سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

 

شخصيات الكتاب المقدس

يوسف

المصدر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس

 

   

 

تقاس قوة ما نؤمن به، بمدى استعدادنا لتحمل المعاناة في سبيله. وبناءاً على هذا الأساس كان "يوسف" رجل الإيمان القوي، حيث كان مستعدّاً أن يفعل الصواب رغم معرفته بكل الصعوبات والمتاعب التي سيواجهها. إضافة الى ذلك فهو لم يكتفي بأن يفعل ما هو صواب فحسب، بل حاول أن يفعله باسلوب صحيح.

 هو يوسف ابن يعقوب ابن متان، وخطيب مريم العذراء أم يسوع (مت 1؛ لو 3). ومن بيت داود من بيت لحم (مت 1: 20). هاجر إلى الناصرة (لو 2: 4). ومارس فيها مهنة النجارة  (مت 13: 55). لُقِبَ بألقاب عديدة أكثرها شيوعاً: البار، الصدّيق، النجار، وكان عبرانيًا محافظًا على الفروض والطقوس اليهودية ومتميزاً بالعديد من الصفات التي تستحق كل الاجلال والإكرام ومنها:

 - الطاعة: كان مطيعا جدا "مطيعا لتعليمات كهنة الهيكل، ومطيعا لحركات ضميره تجاه العذراء القديسة (مت19:1)، ومطيعا لاوامر السماء والملاك الذى يحركه هنا وهناك (مت24:1 ; 23,14:2)، ومطيعا لتعليمات الدولة بالاكتتاب (لو5,1:2)، ولاوامر الشريعة الخاصة بالختان والتقدمه فى الهيكل (لو24,21:2)، والذهاب الى اورشليم كل عام للاحتفال بعيد الفصح ( لو41:2).

- الإتضاع: فقد رضي بقبول العذراء اليتيمة فى بيته، وان يقوم بأعالتها وحفظها وخدمتها، رضى ان يكون خادم للاسرة المقدسة ينتقل معها من مكان لمكان رغم سنه. لم يسأل ولم يستفسر ولم يحتج على شئ ، ولم يحاول قط ان يفرض رأيه فى الموضوع ، لم يطلب ضمانات فى اسفاره المتعددة . فكان يكفيه ان الاوامر تأتيه من ملاك سماوى.. حتى بعد علمه بأن هذا الطفل هو ابن الله، لم يتكبر ولم يتفاخر بهذا الدور، فكم من معجزات شاهدها، وكم من ايات راها ، وكم من مواقف عاصرها داخل البيت الصغير، إلا انه حافظ على اتضاعه العجيب حتى رحل من هذا العالم فى هدوء وسلام بعدما قام بمهمته احسن قيام. لقد عرف من خلال تواضعه العميق سر الطفل الالهى انه برغم كونه الها حقيقيا كاملا الا انه ايضا انسانا حقيقيا كاملا ( بدون خطية )، وكانسان كامل كان الطفل العجيب محتاج الى اب لتنشأته وام لتربيته، فكان ينمو قليلا قليلا فى القامه والنعمة والحكمة عند الله والناس (لو52:2)، وكان منطق يوسف المتضع كمنطق يوحنا المعمدان "ينبغى ان ذاك يزيد وانا انقص".

- الصمت: لم ينطق بكلمة واحدة لا بلسانه ولا في الكتب ، وحتى الأناجيل لم تذكر عنه إلا ما جاء في انجيل متى عند سرده لقصة ميلاد الرب يسوع. كان ذلك الرجل المختفي الميال للصمت مثل العذراء، وينطبق عليه ماجاء عنها "واما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكره به فى قلبها " ( لو19:2). فقد كان  يتأمل بعمق شديد هذه الاسرار التى يراها امامه، فلا يسعه الا ان يصيبة الدهشة والسكوت . كيف يمكنه أن يعبر عن هذا السر العجيب بكلمات بشرية ؟

