سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

 

   

 
 

للإطلاع على أغلب القصص والحكايات الروحية، نرجو زيارة موقع كاروزوتا على الفيس بوك بالنقر على الرابط/الأيقونة أدناه:

 

لإرسال تأملاتكم وخواطركم:

kasha_yokhanna@karozota.com 

yokhanna_prast@yahoo.se

 

 

 

يوحنا المجنون... جبران خليل جبران

في أيام الصيف كان يوحنا يسير كل صباح إلى الحقل سائقًا ثيرانه وعجوله، حاملاً محراثه على كتفيه، مصغيًا لتغاريد الشحارير وحفيف أوراق الأغصان، وعند الظهيرة كان يقترب من الساقية المتراكضة بين منخفضات تلك المروج الخضراء ويأكل زاده تاركًا على الأعشاب ما بقي من الخبز للعصافير. وفي المساء عندما ينتزع المغرب دقائق النور من الفضاء، كان يعود إلى البيت الحقير المشرف على القرى والمزارع في شمال لبنان، ويجلس بسكينة مع والديه الشيخين مصغيًا لأحاديثهما المملوءة بأخبار الأيام شاعرًا بدنو النعاس والراحة معًا.

وفي أيام الشتاء كان يتكئ مستدفئا بقرب النار، سامعًا تأوه الأرياح وندب العناصر، مفكرًا بكيفية تتابع الفصول، ناظرًا من الكوة الصغيرة نحو الأودية المكتسية بالثلوج، والأشجار العارية من الأوراق كأنها جماعة من الفقراء تركوا خارجًا بين أظفار البرد القارس والرياح الشديدة.

وفي الليالي الطويلة كان يبقى ساهرًا حتى ينام والده ثم يفتح الخزانة الخشبية ويأتي بكتاب العهد الجديد، ويقرأ منه سرًا على نور مسرجة ضعيفة، متلفتا بتحذر بين الآونة والأخرى نحو والده النائم الذي منعه عن تلاوة ذلك الكتاب لأن الكهنة ينهون بسطاء القلب عن استطلاع خفايا تعاليم يسوع ويحرمونهم من "نِعم الكنيسة" إذا فعلوا.

هكذا تصرف يوحنا شبيبته بين الحقل المملوء بالمحاسن والعجائب وكتاب يسوع المفعم بالنور والروح. كان سكوتا كثير التأملات يصغي لأحاديث والديه ولا يجيب بكلمة، ويلتقي بأترابه الفتيان ويجالسهم صامتا ناظرًا إلى البعيد حيث يلتقي الشفق بازرقاق السماء. وإذا ما ذهب إلى الكنيسة عاد مكتئبًا، لأن التعاليم التي يسمعها من على المنابر والمذابح هي غير التي يقرأها في الإنجيل، وحياة المؤمنين مع رؤسائهم هي غير الحياة الجميلة التي تكلم عنها يسوع الناصري.

 


ليس جميع البشر إنسانيين - الأب يوسف جزراوي

خرجتُ في الصباح للذهاب إلى جامعة نايميخين الكاثوليكية ومن هناك أُعرج على دروس اللغة الهولندية الغاية في الصعوبة. فرأيتُ كالعادة أبناء مدينتي التي أسكنها يسيرون بصحبة كلابهم، وتبادلنا تحية الصباح، ثم وجدتُ بعض طيور الحمام تسرح في الشارع، وإذ بسيارة مُسرعة تدهس إحدهنّ، ولم اسمع ألاَّ بصوت سيّدة سائرة في الطريق تصرخ (كلا...كلا، Nee….Nee)، وبدأت تجري نحو مكان وقوع الحادث!

نظرتُ خلفي وإذا الناس قد تجمعت، وأُقيمت الدنيا ولم تقعد على حادث دهس حمامة!! وبعض النساء كن يبكينَّ بتأثر بالغ! وصاحب السيارة بدء يتأسف وأخذ الحمامة ليدفنها في مثواها الآخير!! كم هم إنسانيون للغاية هؤلاء البشر؟ وكيف تأثروا لحادث دهس حمامة!!

أكملتُ سيري وفي الطريق تذكرتُ حوارًا كان قد دار بيني وبين إحدى الرسامات الهولنديات، سبق وأن نشرت عنها مقالة بعنوان (إيمان مُلحدة)، فأستحضرتُ ما دار من حوار بيننا، حيث قالت: "يا أبونا الكثير من الناس عندكم يذهبون إلى الكنائس يصلون ويصومون ويتصدقون ويرفعون الابتهالات ويوفون النذور، لكن إرتباطهم بيسوع يقف عند حدود الكلمات، أو يعملون هذا من باب الخوف من الله أو من باب الواجب الديني أو العادة الإجتماعية والعائلية، ولا يمتلكون علاقة حقيقية مع الرب يسوع، وهم غرباء عن الإنجيل وتعاليمه!"

قلت لها: "نعم هم متدينون أكثر مما هم مؤمنون". فقالت: "أليست هذه مُشكلة مُعظم الناس عندكم!". حينها طأطات رأسي وقلت لها: إنك على صواب يا حنّا. فأجابتني بعد أن ابتسمت إبتسامتها العريضة البريئة قائلة: "ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السماوات، بل كل من يعمل مشيئة أبي الذي في السماوات" (متّى 7: 21). وأضافت: "يا أبونا من يؤمن بالرب يسوع لا يقوى على إيذاء نملة، فكيف يستطيع الإساءة لأخيه الإنسان الذي هو صورة الله؟... والآن من هم المؤمنون، ومن هم الملحدون؟". فكان صمتي أبلغ هروب!

كنتُ قبل بضعة سنوات خلت قد كتبتُ في مسودات أوراقي، هذه العبارات التي أرى من المفيد ضمها اليوم إلى هذه الخلجة:
أؤمن أن ليس كل البشر ناس - إنسانيين، فربّما قد سمعتم في مسرح الحياة من يقول كم إنسانية هذه المرأة... وكم إنساني هذا الشاب... يا ترى لماذا هذا التشخيص؟ أليس من المفترض أن يكون الجميع إنسانيون؟!

ذات يوم سُأل جبران خليل جبران من قبل أحد الكُتّاب هذا السؤال: "من هو الإنسان الحق في رأيك يا بليغ الكتّاب؟".
فأجاب الأديب اللبناني جبران قائلاً: "ليس الإنسان بكائن حي وحسب، له شهيق وزفير، فالحيوانات لها مثل هذه الميزات أيضًا، لكن من له القدرة على أن يكون إنساني يتأثر لما يحيط به".

بكيتُ بشدة لوفاة إحدى بنات رعيتي والتي كانت قريبة إلى نفسي، بكيتها بحزن، فقال لي بعض الحضور: "لا تبكي يا أبونا، أنك قس، رجل... "وكأن البكاء يقلل من شأن الرجل!! ولما أنهيتُ مراسيم تشيعها وصلاة الدفن، عدتُ مع خطيبها إلى الكنيسة وكان كلانا مُتاثرًا، مصدومًا، بل كان قلبي مقبوضًا يعتصر حزنًا لوفاة شابّة في عمر الورد، حتّى أنني كنتُ عاجزًا عن الأحتفال بالذبيحة الإلهية.

كانت عيناي وملامحي تعج، بل تنطق بالحزن والتأثر، فسألني بعض المواظبين على حضور القداس اليومي: أهي قريبتك؟ من عائلتك.. نراك مُتأثرًا جدًا؟! قلت لهم: كلا. فعقّب أحد الشمامسة: "إنه واجبه أن يـتأثر لحزن الآخرين، وهو لم يؤدي ألا واجبه ككاهن، فالواجب الكهنوتي يحتم عليه هذا". فأجبته، كلا انه ليس واجبي. بل مبادئي الإنسانية، بل لأنها أخت وصديقة وواحدة من العاملات معنا في الكنيسة، بل إنسانة، شابّة، رحلت قبل أوانها.

ما لا أطيقه في هذه الحياة هو أن لا يتأثر واحدنا لمصائب الآخرين، ولا يبالي لألمهم، ولا يتضامن معهم ويشاركهم الحزن بصدق. وأن قام بذلك فتراه من منطلق المُجاملة أو الواجب أو من منطلق العيب الإجتماعي والمحسوبيات العشائرية، مُرددًا المثل القائل:" كل شيء بالدين حتّى دمع العين". للأسف بعض الناس لا يبالي لمأساة الآخرين، المهم أن يكون هو وذويه وكل أفراد عائلته، عشيرته.. بخير، وليذهب الآخرون إلى جنهم وبئس المصير! والمشكلة يسمون أنفسهم ناس!!
وأعود إلى صلب الموضوع لإختمه بنقطتين:

الأولى: أن الهدف من حياتك هو أن تكونَ إنسانيًا في الحياة، وأن تعيش الأنسنة المُستمرة هذا هو المطلوب، ومتى ما كنت إنسانيًا، ستدرك بعمق لماذا أصبح الله إنسانًا بشخص سيّدنا يسوع المسيح؟ وستدرك بعمق أيضًا لماذا كان يسوع يُردد كثيرًا" لأ بد لأبن الإنسان..". فإنسانيتنا أعز ما نملك. فهل أنت إنساني؟

ثانيًا: كنتُ وما زلتُ واحدًا من أشد المؤمنين أن ليس كل البشر ناس- إنسانيين. والكائن البشري لا يولد إنسان، بل يصير، بفعل عوامل عديدة،أهمها في رأيي علاقته الشخصية مع الرب ومع الآخر الذي يُحبّ. والإنسان بقدر ما يؤمن وبقدر ما يُحبّ الآخر ويؤمن بنفسه وبه، بقدر ذلك سيتأنسن ويحقق ذاته، وينمو ويصير شعلة إبداع.

أؤمن أن ليس كل البشر إنسانيين، فهل أنت إنساني؟

 


البصر للعميان

مُنذ أقل من مائة وخمسين سنة، في حانوت صانع سروج، جلس ولدٌ صغيرٌ عُمره ثلاث سنوات يلعب. كانت لعبته المحّببة تقليد والده. فكثيراً ما رأى والده يشق الجلد السميك إلى أشرطة طويلة بسكّينه الحاد، وكان يُعجب بقوّة والده في هذه العملية، وأراد أن يقلّد والده. وبما أن السكين لم تكن في متناول يده فقد استعاض عنها بالمخرز. وجد قطعة جلد قديمة فأمسك بها وحاول أن يُحدث ثُقباً فيها بالمخرز كما كان أبوه يعمل.

كان الجلد قاسياً وكانت قوّة الولد محدودة، لكّنه أخذ يضغط بالمخرز بكل قوّته، وفجأة أفلت الجلد منه وطار المخرز من يده إلى فوق، ودخل في عين الغلام. سمع والداه صراخه، فأتيا وحملاه إلى الطبيب، لكن الطبيب أكّد لهما أنَّ العين فُقدت وأنَّ الأخرى ستُفقد حتماً. وهكذا كان.

كانت السنوات التي تلت هذا الحادث سنوات قاتمة على الغلام المسكين. لم يكن من السهل أن يعيش في ظلام دائم. كانت له تعزية واحدة، إذ وعده أبوه أنّه حالما يبلغ السن المطلوب، سيدخل مدرسة العميان. جاء اليوم أخيراً والتحق لويس برايل بمدرسة العميان في باريس وانتهت أيامه المُظلمة. في المدرسة برهن على أنه طالب نبيه مُجتهد، فاستطاع في وقتٍ قصير أن يقرأ الحروف القائمة التي كانت مستعملة في ذلك الوقت للعميان. كذلك ظهر أنه يملك موهبةً فذّة في الموسيقى. وعندما بلغ الخامسة عشرة نبغ في الموسيقى حتى أنه استطاع بكل سهولة أن يحصل على وظيفة عازف في إحدى كنائس باريس. كذلك خطا خطوات واسعة في الرياضيات والجغرافيا والجبر وغيرها حتى أنه عُيّن أستاذا في المدرسة التي دخلها منذ سبع سنوات وهكذا ضَمِنَ مستقبله ورأى والداه وأصحابه مستقبله المجيد الناجح.

على أنَّ طموح برايل لم يقف عند هذا الحد. فقد دفعه عمله المدرسي إلى الشعور بالحاجة إلى طريقة أبسط لتعليم العميان. كان عددٌ قليل من طلبته العميان يملكون الكفاية للتعلّم، إذ كان معظمهم يستصعب قراءة الحروف القائمة.

عمل برايل بصبر كبير وحاول اكتشاف طريقة أبسط للقراءة والكتابة للعميان. تذكّر أنّه  عندما عجز، وهو طفل، عن إدخال المخرز في الجلد فإنّ رأس المخرز استطاع أن يُبرز نقطة في الجانب الآخر منه. لذا عاد إلى المخرز والجلد لا ليلعب بهما بل ليقوم بعمل في غاية الأهمّية. فقد عمل لساعات طويلة يرسم بالمخرز والجلد هذه النقط في مجموعات غريبة. وهكذا اخترع مجموعات صغيرة من النقط تقوم مقام الحروف الأبجدية، ومزيجاً من مجموعات نقط هي بمثابة مقاطع وكلمات صغيرة. وهكذا استطاع بالتدريج أن يخترع لغة للعميان تمكّن تلاميذه من سرعة الكتابة وسهولتها.

