسبة إلى "أم الأحياء" (3: 20) ستبقى الخصوبة خيراً إلهياً ثابتاً (4: 1 و 25- 26). وأما الرواية الكهنوتية (تكوين 1) فتحمل القليل من عناصر الدرامة. فالإنسان، الذي خلق على صورة الله، ليتسلط على الأرض ويُعمرها، ما هو في الواقع، إلا الزوجان معاً (1: 26- 27). وتبدو الخصوبة هنا وكأنها الغاية بالذات بالنسبة إلى الجنس، الذي هو شيء ممتاز أسوة بالخليقة كلها (1: ا 3). على هذا النحو يظهر الهدف الإلهي من تأسيس الزواج، قبل أن تفسد الخطيئة الجنس البشري.

ثانياً: الزواج في شعب الله

عندما شرع الله في تربية شعبه بإعطائه الشريعة"، لم يكن الزواج على مستوى ذلك الكمال الذي كان عليه قي البداية. ولذا فإن الشريعة من الناحية العملية، توائم مواءمة جزئية بين متطلباتها وبين "قسوة القلوب " (متى 8019). فتعدّ الخصوبة بمثابة قيمة أولى يخضع لها كل الباقي: بيد أنه مع تأكيد هذا الأمر. يحتفظ ترتيب الزواج ببعض آثار عادات الأجداد، البعيدة البعد كله عن الزواج النمطي الأول في تكوين 1، 2.

1. الحب الزوجي والإكراه الاجتماعي:

تتميز النصوص القديمة تميزاً ظاهراً بعقلية يغلب عليها خير الجماعة على خير الأفراد، الذين تفرض عليهم الجماعة قوانينها ومتطلباتها. فالوالدون يزوجون الأبناء دون استشارتهم (تكوين 24: 2- 4، 29: 23، طوبيا 6: 13). وتعتمد الجماعة حصر بعض الزيجات داخل حدود القرابة ( لاويين 18: 6- 19)، أو حظرها خارج حدود الأمة (تثنية 7: 1- 4، عزرا 9). وتكون بعض الزيجات محكوماً عليها بمقتضى ضرورة استدامة العنصر (السلالة)، ومنها إلزام زواج الأرملة التي لا أطفال لها بالقريب الأقرب (زواج السلفة: شريعة عبرانية تفرض على الشقيق أن يتزوج امرأة أخيه المتوفى بلا ذرية (تثنية 25: 5- 10، تكوين 38: 7- 9، راعوت 2: 20 ). وبالرغم من ذلك، فإنه وراء مظاهر الضغط هذه، لا تزال الصفة التلقائية في الحب قائمة بكل حيويتها. فقد يتوافق القلب أحياناً مع قران مفروض (تكوين 24: 62- 67، راعوت 3: 10)، وأحياناً يتّحد رجل وامرأة، لأنهما اختارا أحدهما الآخر (تكوين 29: 15 20، 1 صموئيل 18: 20 26، 25: 40- 42)، في أحوال معيّنة ضد إرادة الوالدين (تكو ين 26: 34- 35، قضا ة 14: 1 - 10). ونجد أسراً يجمعها حب عميق (1 صموئيل 1: 8)، وحالات وفاء يظل مستمراً اختيارياً حتى ما بعد الموت (يهوديت 16: 22). ورغم المهر المدفوع لأسرة الزوجة (تكوين 34: 12، خروج 22: 15- 16)، ولقب السيد أو المالك الذي يحمله الزوج (عبري بعل)، فالزوجة ليست مجرد سلعة يمكن شراؤها وبيعها. فهي تبدي جدارة بتحمل المسئوليات، وتستطيع أن تسهم إيجابياً في نجاح الزواج وفي حسن سمعة زوجها (أمثال 31: 10- 31). وما يقدمه لنا كتاب نشيد الأناشيد هو حب رفيقين حرّين، في حوار عاطفي لا يخضع للضغط. ولو أن أسلوبه مجازي، ويتعلق بحب الله لشعبه، إلا أنه يتحدث عنه بالألفاظ والمواقف الجارية في زمانه بالنسبة إلى الحب (راجع نشيد 1 :12- 17 ،6 : 4- 8 : 4).