 وقد لعبت صفاته التي تحلى بها دورا كبيرا في مساعدته في المهمة التي كلفه بها الله، فقد كان يوسف شأنه في ذلك شأن سائر شعب الله المنكوب، ينتظر الخلاص من الله، فبعد أن مدّ الفقر والاستياء أذياله على عموم الناس كان الجميع ينتظر بفارغ الصبر رسولا من السماء ينعش ويعيد روح الله في قلوب البشر. ورغم ذلك لم يخطر على باله يوما أن مريم خطيبته هي التي ستكون أم المخلص المنتظر، وأن الملاك جبرائيل قد حمل اليها البشارة، رغم كونه متعمقا بكل ما جاء في الكتب المقدسة عن المسيح المنتظر وعن كيفية مجيئه وما قيل عنه في سفر اشعيا النبي. لذلك حدث ليوسف ما لم يحدث لسواه،  فعندما أراد أن يأتي بخطيبته مريم الى بيته، وقالت له بأنها حامل، وعرف أن الطفل ليس طفله، وأن شخصاً آخر كان أباً لهذا الطفل، فكان عسيراً عليه أن يدرك أن "هذا الآخر" هو الله نفسه "أما يسوع المسيح فقد تمت ولادته هكذا: كانت أمه مريم مخطوبة ليوسف؛ وقبل أن يجتمعا معا، وٌجِدَت حُبلى من الروح القدس" (مت18:1).  فأضطرب وخاف واحتار في أمرها متساءلاً ما عسى أن يكون هذا؟! وكانت بالنسبة له محنة قاسية أوشكت أن تؤدي بعلاقته مع مريم الى حد القطيعة والانفصال فكيف يمكن له أن يستوعب بأن شريكته العذراء الطاهرة، تنتظر مولودا، فذلك يفوق ادراك عقله، لكن رغم ذلك، ولأنه كان بارا وصديقا، لم يفقد صوابه ولم يتفوّه بكلمة لا مع مريم ولا مع غيرها حول أي نوع من القلق والظنون لأنه كان مقتنعا ببراءة مريم خطيبته، ولم يسيء الظن بها مطلقا، ولكن عدم تمكنه من ايجاد تفسير لما يراه عليها من تغييرات ، دفعه الى أن يتخذ قرارا بتخليتها سرّا دون اثارة اية ضجّة تلحق بها الضرر ، لأنه مجرّد أن يخبر عن سرّها تنال مريم عقوبة الرجم حتى الموت بحسب  الشريعة اليهودية "وإذ كان يوسف خطيبها بارا، ولم يرد أن يشهر بها، قرر أن يتركها سرا" (مت19:1).

 ولكن عناية الله لم تترك يوسف طويلا في حالة الشك والاضطراب، فارسل له ملاكاً ليؤيد قصة العذراء فأخبره حقيقتها وشجّعه وأفهمه بأن الرب اختاره هو أيضا لتحمّل أعظم مسؤولية ألقيت على عاتق بشر، ليكون أبا ومربيا لإبنه الوحيد يسوع المسيح، من دون تأثير على حريته أو الضغط على قراره " وبينما كان يفكر في الأمر، إذا ملاك من الرب قد ظهر له في حلم يقول: يايوسف ابن داود! لا تخف أن تأتي بمريم عروسك إلى بيتك، لأن الذي هي حبلى به إنما هو من الروح القدس. فستلد ابنا، وأنت تسميه يسوع، لأنه هو الذي يخلص شعبه من خطاياهم" (مت21,20:1).

 عندما أدرك يوسف مقاصد الله وتدابيره من الملاك استجاب لها واندمج معها، فاحتفظ بمريم وأتى بها الى بيته فرحا مسرورا لهذا الشرف السامي الذي خصّه به الله ليكون مربيا ليسوع ابن الله "ولما نهض يوسف من نومه، فعل ما أمره به الملاك الذي من الرب؛ فأتى بعروسه إلى بيته" (مت24:1).. وهكذا آمن يوسف بالسر الكبير وقبل المهمة التي كلّفه بها الله بأن يكون أمام المجتمع الأب الشرعي ليسوع الذي كان الجميع يكنّونه بابن النجار( يوحنا 6 : 42 ).