كان عمر برايل آنذاك 21 سنة فقط، وكانت طريقته بالطبع فيها كثيراً من النقائض، لكن الناس أدركوا أن ذاك الأستاذ الأعمى قدّم لزملائه العميان خدمة لا تُقدّر.

 


لماذا أموت؟

حدث ان شاباً كان يعيش في احدى المدن ويتحلى بسمعة طيبة وأخلاق حميدة متمتعاً بنظرة رضى واستحسان من كثيرين من أهالي بلدته لكنه وللأسف تورط في احد الأيام بلعب الورق مع بعض اصحابه حيث احتد وفقد اعصابه وما كان منه الا ان سحب مسدسه واطلق النار على خصمه في اللعب فقتله. فألقي القبض عليه وسيق الى المحكمة وحكم عليه بالاعدام شنقاً!
لكن بسبب ماضيه الممدوح واخلاقه المرضية فقد كتب اقرباؤه ومعارفه واصدقائه عرائض استرحام كانت تحمل تواقيع كل أهل البلدة تقريباً وفي خلال فترة قصيرة سمع أهل المدن والقرى المجاورة بالقصة وتعاطفوا من الشاب المسكين فاشتركوا في توقيع عرائض استرحام أخرى.
بعد ذلك قُدمت هذه العرائض الى حاكم المنطقة والذي حدث انه كان مسيحياً مؤمناً وقد ذُرفت الدموع من عينيه وهو يرى مئات الاسترحامات من أهل البلدة والبلدان المجاورة تملأ سلة كبيرة أمامه. وبعد تأمل عميق قرر ان يعفو عن الشاب، وهكذا كتب أمر العفو ووضعه في جيبه من ثم لبس ثوب رجل دين وتوجه الى السجن.
حين وصل الحاكم الى زنزانة الموت، نهض الشاب من داخلها ممسكاً بقضبانها الحديدية قائلاً بصوت غاضب:" اذهب عني، لقد زارني سبعة على شاكلتك لحد الآن، لست بحاجة الى مزيد من التعليم والوعظ. لقد عرفت الكثير منها في البيت ." "ولكن" قال الحاكم ، "ارجو ان تنتظر لحظة ايها الشاب، واستمع الى ما سأقوله لك"
"اسمع" صرخ الشاب بغضب، "أخرج من هنا حالاً والا فسأدعو الحارس".
"لكن ايها الشاب"، قال الحاكم بصوت مرتفع، "لدي أخبار تهمك جداً، ألا تريدني أن أخبرك بها؟"
"لقد سمعت ما سبق وقلته لك"! رد الشاب، "أخرج فوراً والا فسأطلب السجان"
"لا بأس" أجاب الحاكم وبقلب مكسور استدار وغادر المكان. وبعد لحظات وصل الحارس وقال للشاب:
"انت محظوظ لقد حظيت بزيارة من الحاكم".
"ماذا!" صرخ الشاب، "هل كان رجل الدين هذا هو الحاكم؟"
"نعم انه الحاكم" أجاب الحارس، "وكان يحمل لك العفو في جيبه لكنك لم ترد ان تسمع وتصغي الى ما سيقوله لك".
"أعطني ريشة، أعطني حبراً، هات لي ورقاً "صرخ الشاب بأعلى صوته. ومن ثم جلس وكتب ما يلي: "سيدي الحاكم، أنا أعتذر لك، وأني آسف جداً لما بدر مني وللطريقة التي استقبلتك بها... الخ".
استلم الحاكم رسالة الاعتذار تلك، وبعد أن قرأها قلبها وكتب على الوجه الآخر للورقه: "لم تعد تهمني هذه القضية".
بعدها جاء اليوم المعيّن لتنفيذ الحكم في الشاب. وعند حبل المشنقة توجه له السؤال التقليدي المعروف: "هل هناك ما تريد قوله قبل أن تموت؟." "نعم" قال الشاب:
"قولوا للشباب حيث كانوا انني لا أموت الآن بسبب الجريمة التي اقترفتها. أنني لا أموت لأنني قاتل! لقد عفا الحاكم عني، وكان يمكن أن أعيش. قل لهم انني أموت الآن لأنني رفضت عفو الحاكم ولم أقبله، لذلك حرمت من العفو"
والآن يا صديقي، ان هلكت فذلك ليس بسبب خطاياك، بل لأنك لم تقبل العفو الذي يقدمه لك الله في ابنه. لأنك ان رفضت قبول يسوع المسيح، رفضت رجاءك الاوحد للخلاص؟
"الذي يؤمن به لا يدان والذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد"يوحنا 3 :18 . ذلك هو سبب دينونتك يا صديقي.

أنت لا تدان لأنك لست متديناً، ولا لأنك لا تمارس الفرائض او الواجبات الدينية: بل أنك تدان لسبب واحد، ألا وهو رفضك لعرض رحمة الله". الذي لا يؤمن قد دين لأنه لم يؤمن.

 


من أجل زهرة

كان احتفال مهيب يوم فرح ابن أحد الأمراء الفرنسيين على "ماريان" ابنة الكونت فيليب. وفضل العروسان بعد خروجهما من الكنيسة أن يسير الموكب على الأقدام حيث أنه وقت الربيع والزهور الجميلة تملأ الشوارع.
وفي غمرة سعادة العروسين، لمحت "ماريان" آخر يسير في الاتجاه المضاد... شاب يبدو عليه إمارات الفقر والبؤس والحزن... يبكي بحرقة وهو يسير وراء نعش لا يوجد عليه زهرة واحدة حسب عادات أهل البلدة... وأراد منظمي موكب العروسين أن يرجع موكب الجنازة ويفسح الطريق للعروسين... فإذا "ماريان" تلمح عيني الرجل الحزين والدموع تنهمر بحرقة منهما... فما كان منها إلا أن خلعت زهرة جميلة من إكليلها الباهظ الثمن ووضعته بلطف على النعش... وأمرت الموكب أن يفسح الطريق للموكب الحزين حتى يصل إلى الكنيسة... فتأثر الرجل وانخرط في البكاء.
وبعد مرور عشرين عاما، اندلعت الثورة الفرنسية... وبدأ الحاكم الجديد ينتقم من الأمراء والنبلاء...
وأصدر أمرا بإبادة ذوى المكانة من النبلاء... وأراد أن يتشفى بمنظرهم... لذلك جلس على منصة كبيرة وكان يقف أمامه كل من كان تهمته إنه ينتمي لهذه الطبقة الغنية... وقف أمامه شاب وأخته وأمهما .
و كان الشاب ثائرا وحاول أن يدافع عن أهله لأنه لا يوجد عليهم أي تهمة... ولكن الحاكم أمر بإعدام الثلاثة في الساعة التاسعة مساءا... فاقتادهم الحارس للسجن... وفي الثامنة مساءا، ذهب ليقتادهم للإعدام... ولكنه سلم السيدة خطابا... وطلب منها ألا تفتحه إلا بعد الساعة التاسعة... فاندهشت السيدة جدا... فهذا هو موعد تنفيذ الحكم... ولكنه سار بهم إلى طريق يصل إلى مركب تبحر إلى إنجلترا... وأركبهم المركب دون أن ينطق بكلمة... وأمر النجار أن يبحر وسط ذهولهم... وكانت الساعة قد وصلت التاسعة... ففتحت السيدة الخطاب وهي لا تفهم شيئا... فوجدت مكتوب فيه.
"منذ عشرين سنة، في يوم زواجك... وضعت زهرة جميلة من إكليلك على نعش شقيقتي الوحيدة... ولا يمكنني أن أنسى هذه الزهرة ما حييت... لذلك أنقذتك من الموت، أنت وابنك وابنتك... فهذا دين علي".

زهرة أنقذت ثلاث أنفس من الموت...حقا يا عزيزي إن كان هذا الرجل لم ينس عمل محبة صغير تم منذ عشرين سنة وقدم لمن عملت معه هذا العمل مكافأة أعظم بكثير.
فهل ينسى الله ما تقدمه لأجله... من تضحية وخدمة وصوم وحمل الصليب...
فلا يكافئك عنها !
إن كلمة مشجعة تقولها لإنسان بائس ....ابتسامة لإنسان حزين... عطية صغيرة لإنسان محتاج... تترك أعظم الأثر في هذه النفوس...
لان الله ليس بظالم حتى ينسى عملكم و تعب المحبة التي اظهرتموها نحو اسمه (عب 6: 10)

 


الملك الوثني والوزير المسيحي

كان عند أحد الملوك الوثنيين وزير مسيحي، ونظراً لأن ذلك الوزير كان أميناً ومخلصاً وعاقلاً ومدبراً، فإن الملك كان كثيراً ما يجالسه ويحادثه ويستشيره.
وذات يوم بينما كانا يتناقشان، قال الوزير: "إنَّ المسيح نزل من السماء ليخلصنا"... فقال له الملك: "إني إن أردت أن أحقق غرضاً، فإني آمر أحد خدامي أن يؤدي الأعمال اللازمة لتحقيق هذا الغرض، ودون أن أتعب أو أتحرك، فلماذا يأتي الله نفسه ويأخذ جسداً من عذراء ويولد في مذود حقير بين الحيوانات، ثم يتعب ويتألم، ويُصلب بينما يستطيع أن يخلص العالم بكلمة واحدة؟؟"... فطلب الوزير من الملك أن يعطيه مهلة ثلاثة أيام ليجيبه عن سؤاله...
خرج الوزير.... وذهب إلى أحد النحاتين الماهرين وأمره أن يصنع تمثالاً من الخشب يماثل في حجمه وهيأته حجم وهيئة "ابن الملك" الطفل البالغ من العمر سنتين، وذهب الوزير سراً إلى خادمة في القصر الملكي كانت هي المكلفة بالعناية بالأمير الصغير والتجول به في عربته الخاصة في حدائق القصر. وقال الوزير لتلك الخادمة: "اسمعي... خذي هذا التمثال وألبسيه ملابس مشابهة تماماً ملابس الأمير الصغير، وضعيه في  المركبة الملكية الصغيرة... وسيكون جلالة الملك وأنا نتنـزه في حدائق القصر، غداً في الساعة الخامسة  مساء... وعندما ترينني قد رفعت يدي اليسرى إلى أعلى، إقلبي العربة وأسقطي التمثال الخشبي في البركة، ولا تخشى عقاباً.
وفي الغد في الساعة الخامسة مساءً، كان الملك جالساً مع وزيره المسيحي بجوار البركة يتحادثان. وطالب الملك وزيره بإجابة السؤال، وكانت الخادمة مقبلة في تلك اللحظة تدفع العربة الملكية التي يجلس فيها تمثال الأمير الصغير. وعندئذٍ رفع الوزير ذراعه اليسرى، فقلبت الخادمة العربة وسقط التمثال في الماء، وكان منظره يشبه تماماً منظر الأمير الصغير... فلم يتمالك الملك نفسه، وجرى بسرعة نحو البركة وانبطح لينتشل "ابنه " من الغرق! ولكنه سرعان ما اكتشف أنه تمثال لا أكثر، فاندهش، وتساءل في غضب... فهدّأه الوزير قائلاً: "لقد تم هذا كله بأمري وتدبيري".... ثم سأله " ولكن لماذا لم تأمرني يا مولاي أنا أو أي واحد من الخدم أن ننزل ونخلص ابنك..؟؟" فأجاب الملك " المحبة الأبوية هي التي دفعتني إلى ذلك وكيف أقعد عن خلاص ابني وآمر غيري بتخليصه..؟؟" فقال له الوزير: "هذه هي إجابتي عن سؤالك".......
العبرة
إن الله يحبنا أكثر من محبة الآباء لأولادهم، ولذلك دفعته أن ينزل إلى الأرض، ويولد في المذود الحقير ويتألم ثم يصلب ويقوم، لكي يخلصنا هو ، ولا يمكن أن يقوم بمهمة خلاصنا أحد غيره. "لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3)

 


كل ينابيعي فيك

كل ما لنا هو في المسيح ، كل ما نحن عليه الآن وماستكون عليه في المستقبل كل ذلك إنما هو في المسيح لذلك نفرح ونغني قائلين "كل ينابيعي فيك" فيمن ؟ في "الذي احبني واسلم نفسه لاجلي" في الذي أقيم من الأموات واجلس عن يمين الله في المجد الاسنى ، فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يسمى . في ذلك الشخص المبارك الذي له السلطان الكامل في السماء وعلى الأرض . فيمن يحل فيه كل ملء اللاهوت جسدياً. فيمن سيوضع كل شئ تحت قدميه ، الذي بعد قليل سيتوج ملك الملوك ورب الأرباب . في هذا الشخص المبارك العجيب القدير الكلي المحبة والذي مجده لايحد، في هذا كل ينابيعنا . أن معرفته معناها الخير بأكمله ، معناها الينبوع الذي لا ينضب قط، الذي منه تسدد كل الحاجات في الزمان الحاضر وإلى الأبد . وبعيداً عنه لايوجد سوى الموت .
"كل ينابيعي فيك" إنه مخلصنا الذي حمل خطايانا على صليب العار ، الذي افتدانا بدمه الثمين ، دم الحمل الذي بلا عيب ولا دنس هو الذي دفع ثمن فدائنا وأطلقنا أحراراً. وإذ آمنا به كمخلصنا ، فافتدينا ، أصبح هو سيدنا الذي نحن له ، نحن خدامه . وهو أيضاً راعينا الذي يعتني بنا بعد أن وضع حياته لأجلنا هو حياتنا كما أنه طعامنا . هو كاهننا كما وايضاً شفيعنا . هو سلامنا ومثالنا ورجاؤنا هو الكل في الكل . وكله مشتهيات . فيه نجد كل شئ . ملؤه لايفرغ . إنه ينبوع الماء الحي . وكل شئ آخر في هذا العالم المجدب ما هو إلا آبار مشققة لا تضبط ماء .
هل نجد حقاً كل ينابيعنا في المسيح وحده ؟ أم أننا لانزال نذهب إلى الآبار المشققة؟ هل نجد فيه كل فرحنا وبهجتنا ؟ هل هو عزاؤنا وقوتنا ورجاؤنا ؟ هل نشعر بحاجتنا الكلية إليه أكثر من أي وقت مضى ؟ هل نحن عائشين في اتكال اعظم عليه ؟ وهل قلبنا في شوق متزايد إليه وتكريس أتم لشخصه المبارك ؟ هذه أسئلة فاحصة . آه ليتنا نتعلم أن ما نحتاج إليه هو شخصه الكريم ، الذي فيه كل ينابيعنا.
وماذا يمكننا أن نعمل بدونه ؟ هذا هو صراخ النفس التي تتكل عليه بعزم القلب . ما أعظمه ، تبارك اسمه ، عزاء في الحزن ، وما أعظمه عوناً في صعوبات وهموم الوقت الحاضر ما أغنى ينابيع الفرح والسلام والرجاء التي تفيض من شخصه المبارك وبعد قليل ، وقليل جداً ، سنعرف بكيفية لم نختبرها ونحن على الأرض أن كل ينابيعنا فيه.
 