2. تعدّد الزوجات والزوجة الواحدة:

إن المطلب الأمثل للخصوبة، والاهتمام بضمان أسرة قوية، لمما يجعلان الرجلَ يشتهي أن يكون له أولاد كثيرون (راجع قضاة 8: 30، 12: 8، 2 ملوك 10: 1)، الأمر الذي يدعوه بصورة عادية إلى طلب تعدد الزوجات. إن المؤلف اليَهودِي، الذي كان مثله الأعلى الزوجة الواحدة (تكوين 2: 18- 24)، يشجب تعدد الزوجات، حينما ينسب أصله إلى مبادرة لامك البربري (4: 19 ). ومع ذلك فإننا نجد على مدى الكتاب، عادة اتخاذ زوجتين (1 صموئيل ا: 2، راجع تثنية 21: 15)، أو سريات، بل وزو جات من الإماء (تكوين 16: 2، 30: 3، خروج 21: 117، قضاة 19: 1، تثنية 21: 10- 14). ويعقد الملوك عدداً كبيراً من القرانات سواء بدافع الحب (2 صموئيل 11: 2- 4) أو المصلحة السياسية (1 ملوك 3: 1)، ومن هنا ظهرت الأحرام " الكبيرة (1 ملوك 11: 3، 2أخبار 13: 21)، حيث يكون الحب الحقيقي مستحيلاً (راجع استير 2: 12-17). إلاّ أن التعلق بامرأة واحدة كذلك، ليس بالأمر النادر ابتداءً من اسحق (تكوين 25: 19- 28)، ويوسف (تكوين 41: 50)، إلى يهوديت (يهوديت 8: 2- 8)، فطوبيا الكبير وطوبيا الصغير (طوبيا 11: 5-15)، مروراً بحزقيال 24: 15- 18)، وأيوب (أيوب 2: 9 10) وتذكر كتب الحكمة أفراح الأسر ذات الزوجة الواحدة وصعابها (أمثال 5: 15- 20، 18: 22، 19: 13، جامعة 9: 9 سيراح 25: 13 إلى 26 : 18) " وصت الواضح أن حب الزوجين، في كتاب نشد الأناشيد، هو حب لا مشاركة فيه. و يشير كل ذلك إلى تطور حقيقي في العادات. وعند ظهور العهد الجديد، أصبحت الزوجة الواحدة هي القاعدة الجارية في الزيجات اليهودية.

3. ثبات الزواج وأمانة الزوجين:

وقد يكون الاهتمام بإنجاب ذرية، الداعي لإدخال الطلاق من أجل حالة العقم. إلا أن تعدد الزوجات كان يُتيح حلّ هذه الصعوبة (تكوين 16). و إذ نظمت الشريعة ممارسة الطلاق، لم تحدد أي "عيب " يسمح للرجل بطلاق امرأته (تثنية 24: 1- 2). إلا أن الحكماء، بعد السبي، أخذوا يتغنون بالأمانة نحو "عروس الصبا" (أمثال 5: 15-19)، ويثنون على ثبات الزوجية (سيراخ 36: 25 27). بل إذ يقرب ملاخي بين عهد (بريت) الزواج وعهد (بريت) يهوه وإسرائيل، يؤكد أن الله "يبغض الطلاق" (ملاخي 2: 14- 16). على أنه بالرغم من هذه المسيرة نحو كمال أكثر ضبطاً، فإن اليهودية المعاصرة للعهد الجديد كانت لا تزال تُسلمَ بجواز الطلاق، ويناقش علماؤهم الأسباب التي يمكن أن تبرره (راجع متى 19: 3). وفيما يتعلق بالأمانة الزوجية، كان العرف (تكوين 38 : 24) وقد صدّقت عليه الشريعة المكتوبة فيما بعد (تثنية 22: 22، لاويين 20: 10)، يعاقب بالقتل المرأة الزانية، هي وشريكها في الإثم. إلا أن تحريم الزنا هذا (خروج 20: 14) كان يهدف،أول ما يهدف، إلى احترام حقوق الزوج، لأن شيئاً لم يكن يُحرِّم صراحةً على الرجل العلاقة بنساء طليقات أو مومسات. ولا غرو، كانت ممارسة تعدد الزوجات من شأنها السماح بمثل هذه الإباحات. غير أنه كما كانوا يتجهون نحو الزواج بواحدة، أخذ يحدث تقدم في هذا الأمر أيضاً، فالزنا محرم على الرجل أيضاً (أيوب 31: 9، سيراخ 9: 5 و8 و 9، 41: 22- 24). وداخل هذه الحدود أخذ الأنبياء يشجبون بشدة ممارسة الزنا (حزقيال 18: 6). حتى ولو كان المذنب هو الملك داود نفسه (2 صموئيل 12). كما حذَّر الحكماءُ من فتنة المرأة الماجنة (أمثال 1:5 -6، 7 :6 -27، سيراخ 9:26-12)، بهدف تهيئتهم للأمانة الزوجة.