بعدها وعندما ولد يسوع تهلل قلب يوسف من أصوات الملائكة وهم ينشدون المجد والسلام بمولده "وفجأة ظهر مع الملاك جمهور من الجند السماوي، يسبحون الله قائلين: المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام؛ وبالناس المسرة" (لو14,13:2).. ومع مريم استقبل الرعاة والمجوس الذين اتوا من الشرق ليسجدوا له "ودخلوا "المجوس" البيت فوجدوا الصبي مع أمه مريم. فجثوا وسجدوا له، ثم فتحوا كنوزهم وقدموا له هدايا، ذهبا وبخورا ومرا" (مت11:2).. مع مريم هرب بيسوع الى مصر لما أوحي اليه أن حياة الطفل مهددة "وبعدما انصرف المجوس، إذا ملاك من الرب قد ظهر ليوسف في حلم، وقال له: قم واهرب بالصبي وأمه إلى مصر، وابق فيها إلى أن آمرك بالرجوع، فإن هيرودس سيبحث عن الصبي ليقتله. فقام يوسف في تلك الليلة، وهرب بالصبي وأمه منطلقا إلى مصر، وبقي فيها إلى أن مات هيرودس، ليتم ما قاله الرب بلسان النبي القائل: من مصر دعوت ابني" (مت15,13:2)  وبذلك ذاق مع مريم ويسوع  طعم التشرد والهرب والغربة والانتظار، لكنه كان ينعم بفرح كبير كونه حارس مخلّص العالم.. ومعهما أيضاً عاد الى الناصرة بعد موت هيرودس " لما مات هيرودس، إذا ملاك من الرب قد ظهر في حلم ليوسف في مصر، وقال له: قم ارجع بالصبي وأمه إلى أرض إسر ائيل، فقد مات الذين كانوا يسعون إلى قتله! فقام ورجع بالصبي وأمه إلى أرض إسرائيل" (مت21,19:2)..

  ونحن لانعرف كم عاش يوسف وهو يقوم بدور الأب الأرضي ليسوع، فقد جاء ذكره لآخر مرة، عندما كان يسوع ابن اثنتي عشر سنة، ولكننا نعرف بأنه علّم ابنه النجارة، وتأكد من أنه نال نصيبا طيباً من التربية الروحية في الناصرة، وكان يصطحب الأسرة سنوياً إلى أورشليم في عيد الفصح، الأمر الذي استمر الرب يسوع يفعله بعد أن كبر. ونعلم أيضاً بأنه نذر حياته كلها مضحيا بكل ما لديه للعناية بيسوع وبأمه مريم. أحبّهما من كل قلبه لذلك استحق أن يموت ميتة صالحة بين أيديهما.

 ذلك كان يوسف الذي ضرب أروع مثال في التضحية والعطاء ونكران الذات خدمة لخير البشرية الأكبر الذي سيحققه ابنه يسوع يوما ما، ويكفيه شرفا وفخرا وهو الرجل المتواضع المختفي أن يكون قد أوصل بالتعاون مع مريم ابنه يسوع الى كمال الرجولة من خلال تربية متكاملة الجوانب. وتلك كانت رسالته وتضحيته العظمى. فمنذ أن سمع كلمات الملاك، وهو يعرف أن يسوع ليس شخصاً عادياً، وقد مكنه إيمانه العميق بهذه الحقيقة، وانفتاح قلبه لكلمات الله له، من أن يكون الأب الأرضي المختار ليسوع.

فهل نجد اليوم أمثال يوسف، "حتى من بين المكرسين للرب" عرفوا حقا معنى التضحية وذاقوا طعم التجرد وذهبوا الى أقصى حدود في نكران الذات لإجل خلاص النفوس؟!.

 

منجزاته ونواحي القوة في شخصيته:

- رجل أمين

- من نسل الملك داود.

- أب ليسوع من الناحية الشرعية، في حياته على الأرض.

- مطيع لإرشاد الله، ومستعد أن يعمل مشيئته مهما كانت النتائج.

 

دروس من حياته

- الله يكرم الأمانة: لقد كان يوسف أميناً تجاه إعلانات الله له، وأميناً مع خطيبته مريم العذراء ومع ابنها يسوع، فقد عاملهما بالعدل والمحبة، وكان حريصا جدا على امنهما وحمايتهما، وتحمل الكثير من الصعوبات والمشقات للحفاظ على حياتهما. فكرمه الله بأن يكون أمام المجتمع الأب الشرعي ليسوع فاستحق هذا الشرف السامي الذي خصّه به الله ليكون مربيا لابنه، وفي نهاية حياته استحق أن يموت ميتة صالحة بين يدي يسوع ومريم العذراء.