 

سألت الناس عنك يا يسوع

في زمن قد يبدو فيه أننا قد فقدنا حضور الله أو غدى الله ضائعًا في عالمنا هذا، أو قد احال نفسه على التقاعد!اسألك يالهي الحبيب الذي لا نعرفه في الكثير من الاوقات إلاّ بشفاهنا ، أما قلوبنا فبعيدة عنه. يالهي المنسي أين أنت؟! أين قد اختبأت. فها قد اوشكت الشمس على الشروق فاكتب اليك ما يجول في داخلي كمسك ختام لهذا الكتاب: سألتُ عنك الساسة واصحاب السلطة ، فدلّوني إلى قلاعهم وتيجانهم المرصعة وكراسيهم وعروشهم الفخمة التي اعتلوها على حساب الضعفاء والمساكين الابرياء، حسبهم انهم سيئبدون فيها!لكنّك لم ولن تحبّ التيجان والعروش والمتوجين، فأنت لم يكن لك مكان توضع عليه رأسك! وكنت تحنو على كلّ ضعيف.وعرفتك محاميًا للابرياء والمساكين والضعفاء.
سألتُ عنك قادة الجيوش ، فرايتهم مدجّجين بالأوسمة والأسلحة واحاطت بهم الفيالق والحمايات والعساكر من كل صوب، فمد احدهم يده إلى سلاحه فجرّد سيفه قائلاً: هذا هو! نظرتُ إليه فإذا به مخضّب بالدماء! قلتُ كلا وألف كلا، لأنني عرفتُ الهي مبشّرًا بالسلام والتسامح ومحبة القريب. ألم تقل انت يارب من ياتي بالسيف بالسيف يأُخذ؟!. فامبراطوريتك هي امبراطوية الحبّ والغفران، امبراطورية اللاعنف. اه يايسوع الحبيب يا صديقي الوفي ، كلما سعيتُ في البحث عنك ظننتُ اني دنوتُ منك خطوة وإلاّ ارى نفسي أكثر بعدًا عنك من ذي قبل! رحت أسأل عنك الكاهن ، فدعاني إلى استماع القدّاس، فوجدته طقوسًا وشعائر ورموزًا مبهمة وصلوات بلغة غير مفهومة لا يفهمها سوى الكهنة وبعض الشمامسة! فخرج أحد المؤمنين متذمرًا ثائرًا قائلاً : مراسيم دينية لم تغذي روحيً ولا ايماني ولم تقربني من الرب! لانني اجهلها ولا افهمها ولانني فقط مستمع ولستُ مشاركًا. بالحق نطق هذا الإنسان، لأنني عرفتك يايسوع، اتيت وتجسدت لكي تخلص الإنسان ولم تتعصب للغة ما ، وكلمتَ خاصتك وصليت لهم وبينهم ولاجلهم بلغة يفهمونها ويتداولونها.... قررت البحث عنك في داخل اروقة كنيستك، فوجدتها منهمكة بامور سياسية ومادية ودنيوية بحتة، رأيتها منقسمة إلى تسميات واحزاب ومجالس وقوميات وطوائف! لكنّك دعوتهم بأن يعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله. كما وصليت وتصلي لكي يكونوا واحدًا، كما أنت والآب واحد. سالتُ الغني الثري أين الهي ؟ فاصطحبني لموضع ما يُريني ما تكدّس فيه من اموال وذهب وفضة! قلت له هذا ليس الهي! الهي لا يؤمن بالغنى، إلاّ غنى الروح والقلب، غير محبًا للمال ، فالهي كان لا يملك ثمن رغيف خبز! ولما تعبت قصدت أحد البطاركة الذي ينادي بإسمك ليلاً ونهارًا وسألتُه عنك. فمد يده لاقبلها من وراء كرسي فخم ويده مزينة بخاتم ذهب من العيار الثقيل! ثم امسك بصليب تدلّى على صدره يتلألأ بالذهب العيار ال (24) !! فقلت له ان من تحمل صليبه يا صاحب الغبطة، انحنى ليغسل ارجل تلاميذه وقَبل اقدامهم حبًا وخدمة، مات بطلاً ممتجردًا معلقًا على خشبة بسيطة من أخشاب الطبيعة. كان ينتعل نعالاً قديمًا متسخًا وقدميه قد اسودت من السير في طريق التبشير. كم وكم ليلة نام جائعًا دون طعام أو شراب. لم يكن الهي جالسًا يبشر خلف مكاتب وعروش وينتعل احذية مميزة وباهظة الثمن ، لم يكن الهي من اصحاب الهتفات وبياعي الكلام، بكل كان رجل موقف وقرار ورسالة ، واعماله شهادة حبّ لما يقول. كان همه الأول والآخير خير خاصته وخلاصها.
طرقت باب الفيلسوف الحكيم ، فسالته ألا تقودني لمعرفة الله؟ فأومأ إلى اكداس الكتب الفلسفية وقال ستجده في بطون هذه الكتب والمجلدات والاحاجيج الفكرية والمنطقية وبعض البراهين والمقاييس والمنطق. ابتسمت في سرّي وقلتُ: الهي مقايسه تختلف عن مقايسنا نحن البشر؛ فمنطقه هو الحبّ والغفران.
توجهت للعالم عله يدلني عليك، توسلت اليه ان يقودني اليك يالله. فاجاب :"لا أعرف عن من تتكلم! انا لا اؤمن إلا بعقلي وعلمي ونفسي وفرضياتي وابحاثي ....". يا لخيبتي وفشلي وحزني لقد ذهبَ بحثي وجهدي سدى! وعندما خاب أملي بلقائكِ ، جلستُ مع ذاتي فدخلت إلى اعماقي، فلمحت آثار أقدامك في قلبي! لكن وجهك لم اره!! وإلاّ بصوت يهمس في داخلي، لن تجد اثاري في حياة كل إنسان ، فقط في حياة المؤمنين، أما وجهي فستراه في الطبيعة وفي الإنسان ولاسيّما الفقراء والحزانى والجياع والمظاليم والمنكسري القلوب

 

 

عمق كلمة الله غير المتناهي

يا إلهنا ،من يستطيع استيعاب كل الغنى الموجود في كلماتك؟ما نفهمه أقل بكثير ممّا لا نفهمه.إننا نشبه أناسا عطاشَ يشربون من الينبوع دون أن يستنفدوه ، هكذا أبعاد كلمتك عديدة وعديدة أبعاد الذين يدرسونها .
لقد لوّن الرب كلامه بجمال مختلف الجوانب حتى يجد فيه كل باحث ما يحب.وأخفى في كلمته كل الكنوز حتى يستطيع كل واحد منا أن يجد غذاءً يتأمل فيه.
كلمته مثل شجرة الحياة تمد لك من كل الجهات ثمارا يانعة،كلمته تشبه تلك الصخرة التي تفجرت ماءً في البرية فغدت شرابا روحيا لكل إنسان ،كما قال القديس بولس:
((لقد أكل جميعهم طعاما روحيا واحدا ،وشرب كلهم من ينبوع روحي واحد)) (1 كو10/4 ).
فلا يتصور من حاز على أحد هذه الكنوز إنه استفرغ كل الغنى الموجود في كلمة الله ،بل يجب أن يعلم أنه لم يكن قادراً على الاكتشاف إلا شيئاً واحداً من بين أشياء كثيرة .
ولا يظن أن الكلمة صارت فقيرة بما أعطته له ،بل عليه أن يفهم أنه غير قادر على استنفاد غناها أبدا فليشكر الله على عظمتها .
ابتهج إذن ،لأنك ارويت غليلك ولا تحزن لأن غنى الكلمة يفوقك .
العطشان يفرح عندما يشرب ولا يحزن أمام عجزه في استنفاد الينبوع .من الأفضل أن يهدئ الينبوع عطشك من أن يستنفده،فإذا روى الينبوع عطشك دون أن ينصب،فسوف تستطيع أن تشرب منه كلما تعطش ،وعلى العكس،إذا استنفد الينبوع بشربك ،فسوف ينقلب ما حصلت عليه شقاء .
اشكر الله على ما شربته ولا تتذمر مما لم تشربه،لأن ما تناولته هو نصيبك وما بقي هو أرثك، وما لم تستطع تناوله الآن بسبب ضعفك ستحصل عليه فيما بعد بمثابرتك .
مار افرام السرياني

 

 

موقع الله من صداقاتنا

فاجابه شدرخ وميشخ وعبدنخو. لاداعي لاْن نجيبك عن هذا الشاْن لان الهنا الذي نعبده قادر ان ينجينا من اْتون النار المتقدة, واْن ينقذنا من يدك ايها الملك, وحتى ان لم ينقذنا فاعلم يقينا ايها الملك اننا لانعبد الهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبته . دان:18,16.3
الصداقات تجعل الحياة متعة, كما تجعل الاوقات الصعبة محتملة, وتختبر الصداقات وتتقوى في مواقف الشدة.
تلك كانت العلاقة بين ثلاثة شبان تم ترحيلهم الى بابل مع دانيال... ان هؤلاء الشبان الثلاثة... يساعدوننا على التفكير في المعنى الحقيقي للصداقة. وبقدر ما كان يعني كل واحد من هؤلاء للاخر فلم يسمحوا لصداقتهم ان تغتصب مكانة الله في حياتهم , حتى في مواجهة الموت .. لقد تحدّوا سويا في صمت وبصوت واحد كانه صادر عن شخص واحد.. اْمر نبوخد نصر بالانحناء والسجود لتمثال الذهب . لقد اشتركوا في اْمر شجاع بينما اخبر آخرون الملك,(رغبة في التخلص منهم, ان هؤلاء الشبان الثلاثة خونة). ومع ان ذلك غير صحيح , فلم يستطع نبوخذنصر ان يجنبهم مصيرهم دون ان ياْتي لنفسه بالفشل .
كانت تلك لحظة الصدق . فالموت كان على وشك ان ينهي صداقتهم. وبتنازل بسيط كان يمكنهم ان يبقوا اْحياء ليستمتعوا ببعضهم خادمين الله وشعبه في تلك الارض الغريبة . لكنهم كانوا حكماء بالقدر الكافي ليبينوا ان هذا التنازل يمكن اْن يضر العقيدة التي ربطتهم بشدة, لقد كان كل منهم اْكثر اخلاصا لله لذلك لم يترددوا في وضع حياتهم بين يدي الله. اما النتيجة فكانت النصرة.
عندما ننحي الله خارج اْهم علاقاتنا, فاننا نتوقع ان تسدد هذه العلاقات احتياجاتنا التي لا يقدر ان يسددها بالفعل الا الله . ولاشك ان الاصدقاء عون لنا لكنهم لايستطيعون تسديد اْعمق احتياجاتنا الروحية . فترك الله خارج علاقاتنا يبين كم هو غير مهم في حياتنا ..لذلك يجب ان تكون علاقاتنا بالله مهمة بالقدر الكافي حتى تتلامس ملع علاقاتنا الاخرى , وبخاصة صداقاتنا الحميمة.
 