4. المطلب الديني في الزواج:

ولو أن الزواج قبل كل شيء وضع من أوضاع الترتيب المدني، ولم تشر النصوص القديمة إلى أية رتبة طقسية معيّنة، فإن الإسرائيلي يعرف جيداً أن الله يقوده في اختيار زوجته (تكوين 24: 42 -52)،وأنه تعالى يتكفّل باسم العهد بفرض الوصايا التي تنظم الزواج(مثل لاويين 18). فتكفل الوصايا العشر، شريعة إسرائيل الأساسية، قدسيّة هذا النظام(خروج 20: 14،راجع أمثال 2: 17). وبعد السبي، يُقدم كتاب طوبيا رؤية روحانية عالية عن الأسرة المهيأة بيد الله (طوبيا 3: 16)، المؤسسة تحت نظره في الإيمان والصلاة (17: 11، 8: 94) طبقاً للنمط الذي يرسمه كتاب التكوين (8: 6، راجع تكوين 2: 18)، والذي حافظت عليه الأمانة اليومية نحو الشريعة (14: 8-13). وإن كمال نموذج الزواج في الكتاب يجتاز، ببلوغه هذا المستوى، النقائص التي كانت الشريعة الموسوية تجيزها مؤقتاً.

العهد الجديد

تسيطر على فكرة الزواج في العهد الجديد، مفارقة حياة يسوع ذاتها: "المولود من امرأة" (غلاطية 4: 4، راجع لوقا 11: 27) الذي بحياته في الناصرة (لوقا 2: 51-52) يقدّس الأمة، على ما كانت مهيّأة عليه في العهد القديم كله. إلاّ أنه وهو المولود من أم عذراء، وقد عاش هو نفسه في البتولية، يشهد لقيمة الزواج السامية.

أولاً: المسيح والزواج

1. الشريعة الجديدة:

إن يسوع برجوعه صراحةً إلى ما وراء شريعة موسى، إلى مقصد الخالق على ما جاء في كتاب التكوين، يؤكد الطابع المطلق قي الزواج، وعدم قابليته لانفصام (متى 19: ا- 9): فالله نفسه هو الذي يُوحَد الرجل والمرأة، مضفياً على اختيارهما الحر تكريساً يفوقهما. إنهما أمامه "جسد واحد"، ولذا فإن الطلاق الذي كان يتغاضى عنه "بسبب قسوة القلوب "، ينبغي حظره في ملكوت الله، حيث يعود العالم إلى كماله الأصلي. وأما استثناء "حالة الزنى" (متى 19: 9)، فهو غير مقصود به على الأرجح، "تبريراً " للطلاق (راجع مرقس 10: 11 - 12، لوقا 16: 18،َ 1 كورنتس 7: 10- 11). وإنما يتعلق دون شك بطرد القرينة غير الشرعية، أو بالحري بانفصال لا يمكن أن يتبعه أي زواج آخر. ومن هنا جزع الرسل أمام صرامة الشريعة الجديدة: "إذا كانت حالة الرجل مع المرأة هكذا، فخيرله آلا يتزوج " (متى 19: 10). إلا أن هذه الصرامة في المبادئ، لا تحول دون معاملة الخطأة برحمة. إن يسوع، مراراً وتكراراً، يلتقي بزانيات وبأناس غير أمناء على مثالية الحب (لوقا 7: 37، يوحنا 4: 18، 8: 3- 5،راجع متى21: 31- 32). فهو يرحّب بهم، ليس تأييدا لسلوكهم، بل ليأتيهم هدايةً وصفحاً، يؤكدان أكثر ما يؤكدان سمو قدر المثل الأعلى الذي خانوه (يوحنا 8: 11).