- عندما يختار الله أن يستخدمنا فالمركز الاجتماعي قليل الأهمية: يمكننا ان ننظر الى هذه النقطة من ناحيتين: اولهما من طرف الله، فهو عندما اختار يوسف لم ينظر الى مكانته الاجتماعية او التعليمية، فلأنه كان يريد لإبنه الوحيد حياة الاتضاع والفقر، شاء ان يكون الرجل الذي يختاره ليكون الحافظ الأمين لأمه، والخادم الحكيم الصادق ليسوع في حداثته فقيراً مسكيناً، لا شأن له بين قومه، ولا ذِكْرَ له بين أهله وعشيرته. فالله فاحص الكلى والقلوب كان يعلم بأن غنى  يوسف كان في قلبه، وكانت ثروته اخلاقه وفضائله التي عكسها في حياته وتعاملاته وبالدرجة الأولى طاعته. ومن طرف يوسف، ولأن الزواج اليهودي كان يتم في ثلاث خطوات، الأولى هي الخطبة، والتي تعتبر قائمة بمجرد موافقة الاسرتين على الارتباط، والثانية اذاعة الامر علناً، ليصبح العروسان مرتبطين برباط لاينفصم إلا بالموت أو الطلاق، وهذا ما يدعوه الانجيل خطبة، ولا يسمح بالعلاقات الجنسية الا بعد اتمام الزواج الذي هو الخطوة الثالثة. لذلك فان ما بدا خيانة من مريم، اعتُبِرَ وسمة عار شنيعة في المجتمع وكان ليوسف الحق في أن يطلّقها حسب القانون المدني لليهود. وكان يمكن للسلطات اليهودية أن ترجمها حتى الموت (تث24,23:22).. ولكن وبالرغم من صعوبة موقفه، ومع أنه كان يعرف أن اتخاده مريم زوجة له قد يحط من قدره في المجتمع، الا انه اختار أن يتزوجها، إطاعة لأمر الله، وهنا ظهرت فضائله ومميزاته بكونه "باراً، متعقلاً وحساساً، متجاوباً مع الله، ضابطاً نفسه".

- طاعتنا لما يرشدنا اليه الله، تؤدي الى المزيد من إرشاده: كان يوسف مطيعا جدا، وطاعته ظهرت في العديد من نواحي حياته التي ذكرناها سابقا، ولكن الاهم والأبرز منها طاعته لأوامر الملاك الذى يحركه، فقد تمتع بعلاقه قويه بالسماء، حيث كان تصدر له التعليمات بتحركاته وتصرفاته فكان مثال الطاعه في كل ما كان يصدر اليه من أوامر بدون تذمر وبلا استفسار. كانت طاعته الفورية تعكس ثقته فى الله، وتسليم ذاته بالكامل بين يديه بدون فحص ولا قلق ولا شكوك ولا ضمانات. لذلك نراه في البداية وهو محتار في امر خطيبته مريم، فربما ظن أن أمامه خيارين فقط: إما أن يطلقها، أو يسلمها للرجم، الا ان الله كان لديه بديل ثالث: هو أن يتزوجها، ولأن يوسف امتثل لأمر الله وطاع ما امره به  الملاك في حلمه الاول، ظل الله يرشده من خلال ملاك يظهر له في احلامه ليساعده في اتخاذ القرارات السليمة بشان مريم ويسوع حتى أكمل خطة الله في حياته. فالإرشاد الإلهي لا يأتي الا للقوب المُعدّة المطيعة.

- ليست المشاعر معياراً دقيقاً للتمييز بين الخطأ والصواب: مع أنه بدا ليوسف بأنه يعمل الصواب بفسخ الخطبة، الا ان ارشاد الله هو الذي أعانه على اتخاذ القرار الأفضل، فقد غير يوسف خططه سريعا، بعد أن اكتشف أن مريم كانت أمينة ومخلصة له، فأطاع الله، وتمم إجراءات الزواج كما كان ينوي. وربما لم يتفق معه كثيرون في هذا القرار، الا انه مضى عاملاً ما عرف أنه الصواب. ونحن أحياناً نتحاشى فعل الصواب بسبب آراء الآخرين، ولكن علينا، مثل يوسف أن نختار طاعة الله، لا السعي وراء الآخرين. فعندما يكون لقراراتنا أثر على حياة الآخرين فعلينا دائماً أن نلتمس  حكمة الله.

 

بياناته الأساسية:

- مكان إقامته: الناصرة، بيت لحم.

- وظيفته: نجّار.

- المعاصرون له: هيرودس الكبير، يوحنا المعمدان، سمعان الشيخ، حنة النبية.

 

الاية الرئيسية:

"وإذ كان يوسف خطيبها بارا، ولم يرد أن يشهر بها، قرر أن يتركها سرا. وبينما كان يفكر في الأمر، إذا ملاك من الرب قد ظهر له في حلم يقول: يايوسف ابن داود! لا تخف أن تأتي بمريم عروسك إلى بيتك، لأن الذي هي حبلى به إنما هو من الروح القدس" (مت20,19:1).

ونجد قصة يوسف في  (إنجيل متي16:1 ; 23,13:2 وإنجيل لوقا26:1 ; 52:2 )

 
 

Copyright  www.karozota.com

 
  
 

English