 

القداسة والنجاسة

» هذا ما يقوله الرب القدير :اسأل الكهنة عما تقوله الشريعة بشأن هذا السؤال: إنْ حمل إنسان لحما مقدسا بين طيات ثوبه، ولمس طرفه خبزاً أو طبيخاً أو خمراً أو زيتاً أو أيّ طعامٍ آخر، فهل يُصبحُ ذاك مُقدّساً؟«
فأجاب الكهنة »لا« .
ثم سأل حجي: » إن لَمَسَ إنسان تنجّسَ بِمَس مَيتٍ شيئاً مِن هذه هَل تُصبح نَجسةً؟«
فأجاب الكهنة: » نعم، تُصبح نجسةً«.
عندئد قال حجي: » هذا هو حال الشعب، وهذه هي حال الأمة أمامي يقول الرّب، فكل أعمال أيديهم وجميع ما يُقدمونه نجس
المثل المعطي في هذه الرسالة يوضح أن القداسة لا يمكن أن تنتقل للآخرين بالتلامس؛ ولكن النجاسة يمكن أن تنتقل بالتلامس. الآن وقد بدأ الشعب في إطاعة الله، فقد وعد الله بأن يبارركهم، ولكنهم يحتاجون لأن يفهموا أن الممارسات داخل الهيكل لا يمكن أن تطهر خطاياهم ، فالتوبة فقط والطاعة هي التي تفعل ذلك.
إذا صممنا على الاحتفاظ بتوجيهات غير سليمة أو خطايا أو أبقينا على علاقات حميمة بخطاة فسوف نتلوث.
فالحياة المقدسة تأتي فقط عندما نتقوى بروح الله القدوس.
عندما يلعب طفل في الطين فلن يمر وقت طويل قبل أن تتسخ يداه وملابسه. إن الخطية والتوجهات الأنانية تؤدي إلى نفس النتائج . فهي تلوث كل شئ نلمسه حتى الأعمال الصالحة التي نعملها لله يمكن أن تتلطخ بالتوجهات الخاطئة وعندئذ يصبح الحل الوحيد هو التطهير الإلهي.

 

 

اشعياء 61

وعوضا عن عاركم تنالون ضعفين من الميراث ، وعوضا عن الهوان تبتهجون بنصيبكم ، لهذا تملكون في أرضكم نصيبين ، ويكون فرحكم أبديا. لأني أنا الرب أحب العدل وأمقت الاختلاس والظلم، وأكافئكم بأمانة، وأقطع معهم عهدا أبديا .
في العهد القديم ، عيّن الله كهنة للأمة ليقفوا بينه وبين شعبه، فأتوا بكلمة الله للشعب ، وبحاجات الشعب وخطاياهم إلى الله .
أما في العهد الجديد، فكل المؤمنين هم كهنة الرب، يقرأون كلمة الله، ويحاولون فهمها، ويعترفون بخطاياهم لله ، مباشرةً ويخدمون الآخرين.
نحن نعاني لأسباب عديدة : من أخطائنا نحن أو من أخطاء شخص آخر، أو من الظلم.
فعندما نتألم بسبب أخطائنا ، فنحن ننال ما نستحق . وعندما نتألم بسبب آخرين أو بسبب الظلم ، يغضب الله ، إذ يقول الله في رحمته إنه قد تألم شعبه بما فيه الكفاية ، وسيكافئ الله الذين يتألمون ظلماً ، فهو سيصفي كل الحسابات

 

 

رومية 8: 28

ونحن نعلم أن كل الأشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله، الذين هم مدعوون حسب قصده." (رومية 28:8)
هذه واحدة من الآيات التي تُربكنا جدا عندما تَصعب الأحوال. ما دام الهواء عليل فلا مشكلة عندنا في القول، "أومن يا رب." لكن عندما تهب العواصف على حياتنا نقول، "أعن يا رب عدم إيماني."
ومع هذا نعرف أن هذه الآية حقيقية. يعمل الله كل الأشياء معا للخير. نعرف لأن الكتاب المقدس يقول هكذا. الإيمان يمنحنا هذا، حتى ولو لا نفهم أو ندرك.
نعرف أن هذه الآية حق لأننا نعرف صفات الله. إن كان إله محبة أبدية، حكمة أبدية، وقوة أبدية، فيتبع ذلك أنه يخطط ويعمل لخيرنا المطلق.
نعرف أن هذا حق من اختبارات شعب الله.
تحكي إحدى القصص عن شخص وحيد نجا من تحطم سفينة وقذفته الأمواج على جزيرة غير مأهولة. استطاع أن يبني لنفسه كوخا وضع فيه كل ما جمعه من الحطام. كان يصلي لله للإنقاذ ويراقب الأفق كل يوم لعله يشاهد سفينة مارة. في أحد الأيام أصابه الفزع عندما شاهد كوخه يشتعل بالنار؛ واحترق كل ما كان عنده. لكن ما بدا له سوءً كان في الحقيقة الأفضل. "رأينا إشارات دخانك،" قال له قائد السفينة التي جاءت لإنقاذه. فلنتذكر، إن تكن حياتنا بين يدي الرب، "تعمل كل اِلأشياء معا للخير."
أعترف أنه في بعض الأحيان يضطرب الإيمان، يكون الحمل ثقيلا والظلمة لا تُطاق. فنسأل متطرفين، "أي خير يمكن أن ينتج عن هذا؟" يوجد جواب. الخير الذي يتكلم عنه الرب موجود في العدد التالي (روميه 23:8) إذ ينبغي أن "نكون مشابهين صورة ابنه". يعمل إزميل النحّات على التخلص من فضلات الرخام لكي يظهر شكل الشخص. ومثل ضربات الحياة التي تقذف بكل ما غير مستحق فينا حتى نتغير الى شبهه المبارك. لذلك إن لم تجد أي خير آخر في أزمات الحياة، تذكر هذا التغيير الى شبه المسيح.

 

 

صرة المر

أن الذهن الروحي ليميز بسهولة معنى كلمات كهذه "صرة المر حبيبي لي" (نش 13:1" فالمسيح يرمز إليه هنا بحرز معلق من الرقبة ومحمول دائماً على الصدر ، ومملوء بسائل المر".
والمر "أفخر الأطياب" (خر 23:30) وكان يستعمل في مسح المسكن ، كما أنه كان بين الهدايا التي قدمها المجوس للمسيح الطفل بعد ولادته بقليل ونيقوديموس استخدمه عند دفن جسد المسيح بعد موته (يو 39:19) "كل ثيابك مر" (مز 8:45) والمر يدل على البكاء ، وهو عصير الشجرة المستمر ، الذي يفيض قطرة فقطرة ، خلال قشورها المتكسرة ، وهو يشير إلى الذكرى المقدسة ، ذكرى محبة الرب الفدائية . أن الصرة وهي محمولة على الصدر ، إشارة جميلة إلى شركة المؤمن الشخصية مع الرب. يمكن أن نقول أنه في مدة الليل ، الذي تناهى الآن ، يجب ان يكون حبيبنا مثل صرة المر الذي وان كنا لا نراه ، لكنه على الدوام يبين وجوده الفعلي معنا .
لأجل هذا صلى الرسول المحبوب من أجل القديسين في أفسس "ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم" (أف 17:3) ، ثم نقرأ أيضاً التحريض "حاملين في الجسد كل حين إمانة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع ايضاً في جسدنا" (2 كو 10:4) . إننا متى اختبرنا هذا فان رائحة ذلك الاسم الثمين ، الذي هو دهن مهراق ، لابد وان تملأ المشهد حولنا ، باعثة شذاها الحلو كشهادة لذلك الحبيب المبارك الذي يبيت في أقرب مكان في قلوبنا .
يقال كثيراً انه لايوجد في الكون أقوى من محبة الله ، وعلى العكس من ذلك لايوجد اضعف من الشركة
الشخصية . أن كلمة أو نظرة أو حتى فكراً مغايراً لارادته يستطيع أن يقطع الشركة . كما أنه من الممكن جداً ، بسبب عدم السهر ، لأن تدخل النفس في هذه الحالة الموصوفة بهذه الكلمات "أنا نائمة وقلبي مستيقظ" (نش 2:5) في هذه الحالة التي هي ليست بحالة النوم أو اليقظة يصبح القلب عديم الاهتمام بأمور الرب . وما الذي يجعل المؤمن يصحو ؟ أنه صوت المحب يقول "افتحي لي ياأختي ياحبيبتي ياحمامتي ياكاملتي لأن رأسي امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل".
كم يظهر الرب صبراً عظيماً في وقوفه خارجاً ! وما اكثر الرقة التي تتجلى في كلماته ! أن محبته لا تعرف الكلل ،وكم هو جميل أن نقول مع الرسول أن محبة المسيح فائقة المعرفة ، خصوصاً وإنها برغم تغيرنا لا يعتريها أقل تغيير .
وهكذا نجد القلب الذي رد بعد الاعتراف المناسب (1يو 9:1) يستطيع أن يجيب "قمت لأفتح لحبيبي ويداى تقطران مراً وأصابعي مر قاطر على مقبض القفل" (نش 5:5) ما أكرمك أيها المخلص !

 

 

نمات كل يوم

ارتبطت المسيحية منذ نشأتها بالاستشهاد.. فكانت المكافأة الوحيدة التي يُغرى بها الإنسان على اعتناق المسيحية هي أنه سيموت على اسم المسيح.

وكان يسبق الاستشهاد مجموعة من العذابات والآلامات التي لا نحتمل حتى سماع وصفها.. ونتعجب كيف احتمل آباؤنا هذه الضيقات؟ وكيف استهانوا بالموت إلى هذا الحد؟!!

والإجابة يُلخصها مُعلِّمنا بولس الرسول في ذكصولوجية جميلة قائلاً: "مَنْ سيَفصِلُنا عن مَحَبَّةِ المَسيحِ؟ أشِدَّةٌ أم ضَيقٌ أم اضطِهادٌ أم جوعٌ أم عُريٌ أم خَطَرٌ أم سيفٌ؟ كما هو مَكتوبٌ: إنَّنا مِنْ أجلِكَ نُماتُ كُلَّ النَّهارِ. قد حُسِبنا مِثلَ غَنَمٍ للذَّبحِ.

ولكننا في هذِهِ جميعِها يَعظُمُ انتِصارُنا بالذي أحَبَّنا. فإني مُتَيَقنٌ أنَّهُ لا موتَ ولا حياةَ، ولا مَلائكَةَ ولا رؤَساءَ ولا قوّاتِ، ولا أُمورَ حاضِرَةً ولا مُستَقبَلَةً، ولا عُلوَ ولا عُمقَ، ولا خَليقَةَ أُخرَى، تقدِرُ أنْ تفصِلَنا عن مَحَبَّةِ اللهِ التي في المَسيحِ يَسوعَ رَبنا" (رو8: 35-39).

إن محبة المسيح التي (تحصرنا) هي التي تجعلنا نستهين بكل شيء من أجل حبه السامي..
"
خَسِرتُ كُلَّ الأشياءِ، وأنا أحسِبُها نُفايَةً لكَيْ أربَحَ المَسيحَ" (في3: 8).

و"نَحنُ نُحِبُّهُ لأنَّهُ هو أحَبَّنا أوَّلاً" (1يو4: 19).

وعلامة محبته أنه مات من أجلنا..

"ليس لأحَدٍ حُبٌّ أعظَمُ مِنْ هذا: أنْ يَضَعَ أحَدٌ نَفسَهُ لأجلِ أحِبّائهِ"(يو15: 13).

"لأنَّهُ هكذا أحَبَّ اللهُ العالَمَ حتَّى بَذَلَ ابنَهُ الوَحيدَ، لكَيْ لا يَهلِكَ كُلُّ مَنْ يؤمِنُ بهِ، بل تكونُ لهُ الحياةُ الأبديَّةُ" (يو3: 16).

إننا لا نستطيع أن نتخيل المسيحية بدون الصليب، فالسيد المسيح نفسه جاء لأجل أن يُصلب.. "لأجلِ هذا أتيتُ إلَى هذِهِ السّاعَةِ" (يو12: 27).

وقد سبق السيد المسيح وأنبأ تلاميذه بتفاصيل صلبه قبل الصليب عدة مرات، ليعلن لنا أنه جاء بإرادته ومسرة أبيه الصالح والروح القدس ليُصلب من أجلنا.

فللصليب في المسحية معنى فهو لم يكن بالنسبة للسيد المسيح مجرد وسيلة الإعدام التي اختارها الرومان لتنفيذ حكم اليهود فيه.. وإنما كان الصليب بالنسبة للسيد المسيح هو منهج ومعنى وفلسفة.

فجميع آلات الإعدام الأخرى تكون ملتصقة بيد المعتدي، فالسيف والحجارة التي يرجمون بها، والمسدس والمدفع والصاروخ.. كلها أدوات اعتداء، أما الصليب فهو وسيلة الإعدام الوحيدة التي تلتصق بالمعتدى عليه. وكأن السيد المسيح يعلن لكل تابعيه والمؤمنين به أن علامتنا الصليب تعني أننا نقبل أن يُعتدى علينا ولكننا لا نقبل أن نعتدي على أحد.. فليس رمزنا السيف ولا المدفع ولا المسدس بل الصليب.

وكأن المسيحي يقول: أنا مستعد أن أموت بيدك بدلاً منك لتعرف إيماني، ولكنني غير مستعد أن أفرض عليك إيماني بالقهر أو الرعب أو الإجبار أو الإعتداء..

إن الصليب هو علامة الاستعداد لقبول الآلام. وعلامة الاستعداد لتحمل المشقات والضيقات والموت من أجل الآخر ولو كان بيد الآخر.

لذلك اعتبر السيد المسيح أن حمل الصليب هو علامة أساسية لتبعيته والتلمذة له:

"ومَنْ لا يأخُذُ صَليبَهُ ويتبَعُني فلا يَستَحِقُّني" (مت10: 38).