2. سر الزواج:

إن يسوع لا يكتفي برد نظام الزواج إلى ذلك الكمال الأصلي، الذي كانت الخطيئة البشرية قد شوّهته. إنما يقرّر له أساساً جديداً يضفي عليه معناه الديني في ملكوت الله. فإنه، بالعهد الجديد الذي يؤسسه في دمه الخاص (متى 26: 28)، يصير هو نفسه عريس الكنيسة. ولذا فإن الزواج بالنسبة إلى المسيحيين، الذين صاروا بالعماد هياكل الروح القدس (1 كورنتس 6: 19)، هو " هذا السر العظيم بارتباطه بسر اتحاد المسيح بالكنيسة" (أفسس5: 32 ). فخضوع الكنيسة للمسيح، وحب المسيح المخلص للكنيسة، التي افتداها ببذل ذاته من أجلها، هما القاعدة الحية التي يجب على الزوجين الاقتداء بها. وإنهما لقادران على ذلك، لأن نعمة الخلاص تمسُّ حبهما ذاته، مكرسة له مثله الأعلى (5: 21- 33). فالجنس بطابعه البشري الذي ينبغي تقدير مطالبه بحكمة(1 كورنتس 7: 1- 6)، أصبحت تشمله حقيقة واقعية مقدّسة تتجلى بها صورته.
ثانياً: الزواج والبتولية

يقول كتاب التكوين في 2: 18: "لا يحسن أن يكون الإنسان وحده. إلا أنه تظهر مثالية جديدة في ملكوت الله الني أسسه يسوع. فبعض الناس، في سبيل الملكوت، "سيخصون طواعية أنفسهم " (متى 19: 11- 12). تلك هي مفارقة البتولية المسيحية. فإن بين زمن العهد القديم، الذي كانت الخصوبة فيه تعتبر من الواجبات الأولية ضماناً لاستمرارية وجود شعب الله، وبين ظهور المسيح الثاني المجيد، حيث سيُبطل الزواج (متى 22: 30//)، تقوم صورتان للحياة، متعايشتين معاً في الكنيسة: حياة الزواج التي يتجلّى وجهها بفضل س المسيح والكنيسة، وحياة العزوبة المكرسة، التي يعتبرها بولس الحياة الأفضل (1 كورنتس 7: 8 و 25- 28). فليس المقصود الاستهانة بالزواج (راجع 7: 1)، بل جعل الحياة في ملء سر العرس السماوي، الذي يشترك فيه كل مسيحي مسبقاً بالعماد (2 كورنتس 11: 2). فبالاتحاد بالرب اتحاداً لا مشاركة فيه، بحيث لا يرضى أحد سواه (1 كورنتس 7: 32- 35)، نشهد بأن صورة هذا العالم الحاضر، الذي يرتبط به نظام الزواج، تسير نحو نهايتها (7: 31). وتطلعا ًإلى ذلك يُبدي بولس على الأرجح هذه الأمنية: "الذين لهم نساء فليحيَوا كالذين لا نساء لهم " (7: 29)، والأرامل فلا يتزوجن. إلا أن كل ذلك يخضع في النهاية لإرادة الله: إننا بصدد دعوات متنوعة ومتمِّمة بعضها بعضاً في جسم المسيح. في هذا المضمار، كما في غيره، "كل إنسان ينال من الله موهبة مخصوصة له، فبعضهم هذه وبعضهم تلك " (7: 7، راجع متى 19: 11).

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English