"مَنْ أرادَ أنْ يأتيَ ورائي فليُنكِرْ نَفسَهُ ويَحمِلْ صَليبَهُ ويتبَعني" (مر8: 34).

"اتبَعني حامِلاً الصَّليبَ" (مر10: 21).

وقد آمنت الكنيسة منذ البداية بإلهها وعريسها المصلوب، وقبلت أن تحمل الصليب معه حتى ولو لم يفهم أعداء الإيمان حقيقة هذا الصليب "فإنَّ كلِمَةَ الصَّليبِ عِندَ الهالِكينَ جَهالَةٌ، وأمّا عِندَنا نَحنُ المُخَلَّصينَ فهي قوَّةُ اللهِ" (1كو1: 18).. وصار الصليب والاستشهاد علامة فخر المسيحي..

"فحاشا لي أنْ أفتَخِرَ إلا بصَليبِ رَبنا يَسوعَ المَسيحِ، الذي بهِ قد صُلِبَ العالَمُ لي وأنا للعالَمِ" (غل6: 14
"
هذه هي فلسفة الاستشهاد عند الآباء، حيث أدركوا عظمة الموت مع المسيح، وعظمة وأكاليل احتمال الآلام من أجله، والأمجاد التي بعدها.. وكان الاستشهاد والصليب والألم سببًا كافيًا لانتشار الإيمان.. ذلك الإيمان العظيم الذي يموت الناس من أجله، وليس الإيمان الذي يدفع تابعيه لقتل الآخرين من أجله.

إنه الإيمان والألم والاحتمال والصبر الذي يقتل العداوة، ويحول العدو إلى صديق، والجاحد إلى مؤمن، والمضطهد إلى كارز كمثل شاول الذي قتل استفانوس، ثم صار بولس العظيم. وكمثل أريانوس والي أنصنا الذي تفنن في تعذيب الشهداء، ثم آمن هو نفسه وصار شهيدًا عظيمًا.

لقد افترست الذئاب هؤلاء الحملان، وشربوا دماءهم الطاهرة، فتحولت الذئاب إلى حملان.. وصارت دماء الشهداء بذار الكنيسة.

 

المحبة تصنع لنا المستقبل

أمام الشر الذي يجتاح العالم، يحاول الإنسان المعاصر أن يبحث عن أعذار… وهنا تأخذ العلوم الإنسانيَّة على عاتقها تفسير كل شيء بتأثيرات خارجة عن الإنسان: المثاليَّة، الطبقيَّة، وسوء التربية، والعقد النفسيَّة، والطفولة التعيسة، والضيق النفسي… كلُّ هذا صحيح ويؤثِّر في سلوكنا بعض الشيء. لكن إذا أضفينا على تلك الظروف صيغة المطلقيَّة، قضينا بها على النفس.

إنَّ ما يُهدِّد الإنسان هو اعتباره. وهو خطر يجب على الإنسان أن يقف منه موقف الدفاع عن النفس، لأنَّه يحطُّ من كرامته، إذ من الأفضل أن يكون في نظر الناس مسؤولاً عن الشر الذي يفعله من أن يكون حجراً على رقعة شطرنج، وتُفسَّر أفعاله انطلاقاً من عوامل خارجة عن إرادته. إنَّ من يعترف بأخطائه يُعلن كرامته في العمق قائلاً: أنا كائنٌ حرٌّ ولا أحد يستطيع أن ينزع مسؤوليَّة أفعالي، حتَّى ولو نتجت عن تضافر عدَّة ظروف ومؤثِّرات.

إن لم أكُن مسؤولاً عن الشرِّ الذي أقترفه، فكيف أكون الفاعل الحقيقي للخير الذي آتيه؟ إن لم تكُن زلَّتي ملكاً لي، فهل يكون حبِّي ملكاً لي؟ الشرُّ ينتجُ عن حريَّة فاسدة، ولكنَّها قائمة، وأملنا الوحيد في أنَّها تُرمَّم يوماً ما.

إقرار بالذنب… ولكن أمام مَن؟ أمام ضميري؟ سوف يكون قاضياً عاطلاً أو جلاَّداً يخلو قلبه من الشفقة. هل أعترف للبشريَّة بذنبي؟ لكنَّها أسيرةُ الشرور مثلي، وتبحث هي أيضاً عمَّن تعترف له بذنبها. إن كانت حريَّتنا مطلقة فلأنَّها متجذِّرة في المطلق الذي تقوم عليه وحده وتثبت. لولا الله لكانت حريَّتنا وهماً وفراغاً لا يقابلهما شيء، وكنَّا على درجة كبرى من السخافة، وما كانت مركزاً لعلاقة… الحرُّ مسؤول وقادر على أن يجيب. عندما خلقني الله، دعاني وناداني، وفي الوقت عينه، جعلني حرَّاً قادراً على أن أُجيب. لولا النداء، لما كان الجواب. الحريَّة تحاور.

ولحسن الحظ، يستطيع الإنسان أن يقرَّ بذنبه أمام الله، أمام محبِّته القادرة على أن تخلق لنا مرَّة أُخرى المستقبل واماله…

يُسمِّي الإيمان المسيحي خطيئةً ذاك الشرَّ الذي يجعلني مسؤولاً عنه أمام الله. بيد أنَّ تلك اللفظة لا تعني شيئاً لغير المؤمن، فيرتكب مغالط وأخطاء. وحده المؤمن يستطيع أن يتحدَّث عن الخطيئة، لأنَّه يُدرك أنَّ خطاياه تبلغ قلب الله وأنَّ الإثم الذي نرتكبه يجرح في النهاية قلب الله.

لا يبحث الإنسان عن الشر، بل يسعى دوماً إلى الخير، خيره الشخصي، ولكنَّه ينخدع عندما يريد أن يُحدِّده. وهذا الخطأ مرتبط بحريَّته العميقة التي ترفض أن تقدِّم ذاتها، فيظنُّ عن جهل أنَّ المخلوقات تستطيع أن تجعله سعيداً، في حين أنَّ الله وحده قادر على أن يجعل البشر سعداء.

الحياة هي رجاءٌ لله من خلال كلِّ عمل وحركة، وغالباً ما نشبه، ويا للأسف، أُناساً ينتظرون زيارة صديق لهم، حتَّى إذا تأخَّر مجيئه، ينهمكون بعملهم فيشغلهم كليَّاً. وعندما يحضر الصديق الضيف، يستثقلون وجوده لأنَّ أشغالهم المتعدِّدة أخذت وقتهم الذي كان مُكرَّساً له.

كثير من الأشغال يملأ المجال الذي لا يحقُّ أن يشغله غير الله. لقد خُلق قلبُنا للآفاق الرحبة، فإذا بالقليل يفتنه. لقد أصبح عالم اليوم ماهراً في القضاء على شوق فينا إلى الجوهري، فنملأ نفوسنا من التوافه، ونستغني بها عن الفريد الضروري، في حين أنَّ الكلَّ هو من الله… نحتكر عطاياه لنجعلها ملكاً لنا دون سوانا، فلا نعتبرها علامة محبَّته لنا ودعوة إليه…

 إنَّ الخطيئة جحود للنعمة. إذ ذاك تصبح الهدايا حاجزاً بين معطيها وقابلها، بين الإنسان وإلهه. وكما تمحو الأمواج رسماً على رمل الشاطئ، هكذا يشحب وجه الله فينا ويتلاشى وينطفئ ما بنا من شوق ويموت.

تقوم الخطيئة فينا على خنق ما بنا من شوق إلى الله لكوننا نبخس الإنسان حقَّه في الوجود فيكتفي الخاطئ بالقليل ويطمئنَّ إلى الأصنام، ولا يعود يبحث عن شيء خارجاً عنها. ولكن مَن هو هذا الإنسان الذي يبطل فيه كلُّ حنين إلى الشاطئ الإلهي؟

الخطيئة إغفاءة القلب الذي لا يعود يشعر بشوق إلى اللامتناهي ويرتبك كينبوع في الرمل. قال يسوع: «احذروا أن لا تثقل قلوبكم في الخلاعة والسكر والهموم المعاشيَّة» (لوقا 21/34).

من خلال تلك الأصنام، نبحث عن نفوسنا. الخطيئة هي دوماً رفض الخروج من الذات سعياً إلى الآخر، وهي سعي جنوني وحثيث إلى الذات، وإنَّنا لنستمرُّ في محاولة تهدف إلى أن نتَّخذ من ذواتنا قلب العالم، في حين أنَّنا الخليقة العجيبة التي ليس لها مركز إلاَّ في الآخر. الخطيئة هي خلوٌّ وانكماش على الذات وانعكاف إلى الداخل، وهذا ما يُفقدنا الشبه بالله. وبدلاً من أن يُضيء النور الإلهيُّ وجهَنا، يلقي عليه ظلاً من طيَّاتنا وأنانيَّاتنا.

لا يختارُ الإنسان الشرَّ حبَّاً للشرِّ، ولا يجدُ نفسه أمام أمرين: اختيار الشر والخير، بل يواجه أخاه، بصمةً من الله، الذي يجب أن يُفضِّله على الكل، ويبذل ذاته في سبيله. فتتحقَّق إذ ذاك سعادته وتتمُّ غبطته. أمَّا إن رفض هذا العمل الخلاصي، فيصبح أسير ذاته وتنحصر حياته ضمن حدود أفقٍ ضيِّق. تلك هي الخطيئة التي تجعلنا نؤثر طبطبة الشاطئ على ريح البحر الواسع.

الخطيئة تتسرَّب إلى كلِّ مكان على مثال غبار فصل الجفاف في البلدان الحارَّة. ولا نتشاءم إن رأيناها تعمل في سائر مشاريعنا: إنَّها اللون لكلٍّ من أعمالنا. كما أنَّ الحنطة والزؤان يتداخلان، كذلك يتداخل الخير والشر كلَّما أردنا أن نعمل. أجمل عمل محبَّة يحمل بعضاً من أنانيَّة، وأجمل أفعالنا سعيٌ خفيٌّ إلى ذواتنا. في انطلاقاتنا الملأى بالرحمة، نحمل دوماً مرآةً نرى ذواتنا فيها، في حين نظنُّ أنَّنا على حب. على الإنسان ألاَّ ينظر إلاَّ إلى الآخر فينسى ذاته تماماً فيجيب بلا حساب ولا استرداد. وعلينا أن نكون ينبوعاً فيَّاضاً لا يميل إلى شخص دون آخر، ولا يهتمُّ بما يفعل الآخر بالماء الذي يأخذه. بيد أنَّ الالتباس ينحر حياتنا، كما ينخر السوس التفاحة.

إنَّ هذا الاكتشاف، الذي نجده أحياناً ثقيل الوطأة، لا يشلُّ حركتنا. في المثل، يرفض يسوع اقتلاع الزؤان كيلا يتاذَّى القمح (متَّى 13/24-30). يجب معالجة ما في قلبنا من وهن والقيام بمحاولة توسيع الحدود لمحبَّتنا يوماً بعد يوم. سوف نُصادف مناسبات تكون محبَّتنا فيها خاسرة كليَّاً، وأُخرى نبذل فيها بدون أمل الاسترداد. وأحياناً نخطو خطوة باتجاه الآخر، فلا نجد لها تقديراً، ونتمِّم واجباتنا، فلا يقرُّ لنا الآخرون بأيِّ فضل، ونذرف دموعاً في الخفية، عندما يظلمنا الناس ويتجاهلوننا، ونقوم بمبادرة بدافع وحيد هو الله وسرِّه اللاموصوف. آنذاك ينمو حبُّنا في الألم ويشفي منَّا كلَّ ما عشناه من أنانيَّة وعطَّلناه من أوقات.

المهمُّ هو أن نعرف في حياتنا أفعالاً تلامس الحبَّ الصافي فتعوِّض عمَّا أصابنا من انحرافات وتكون بمثابة زهرة صغيرة تتفتَّح لتبشِّر بالربيع الآتي قريباً. إنَّ تلك الانتصارات لهنيهاتُ نِعَم ونيرانُ مرح من النور تبدِّل في يومياتنا وتدعونا إلى الاعتقاد بأنَّ الشمس سوف تبدِّد ظلمتنا.

 

 

 

كلامنا يصنعنا في الباطن

عندما أنظرُ إلى الطبيعة فأرى أنها ما زالت في ألوانها الخافتة، إنها موسيقى التقشف قبل كرم العطاء الربيعي، قبل كرم عطاء الحياة وحينها أدرك معنى العيش اليوم بيومه ولكن هل نعرف ما لون الكلمات في داخلنا..؟

الكلمات التي نطرحها على الحياة؟ الكلمات التي نتلفظ بها أحياناً باللامبالاة والخفّة وفي أكثر الأحيان بالتذمّر والحُكم..!

إنّنا نتذمّر كثيراً في الوقت الذي نعيش فيه، من قلّة الوقت، من الوقت الذي مضى ولن يعود، نتذمّر من الآخرين، من الشباب والشيوخ والغرباء، من كلّ الذين يهدّدون راحتنا واستقرارنا. نتذمّر كثيراً وننسى أن عيشنا السلبي هذا يقسّمنا على ذواتنا ويشوّشنا، إذ لا نعود نعيش على ألحان التسبيح، والتسبيح دعوتُنا الأولى، ذلك التسبيح الذي يوحّدنا مع أغنية الخليقة التي لا نستطيع فهمها ألا أن اقتربنا من خالقها. الذي يهبنا الحياة ومن خلاله نصبح أكثر إنسانيّة، وبالتسبيح نرفع بينما بالتذمّر نذل، بالتسبيح نَصِلُ بينما بالتذمّر ننفصل، بالتسبيح نقف على أرجلنا بينما التذمّر يُركعنا على رُكبتينا ويبعدنا عن فهم خالقنا.

لكن الاحتفال بالحياة لا يعني بالضرورة أن ننكر خشونتها، علينا أن نرجع خطوة إلى الوراء كي نندهش من كلّ ما يرتجف تحت غلاف الأيام وحيث الحياة غائبة.

لنفكّر في المزامير، إنّها بالتأكيد ألحان موسيقيّة، ولكنها في الوقت نفسه، تعطي المكان الواسع للتأوّه والنفور والتذمّر، إنها تسأل الله بقدر ما تغنيه، ولكن في عمقِها كلها تسابيح نُزعت من قساوة الحياة كما من جمال الواقع. نحن في النهاية ما نريد أن نكون، وكلامنا يصنعنا في الباطن.

فعندما تكون السماء منخفضة بالغيوم الثقيلة، نستطيع أن نختار الخروج من التذمّر لندخل في ترنيم المزامير، وهذه طريقة للعيش على مستوى ما تحدّثنا به نفسنا، وليس على مستوى ما نشعر به بمرارة.

إنها طريقة للتخلّي عن البكاء الذي يجرّنا نحو الأسفل كي نصل إلى التضرّع الذي يتوق إلى رؤية الوجه المتألّق للأشياء والكائنات.

كل ما لا نضعه في العالم من المجانية سوف لا يكون.

لنسبّح الربّ كي تُبنى من جديد بالفرح، خيمتُه التي في داخلنا.

الاحتفال بالحياة هو إعادة بناء أنفسنا قبل كلّ شيء، لأن خيمة اللقاء هذه التي نحملها في داخلنا، تقودنا في الواقع إلى ما نتوق إليه، لأنها هي التي تحملنا في مسيرتنا عبر صحراء هذه الدنيا، إنها واحة من الفرح الذي لا يغيب أبداً. الفرح الذي يعلمنا الرسول بولس أن نعيشه في رسالته إلى مؤمني فيلبي (4:4) "أفرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضاً أفرحوا." لان الفرح هو اليقين الهادئ الواثق من محبة الله وعمله في حياتنا، وأنه موجود معنا مهما كانت الظروف ولا يتوقف على الأحداث، ويستند إلى المسيح. آمين

 

 

 

الكرسي الفارغ

سألت فتاة من خادم الكنيسة (اي القس) أن يزور ابوها المريض في البيت ويصلى معه. لبى ذلك القس دعوة تلك الفتاة، وذهب لزيارة ذلك الرجل المريض، فوجده طريح الفراش، إذ لم يستطيع النهوض، وبجوار الفراش كرسي فارغ. افترض القس أن الأب قد علم بزيارته، فقال له " لقد كنت تتوقع زيارتي، اليس كذلك؟، فأجاب الأب على الفور وقال كلا، لم أكن أتوقع أي زيارة. عرف القس عن نفسه للأب ثم ذكر ملحوظة وقال: لقد رأيت ذلك الكرسي الفارغ، وأنا تصورت انك تعرف بأنى سآتي لزيارتك. فقال الأب اوه، الكرسي..!، هل تسمح وتغلق الباب، سأخبرك بإمره. أغلق القس باب الغرفة وهو في تعجب.وهنا قال له الأب " أنا لم أخبر أحد من قبل ولا حتى ابنتى، ما سأقوله لك الآن "ثم أردف قائلاً" كنتطوال عمري لا أعرف كيف أصلي، وحتى في الكنيسة سمعت الراعي يتكلم مرات متعددة عنالصلاة، لكن كلما حاولت كنت ألقى الفشل. حتى جاء يوم منذ أربعة أعوام تقريبا، قال لي فيه أعز أصدقائي " جوني انظر، إن الصلاة هي شئ بسيط جداً، إنها محادثة مع يسوع، وأناأقترح عليك أن تجلس على مقعد وتضع أمامك مقعد آخر خال، ثم تؤمن أن يسوع جالس عليه، فهو قد وعد أنيكون معنا دائما، ووعوده صادقة وليست مجرد كلمات. ثم تحدث مع يسوع كما تتحدث معي بالضبط. وهكذا جربت أنا هذه الطريقة وأحببتها حتى أنني أقضي وقت طويلا كل يوم فى الصلاة والتكلم للرب هكذا و أنا حريص في ممارستى لهذا الأمر،لأنه لو رأتني إبنتي أتحدث للكرسى الفارغ، إما أن تنهار، أو تفتكر بأنني أصبت بالجنون ويصعب علي ذلك. تأثر القس جدا بما أخبره به ذلك الرجل، وشجعه أن يستمرفيما يقوم به ووعده بانه سيزوره من حين لآخر. ثم صلى معه وعاد للكنيسة. وبعد ليلتين تحدثت الفتاة للقس مرة أخرى وأخبرته أن والدها قد توفى بعد ظهر ذلك اليوم. فسألها القس كيف كان قبل وفاته، وهل انتقل فى سلام؟أجابت الفتاة قائلة: نعم.. لقد غادرت المنزل حوالي الساعةالثانية بعد الظهر لشراء بعض الاغراض وقبل مغادرتى المنزل استدعاني بجوار فراشهوقال لي انه يحبني وقبل وجنتي. ولكن حال رجوعي بعد ساعة من الزمن، كان قد توفى. ولكن لاحظت أمر غريب جدا. لقد كان وجه والدي مبتسما وهادأ، وكان لم يزل في سريرهولكن كان متكئ رأسه على مقعد ذلك الكرسي الفارغ الذى بجوار فراشه !!! ".ترى ماالذى يعنيه هذا؟مسح القس الدموع التى انسكبت من عينيه وقال للفتاة : لم يكن ذلك الكرسي فارغا، لقد أستخدم أبوك ذلك الكرسي ليشجعه على الصلاة، وكأن الربجالس بقربه، وأخيرا عندما حان وقت وقت الرحيل، لقد ألقى أبوك رأسه على حضن ذلك الذيأحبه.صديقي، هل تشعر بأن الله قريب منك؟ كم من الوقت تصرف معه؟ إن الصلاة هي علاقة شخصية وصلة مع الله. عندما تقراء الكتاب المقدس فأن الله يتكلم معك. وعندما تصلي فأنت تتكلم معه. نعم، الله روح، والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا.الله موجود في كل مكان، فلسنا بحاجة إلى كراسي ومقاعد لنشعر بوجوده. ولكننا بحاجة إليه في حياتنا.

 

 

 

 

أعمى ويرى

 

فى أحد المستشفيات كان هناك مريضان هرمين فى غرفة واحدة. كلاهما معه مرض عضال أحدهما كا مسموحاً له بالجلوس فى سريره لمدة ساعة يومياً بعد العصر. ولحسن حظه فقد كان سريره بجانب النافذة الوحيدة فى الغرفة. أما الأخر فكان عليه أن يبقى مستقلياً على ظهره ناظراً إلى السقف. تحدثا عن أهليهما، وعن بيتيهما، وعن حالتهما، وعن كل شئ.

وفى كل يوم بعد العصر، كان الأول يجلس فى سريره حسب أوامر الطبيب، وينظر فى النافذة، ويصف لصاحبه العالم الخارجى. وكان الآخر ينتظر هذه الساعة كما ينتظرها الأول، لأنها تجعل حياته مفعمة بالحيوية وهو يستمع لوصف صاحبه للحياة فى الخارج، ففى الحديقة كان هناك بحيرة كبيرة يسبح فيها البط. والأولاد صنعوا زوارق من مواد مختلفة وأخذوا يلعبون فيها داخل الماء. وهناك رجل يؤجر المراكب الصغيرة للناس يبحرون بها فى البحيرة. والجميع يتمش حول حافة البحيرة. وهناك أخرون جلسوا فى ظلال الأشجار أو بجانب الزهور ذات الألوان الجذابة. ومنظر السماء كان بديعاً يسر الناظرين.. وفيما يقوم الأول بعملية الوصف هذه ينصت الآخر فى ذهول لهذا الوصف الدقيق الرائع. ثم يغمض عينيه ويبدأ فى تصور ذلك المنظر البديع للحياة خارج المستشفى وفى أحد الأيام وصف له عرضاً عسكرياً. ورغم أنه لم يسمع عزف الموسيقية إلا أنه كان يراها بعينى عقله من خلال وصف صاحبه لها. ومرت الأيام والأسابيع وكل منهما سعيد بصاحبه. وفى أحد الأيام جاءت الممرضة صباحاً لخدمتهما كعادتها، فوجدت المريض الذى بجانب النافذة قد قضى نحبه خلال الليل. ولم يعلم الآخر بوفاته إلا من خلال حديث الممرضة عبر الهاتف وهى تطلب المساعدة لإخراجه من الغرفة. فحزن على صاحبه أشد الحزن. وعندما وجد الفرصة مناسبة طلب من الممرضة أن تنقل سريره إلى جانب النافذة. ولما لم يكن هناك مانع فقد أجابت طلبة. ولما حانت ساعة بعد العصر وتذكر الحديث الشيق الذى كان يتحفه به صاحبه انتحب لفقده. ولكنه قرر أن يحاول الجلوس ليعوض ما فاته فى هذه الساعة. وتحامل على نفسه وهويتألم، ورفع رأسه رويداً مستعيناً بذراعيه، ثم اتكأ على أحد مرفقيه وأدار وجهه ببطء شديد تجاه النافذة لينظر العالم الخارجى. وهنا كانت المفجأة !!. لم ير أمامه إلا جداراُ أصم من جدران المستشفى، فقد كانت النافذة على ساحة داخلية. نادى الممرضة وسألها إن كانت هذه هى النافذة التى كان صاحبه ينظر من خلالها، فأجابت إنها هى !! فالغرفة ليس فيها سوى نافذة واحدة. ثم سألته عن سبب تعجبه، فقص عليها ما كان يرى صاحبه عبر النافذة وما كان يصفه له. كان تعجب الممرضة أكبر، إذ قالت له : ولكن المتوفى كان أعمى، ولم يكن يرى حتى هذا الجدار الأصم..!!!

 

 

 

 

الوزير المسيحي

أراد أحد الملوك أن يتخلص من وزيره المسيحي دون أن يتهمه أحد بالظلم أو بالشر لأن هذا الوزير مشهود له من الجميع
بالأمانة وخدمته للآخرين. ففتش في دفاتره فلم يجد فيها أي خطأ يستحق عليه الوزير العقاب. فأشار عليه وزير وثنى أن يسأله ثلاثة أسئلة ليجيب عنها بدون استخدام الكتاب المقدس وإذا لم يستطيع يطرده من البلاد.
وفعلاً استدعى الملك وزيره المسيحي وسأله هذه الأسئلة:-
1- من قبل الله ؟
2- الله جالس في أي مكان في السماء ؟
3- الله عندما ينظر إلى الأمام هل يرى الخلف ؟  
فاختار الوزير وطلب من الملك مهله 3 أيام وجلس في بيته حزينًا شارد الفكر وأغلق حجرته عليه دون أكل وجاءت إليه ابنته لتسأله عن سبب حزنه فأخبرها عن السبب. فقالت له ابنته خذني إلى الملك وأنا أجيب لك عنها ولا تخف لأن الله معنا.
فذهب الوزير وابنته إلى الملك وقال هذه الأسئلة سهله وبسيطة حتى أن ابنتي الصغيرة تستطيع أن تجيب عليها بسهوله
وتقدمت الفتاه إلى الملك وقالت إليه :-
إجابة السؤال الأول: من قبل الله؟ 
أرجو منك أن تعد من 1 إلى 10 فعد الملك فطلبت منه تكرار العد من 1 إلى 10. فعد الملك ثم كررت الطلب مره ثالثة فتضايق الملك لكنه عدهم فسألته ماذا يوجد قبل الواحد فأجاب الملك لا يوجد شيء فقالت وهكذا لا يوجد شيء قبل الله.
ثم قالت إليك إجابة السؤال الثاني : أين يجلس الله في السماء؟ 
أحضر لي كوب ماء وضع فيه ملعقة سكر وذوبها جيداً ففعل الملك كما طلبت. فسألته أين السكر؟ فأجاب قد ذاب في كوب الماء كله فقالت له : هكذا الله يوجد في كل مكان مثل السكر المذاب في الماء.
ثم قالت إليك إجابة السؤال الثالث والأخير: الله عندما ينظر إلى الأمام هل يرى الخلف؟ 
قالت احضر لي شمعة وضعها في منتصف المائدة واحضر نار لتوقد بها الشمعة. وعندما أوقد الملك الشمعة قالت له : أين أضاءت الشمعة في الأمام أو في الخلف؟
فقال الملك لا يوجد أين؟ إنما الشمعة أضاءت كل المكان.
فقالت له هكذا يضئ الله المكان كله وليس له أمام أو خلف.
فنظر إليها الملك وتعجب وقام بتكريم والدها.

لا تسأل كما سأل فيلبس قديماً السيد المسيح أرنا الآب وكفانا، لأن الرب يسوع إلهنا معنا دائماً في قلوبنا.

 

 

 

 

لأحمل صليبي بفرح

لاحظت الأرملة الجميلة أولادها الصغار يهربون من أمام وجهها عندما تعود من عملها مرهقة للغاية. تساءلت في نفسها: لماذا أحمل هذا الصليب الثقيل؟؟ لقد مات زوجي الحبيب وأنا في ريعان شبابي تاركا لي 3 أطفال..... وهاأنا أكد وأشقي كل يوم، ولا تفارق العبوسة وجهي. كرهني الجميع..... حتى أطفالي...... يهربون من وجهي إني لا أحتملهم وهم يلعبون ويلهون... ولكن ما ذنبي ؟؟ صليبي أثقل من أن يحتمل!!

ركعت الأرملة في احدي الليالي تطلب من الله أن يأخذ نفسها منها!!!!! فان صليبها لا يحتمل!!!!! وإذ نامت رأت في حلم أنها في غرفة مملوءة صلبانا، بعضها كبير والآخر صغير، بعضها أبيض والآخر أسود، وقد وقف بجوارها السيد المسيح الذي تطلع إليها في حنو وقال لها: "لماذا تتذمرين؟؟ اعطني صليبك الذي هو ثقيل عليك جدا، واختاري لنفسك صليبا من هذه الصلبان التي أمامك، ، لكي يسندك حتى تجتازي هذه الحياة." إذ سمعت الأرملة هذه الكلمات ..... قدمت صليبها بين يدي المسيح ....صليب حزنها المر.... ومدت يدها لتحمل صليبا صغيرا يبدو أنه خفيف . لكن ما أن رفعته حتى وجدته ثقيلا للغاية. سألت عن هذا الصليب، فأجابها السيد المسيح: " هذا صليب شابة أصيبت بالفالج في سن مبكرة وستظل كسيحة كل أيامها، لا تري الطبيعة بكل جمالها. ويندر أن يلتقي بها صديق يعينها أو يواسيها".

تعجبت المرأة لما سمعته ، وسألت السيد المسيح :" ولماذا يبدو الصليب صغيرا وخفيفا للغاية؟؟؟؟؟ أجابها السيد المسيح:"لأن صاحبته تقبلته بشكر، وتحملته من أجلي فتجده صغيرا وخفيفا للغاية"

تحركت الأرملة نحو صليب آخر يبدو أيضا صغيرا وخفيفا ، لكنها ما أن أمسكت به حتى شعرت كأنها قطعة حديد ملتهبة نارا. صرخت المرأة من شدة الحرق، وسقط الصليب من يدها. صرخت الأرملة: "صليب من هذا يا سيدي؟؟؟" أجابها السيد المسيح:"انه صليب سيدة زوجها رجل شرير للغاية، عنيف جدا معها ومع أولادها..... لكنها تحتمله بفرح وتصلي لأجل خلاص نفسه.

انطلقت نحو صليب ثالث يبدو أيضا كأنه صغير وخفيف ، لكن ما أن لمسته وجدته كقطعة جليد . صرخت: صليب من هذا يا سيدي ؟ أجابها: "هذا صليب أم فقدت أولادها الستة ... ومع كل ولد ينتقل ترفع قلبها إلى تطلب التعزية. وها هي تنتظر خروجها من العالم بفرح لتلتقي معهم في فردوس النعيم!" انطرحت الأرملة أمام مخلصها وهى تقول : سأحمل صليبي الذي سمحت لي به..... لكن..... لتحمله أنت معي أيها المصلوب... أنت تحول آلامي إلى عذوبة... أنت تحول مرارتي إلى حلاوة...

 

 

 

 

قصة من قصص أبي

 

حكى لي أبي المرحوم رحمه الله ورحم جميع أمواتكم قال: في يوم من الأيام أمر أحد الملوك بوضع حجر كبير وثقيل في أحد الطرق العامة الرئيسية ثم كلف بعضا من رجاله ليراقبوا اللذين يمرقون من عندها وماذا ستكون ردة فعلهم وكيف سيتصرفون... كل الناس التي مرت على هذه الحجرة لم يحاول أحدا منهم إزاحتها من الشارع... بل كانوا يوتمتمون قائلين: أين هم المسؤولون على نظافة الطرقات ألم يروا هذه الحجرة الكبيرة التي تزعج الماره ويكملون طريقهم... ماراح أطول عليكن القصه أخيرا تقرب رجلا فقيرا شهم عندما رأى تلك الحجرة في الشارع سرعان ماحس وشعر بإزعاج الناس من تلك الحجرة وضربت في رأسه النخوة والرجوله و بحماس لف ساعديه حول الحجر وبعد جهد جهيد وبصعوبه إستطاع أن يزيح الحجر من الشارع للطرف الآخر... وعندما رفع الحجر من الطريق رأى تحت الحجر كنز من الذهب الخالص ورساله مكتوب فيها هذا الكنز هو عبارة عن هديه من الملك لكل من يرفع هذه الحجرة من الطريق... سبحانك ربي تهب لنا من حيث لا ندري!
 المغزل من هذه القصة هو أن كثيرون لا يهتمون بمشاكل الآخرين لأن هؤلاء الناس لايفكروا إلا بأنفسهم وبما يرتاحوا هم به فقط لأنهم يهربوا من التضحية من أجل الغير ويظنوا أن الراحة هي في إبتعادهم عن مشاكل الناس والمتاعب التي تتسب لهم في خدمتهم للآخرين.

 

 

 

قفص العصافير

 

كان جورح راعيا لكنيسة في ضيعة من ضيع نيو انجلاند
فجاء في إحدى الأيام إلى كنيسته، حاملا بيده قفص للعصافير، بدت عليه علامات الزمن، واعتراه الصدأ.
وضع جورج ، ذلك القفص على المنبر. بينما أخذ الجميع في الكنيسة يحدقون في ذلك القفص، وهم يتسائلون في بينهم عن أمره.
شعرجورج بتسائلاتهم، فقال: بينما كنت سائرا، في وسط الضيعة يوم أمس، رأيت ولد يحمل بيده قفص العصافير هذا، وفي داخله ثلاثة عصافير صغيرة، ترتجف خوفا وبردا، وهو يلوح بها يمنة ويسرى من دون أي إكتراث.
إستوقف القس ذلك الولد وسأله قائلا: ما هذا الذي تحمله يا أبني؟ أجابه الولد، إنها عصافير برية! وما الذي تريده من تلك العصافير؟ إني ذاهب بهم الى البيت، وهناك سأخذهم، واحدا فواحدا، وابدا في سحب ريشهم، لأرى كيف يدافعون عن أنفسهم. إن رؤيتهم وهم يهربون من يدي، في القفص جميلة جدا !
أجاب القس قائلا: إنني متأكد بأنك لن تتلذذ في تعذيبهم...
أجاب الولد: لا بالعكس، إن لدي بعض القطط، فهم يحبون العصافير، فبعد أن أنتف ريشهم، فلن يستطيعوا الطير فيما بعد. فسأرمي بهم أمام تلك القطط لأرى كيف تصطادهم تلك القطط.
صمت القس للحظات، ثم سأل الولد قائلا: وكم تريد في هذه العصافير؟ أجاب الولد بسخرية، يا سيدي إن هذه عصافير برية، من الحقل، أنظر اليهم، فليست ألوانهم جميلة، حتى أنهم لا يزقزقون...
كم تريد في تلك العصافير؟ نظر الولد الى القس، عالما بأنه مصمما على شرائهم، ثم قال 10 دولارات.
مد القس يده الى جيبه، وأخرج منها عشرة دولارات، وما أن وضعها في يد الولد، حتى توارى الولد عن النظر، تاركا ذلك القفص والعصافير التي فيه. أخذ القس ذلك القفص برفق، وذهب به إلى مكان حيث كثرة فيه الأشجار، وهناك فتح باب القفص، طالبا من تلك العصافير الخائفة، أن تطير من جديد، مطلقا بذلك سراحها.
ثم تابع جورج كلامه قائلا، لقد قبض الشيطان في جنة عدن، على الإنسان، بسبب خطيته، بعد أن وضع له مصيدة، وفخا. فوقع الإنسان في الفخ، وهكذا أصبح العالم بأسره في القفص، إذ كان قد قبض عليهم.
لكن عندما سأل يسوع " وما الذي تريد أن تفعله بإلانسان" ؟ أجاب الشيطان، سأريه كم هو صغير، وليس له أي قوة للهروب من يدي... فسأل يسوع : وكم تريد؟ أجاب الشيطان، لماذا أنت مهتم هكذا في الإنسان، إنه بلا نفع ولا قيمة، فإنه سيبغضك، وينكرك، لن يفهم ولن يقدر عملك، وسيبصق في وجهك...
لكنه أصر قائلا : كم تريد...؟ فدفع يسوع دمه الكريم عوضا عنك، لكي يشتري لك حياتك...
صديقي...إن ثمن الإنسان غالٍ جدا... يقول الكتاب المقدس " عالمين انكم افتديتم لا باشياء تفنى، بفضة او ذهب، بل بدم كريم كما من حمل بلا عيب، ولا دنس دم لمسيح."
لأن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا... لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل
ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.
لأنه ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه... أنت غالٍ جدا على قلب يسوع... أرجوك أن تقبل اليه

 

 

 

 

 

 

راحة النفس

منى يوسف

 

"وهم جالسون عند قدميك يتقبلون من أقوالك" (تث 33 :3)

 أتحدث إليكم أيها الأحباء عن أفضل مكان لنا في هذه البرية. المكان الذي عنده تُحّل كل ارتباكات الحياة، وتدحرج كل أثقال النفس. إنه عند قدمي الرب يسوع المسيح. وأن نأخذ مكاننا عند قدميه، فان هذا هو أفضل موضع مبارك بالنسبة لنا على الإطلاق. فهناك يمكننا أن نتحدث معه عن كل شيء: خطيئتنا، خدمتنا، أحزاننا، ماضينا... وكم هي راحة عُظمى تلك التي نجتنيها بصدد كل سؤال كبير يؤرقنا، إذ نجد الإجابة عند قدمي مخلصنا المعبود. هناك ندرك عظمته، ونعرف أنه أعظم من أية صعوبة تعترض حياتنا. حقاً لا يوجد مكان نظير. ذاك مفرح للخاطئ الأثيم المعترف بخطاياه ليتوب عنها، ومُريح للقديس في شتى أحوال الحياة.

ولعل أول من يتعّمق فينا من شعور عندما نأتي عند موطئ قدميه، هو أنه أعظم من خطايانا وهذا ما اكتشفته المرأة التي كانت في المدينة خاطئة (لو 6) لقد قال ربنا: "تعالوا إلي يا جميع المتعبين ولثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت 11 :28). ولعل هذه المرأة المسكينة والمتعبة بثقل خطاياها قد سمعت نداء السيد، فجاءت منجذبة إليه إلى بيت سمعان. أتدخل بيت ذلك الرجل الفريسي؟ وبأي وجه تفعل ذلك؟ إنه عبوس وجه ذلك الفريسي وضيوفه، ربما تدفعها بعيداً عن باب المنزل... ولكن السيد الذي تعلقت به، والذي في اتضاعه كان موجود. فكان أحتياجها إليه أعظم من خوفها من الناس. وقد كانت هناك قوتان تعملان في نفسها أعظم من عداوتهم لها، وقد عملتا لتحضرها "عند قدمي يسوع" فمحبته اجتذبت قلبها، واحتياجها ساق قدميها إلى هناك مدفوعة بمحبته الجاذبة، واحتياجها العميق، فدخلت ليجد قلبها المثقل والمتعب راحته وبركته عند قدمي المسيح.

كل من يتخذ المسيح ملجأ له يستريح

يحيا سعيداً مُضلاً بحبه الجليل

إلى ابد الآبدين... أمين

 

 

 

 

 

 

طريق وسط الثلج

منى يوسف

 

في مدينتي إذ يحل فصل الثلج يفرح الأطفال جداً، حيث يجدون فرصتهم للعب في الثلج، فيقيمون تماثيل من الثلج في الحدائق ويتركونها طوال فترة الشتاء، حتى متى حل الدفء تذوب.

مع سقوط الثلج في بداية فصل الشتاء صارت الحديقة كلها بيضاء، وخرج ثلاثة أصدقاء يلعبون معاً. قال احدهم، هلم ندخل في سباق، فنصنع طريقاً بين الثلج بأحذيتنا، كل منا يسير على الثلج باستقامة حتى السور، لنرى من الذي يصنع طريقاً مستقيماً تماماً.

ابتعد الثلاثة عن بعضهم البعض، ثم بدءوا يسيرون ويضغطون بأحذيتهم على الثلج.

فجأة وجد الأول نفسه قد انحرف تماماً عن السور. والثاني ظن أنه قد صنع طريقاً مستقيماً لكنه بعد أن بلغ السور تطلع إلى الطريق الذي صنعه بحذائه فوجد نفسه قد أنحرف من هناك يميناً ويساراً. وأما الثالث فصنع الطريق مستقيماً تماماً.

تساءلوا فيما بينهم لماذا لم ينجح الأول والثاني في إنشاء طريقِ مستقيمِ إذ صنع الأول طريقاً منحرفاَ والثاني متعرجاً، بينما نجح الثالث في ذلك وكانت إجابة الصديق الثالث:

قد كنتما تتطلعان إلى أسفل وأعينكما على قدميكما لذا انحرفتما في الطريق، أما أنا فقد صوبت نظري إلى الشجرة التي أمامي على حافة السور ولم أمل بنظري يمينا أو يساراً، ولا إلى أسفل لذلك جاء الطريق مستقيماً.

حياتنا هي سباق بين البشر، فمن يسلك في الطريق الملوكي يبلغ إلى السماء بلا انحراف ولا تعرج وسط ثلج هذا العالم... كثير من الناس يشتهون السلوك المستقيم لكنهم يشعرون بالعجز، ويعللون ذلك بأنهم بشر ضعفاء، عاطفيون، وان العالم جذاب، أو الحياة قاسية. لكن سبب الانحراف أو التعرج هو عدم تركيز عيني القلب على شجرة الحياة، ربنا يسوع المسيح.

حسنا أن نعترف بضعفاتنا، ونحذر إغراءات العالم وحيل عدو الخير، لكن يلزمنا أولاً وقبل كل شيء تركيز أنظارنا علي مسيحنا. هذا هو الجانب الايجابي الذي يسندنا في النمو الروحي عوض الانشغال بالسلبيات.

إن أردنا أن نسلك باستقامة يلزمنا ألا نتطلع إلى تراب هذا العالم والوحل، كما لا نلهو بمباهجه وإغراءاته، لأنها تنحرف بنا عن الطريق الملوكي، وأيضا لا نتطلع إلى ذواتنا، بل نرفع أعيننا إلى فوق ونتطلع إلى مسيحنا فيحملنا فيه، الطريق الإلهي الملوكي الذي لا يحمل انحرافاً. يقول الرسول بولس "لنحاضر بالصبر في الجهاد الموضوع أمامنا، ناظرين إلى رئيس ألإيمان ومكمله يسوع." عب 12 : 1 ،2  

 

 

 

 

 

 

الزهرة

مارينا يوسف

 

جلست فى الحديقة العامة والدموع تملاء عينى... كنت فى غاية الضيق والحزن، ظروفى فى العمل لم تكن على ما يرام، بالأضافة إلى بعض المشاكل الشخصية الأخرى. بعد عدة دقائق رأيت طفلاً مقبلاً نحوى وهو يقول: "ما أجمل هذه الوردة رائحتها جميلة جداً". تعجبت لأن الوردة لم تكن جميلة بل ذابلة، و لكنى أردت التخلص من الطفل فقلت: "فعلاً، جميلة للغاية". عاد الولد فقال: "هل تأخذيها؟". دهشت ولكنى أحسست إننى لو رفضتها سيحزن، فمددت يدى وقلت: "سأحب ذلك كثيراً، شكراً". أنتظرت أن يعطينى الوردة ولكن يده بقيت معلقة فى الهواء. وهنا أدركت ما لم أدركه بسبب أنانيتى و أنشغالى فى همومى... فالولد كان ضريراً!! أخذت الوردة من يده، ثم احتضنته وشكرته بحرارة وتركته يتلمس طريقه وينادى على أمه. بعض من أمور حياتنا تدفعنا للتذمر فهيا بنا نتأملها فى ضوء مختلف يدفعنا للشكر... فهيا بنا نشكر لأجل: *الضوضاء، لأن هذا يعنى إننى أسمع. * زحمة المرور، لأن هذا يعنى إننى أستطيع أن أتحرك وأخرج من بيتى. *النافذة المحتاجة للتنظيف والأوانى التى فى الحوض، لأن هذا يعنى إننى أسكن فى بيت، بينما كان رب المجد ليس له أين يسند رأسه. *البيت غير النظيف بعد زيارة الضيوف، لأن هذا يعنى إن لدى أصدقاء يحبوننى. *الضرائب، لأن هذا يعنى إننى أعمل وأكسب. *التعب الذى أشعر به فى نهاية اليوم، لأن هذا يعنى إن ربنا أعطانى صحة لأتمم واجباتى. * المنبه الذى يوقظنى فى الصباح من أحلى نوم، لأن هذا يعنى إننى مازلت على قيد الحياة، ولى فرصة جديدة للتوبة والعودة إلى الله. "إنه من إحسانات الرب إننا لم نفن، لأن مراحمه لا تزول، هى جديدة كل صباح.

 

 

 

 

 

كم تزن صلاة؟

 

امرأة فقيرة ذات ملابس حقيرة، وعلى وجهها نظرة منكسرة، ذهبت لمتجر بقالة. واقتربت من مالك المتجر فى إتضاع شديد، وسألته لو كان من الممكن أن يسمح لها بأخذ بعض مواد البقالة، وشرحت له مباشرة كيف أن زوجها مريض جداً وغير قادر علىالعمل فى هذا الوقت، ولكن أبنائهم سبعة ويحتاجون للطعام، تهكم صاحب المتجر جون لونجهاوس عليها وطلب منها أن تترك المتجر وهى مدركة مقدار احتياج أسرتها، عادت تقول 'من فضلك يا سيدى، سأحضر لك النقود حالما أستطيع'. فقال لها جون لونجهاوس أنه لا يقدر أن يعطيها بالأجل، لأنها ليس لها حساب فى المتجر وكان هناك زبون يقف بالقرب من المكتب ويسمع المحادثة بين الاثنين.

فتقدم للأمام وقال لصاحب متجر البقالة أنه سيسدد ثمن كل طلبات هذه السيدة .

فى اشمئزاز وتهكم قال صاحب المتجر للسيدة هل لديك قائمة بالطلبات؟ فقالت السيدة لويز نعم يا سيدى، فقال لها 'ضعى هذه القائمة على كفة الميزان ومهما كان وزنها، فسأعطيك مواد بقالة مماثلة لوزنها فى الكفة الأخرى!!!!!.

ترددت السيدة لويز للحظات ورأسها منحنى، ثم بحثت فى كيسها وأخذت قطعة من الورق وكتبت عليها. ثم وضعت قطعة الورق على كفة الميزان بمنتهى العناية ورأسها ما زال منحنياً.

وهنا أظهرت عيون صاحب المتجر والزبون اندهاشاً عندما نزلت كفة الميزان التى وضعت السيدة فيها الورقة لأسفل وبقيت هكذا!!! وراح صاحب المتجر يحملق فى الميزان، ثم استدار ببطء ناحية الزبون الواقف وقال فى حسد 'أنا غير قادر على تصديق ما يحدث'.

ابتسم الزبون بينما راح صاحب المتجر فى وضع المؤن فى الكفة الثانية من الميزان، ولكن الكفة الأخرى من الميزان لم تتحرك ، فأستمر فى وضع بضائع أخرى حتى امتلأت كفة الميزان تماما.

وهنا وقف جون صاحب المتجر وكله تقزز واخيراً تناول الورقة الموضوعة فى كفة الميزان الأخرى ونظر إليها
باندهاش شديد .

فوجدها أنها لم تكن قائمة طلبات بقالة، ولكنها كانت صلاة تقول 'ربى العزيز، أنت تعلم كل احتياجاتى، وأنا أضعها بين يديك الأمينتين'.

أعطى صاحب المتجر البضائع التى جمعها فى كفة الميزان الأخرى للسيدة لويز. ثم وقف صامتا كالمصعوق!
شكرته لويز وخرجت من المتجر وهنا قدم الزبون مبلغ 50 دولاراً لجون صاحب المتجر وهو يقول له 'أنك تستحق كل بنس فيها' .

فى وقت لاحق اكتشف جون لونجهاوس صاحب المتجر أن الميزان مكسور! لذلك فالله وحده هو الذى يعلم كم تزن هذه الصلاة عندما تصلك هذه الورقة أرجوك أن ترفع صلاة فورية من أجل من أعطاك إياها ، ثم أعطها أنت لآخرين .

فالصلاة من أحسن الهبات المجانية التى أعطيت لنا.


'لا تهتموا بشيء بل في كل شيء بالصلاة و الدعاء مع الشكر لتعلم طلباتكم لدى الله (فيلبي 4 : 6)'

 

 

 

آثار أقدام في الرمل

في إحدى الليالي راود رجلا حلم.ٌ

حلمَ أنّه كان يمشي على طول الشاطئ مع الرّب.

وكانت تومض في السماء مشاهد من حياته.

وفي كلّ مشهد لاحظ وجود زوجين من آثار الأقدام في الرمل،

واحد له، والآخر للرّب

وعندما مرّ أمامه آخر مشهد من حياته،

عاد لينظر إلى كلّ آثار الأقدام في الرمل.

فلاحظ أنّه في عدّة أوقات خلال مسيرة حياته

كان هناك زوج واحد فقط من آثار الأقدام.

ولاحظ أيضا أنّ هذا قد حدث

في أكثر الأوقات كآبة وحزنا في حياته.

هذا أزعجه فعلا وسأل الرب عن ذلك.

"يا رب، لقد قُلْتَ أنني بمجرد أن أقرر اتّباعك،

فإنَك ستمشي معي طول الطريق.

لكنني لاحظت أنّه خلال أكثر الأوقات اضطرابا في حياتي،

هناك زوج واحد فقط من آثار الأقدام.

لا أفهم كيف تركتني عندما كنتُ بأمسّ الحاجة إليك."

أجاب الربّ:

"يا بنيّ، يا طفلي الغالي، أنا أحبك ولا يمكن أن أتركك.

في أوقات التجربة والألم،

عندما ترى زوجا واحدا من آثار الأقدام،

فذلك كان عندما حملتكَ."

 

 

 

 

 

مَن صدَّق خبرناَ (إشعياء 53 : 1)

منى يوسف دكا

سعيته جاهدةَ أن أكتب من كلماتي الشخصية لأعبر عن وصف شخصه الفريد، وحبه العظيم، وبهائه المتألق، ومعجزاته بما صنعه في حياتي ولم تصل أعماق كلماتي إلى ما قرأته في أحدى التأملات. لذلك أرت مشاركة قراء كاروزوتا بالتأمل في أعماق ما كتب عن الحبيب ألذي لا يفنى حبه بزمن الأزمات والضيقات العتيقة، بل بالعكس يكون بحنانه أقرب من دقات قلب الإنسان لنفسه ليُسمعه بالفرح القريب على الأبواب.

فأرجوا منكم يا أخوتي وأخواتي أن تتأملوا بكل كلمة من بين السطور وكل همسة تخرج من بين الكلمات المكتوبة عن وصف الحبيب ألذي بحبه تم الخلاص من القبور... فأعذروني على ضعفي واقتباسي.

كتُبَ عن ملكي:

في أضيق ظروف العيش وّلد، لكن الفضاء من فوقه عطرته هللويات جُند السماء. كان مهده مذوداً للبهائم، لكن من فوقه كان نجم لامع يهدي خطوات المجوس من المشرق ليسجدوا له. كان مولده على خلاف قوانين الحياة، وكان موته على خلاف قوانين الموت. وحياته وتعليمه كان فيها معجزة الدهور أغلقت على التفكير والتفسير.

لم يكن يملك حقول قمح، ولا مصايد أسماك لكنه أستطاع أن يرتب مائدة لخمسة ألاف ولأربعة ألاف أكلوا خبزاُ وسمكاُ وفضل عنهم ما يملا القفف والسلال، لم يمشي في حياته على بساط وردي جميل يليق بكرامة قدميه، لكنه مشى يوماُ على مياه البحر فحملته طائعة كما حملت تلميذه أيضاُ بناء على كلمة خرجت من شفتيه.

كان صليبه أفدح الجرائم جميعاً لكن من جانب الله لم يكن ثمن أقل من ألآمه الكفارية يمكن أن يضع لنا الفداء. وقبيل أن مات بكت عليه الاؤفياء، لكن الشمس اتشحت بظلمة كثيفة السواد. ومع أن الناس لم يرتعدوا من أجل خطاياهم. لكن الأرض تزلزلت تحتهم من هول ما حدث وكل الطبيعة احترمته عرفاناً. إلا العصاة والخطاة فقد رفضوه نكراناً.

خطية أو شبه خطية لم تمسسه ولم يكن ممكناً أن يرى جسده فساداً لمدة ثلاث سنين، تكلم كارزاً، ولم يكتب فيها كتاباً، ولم يبنى هيكلاً ولم يترك مالاً يورث، لكنه بعد قرابة ألفي عام لم يزل الشخصية التي تحتل مركز تاريخ البشرية، ولم يزل موضع الكرازة الممتد عبر القرون. ولم يزل المحور الذي حوله تدور عظائم المتغيرات وحوادث الدهور. ولم يزل صوت كلمته هو الباعث والبعث الجديد في حياة الملايين.

هل كان هذا أبن مريم مجرد إنسان: مجرد إنسان بين الناس، وهو الذي طبق صيته ألآفاق مئات من السنين؟ هل كان دم الجلجثة مجرد دم بشري، وهو الذي جرى لفداء الخطاة، فصنع العجب في الأفراد والجماعات والشعوب حكاماً ومحكومين، كل هذه القرون؟ وهل يستطيع إنسان عاقل أن يسكت أو يكتم العجب وهو يقول "ربي والهي"؟

يسوع وحده حوي جميع أوصاف الكمال...

وهو العجيب في البهاء والعز أيضاً والجلال...

وأخيراً يا أخوتي وأخواتي لندرك جلالة عظمته ولنسعى بفرحاً كارزين باسم يسوع المسيح الكامل بأوصافه والمجيد في كل الدهور ومن الآب التوفيق... أمين

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English