سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

 

شخصيات الكتاب المقدس

شمشون

المصدر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس

 

   

 

إنه لمن العسير أن نجد ابطالاً حقيقيين في وقتنا الحاضر، فقد ابرزت الاختراعات الحديثة ووسائل الإعلام نقاط الضعف في قادتنا، فنظل نبحث عن رجال أو نساء نقتدي بهم لكن دون جدوى. حتى عندما يُخرج لنا عالم الموسيقى والسينما والرياضة سيلا من النجوم الذين يرتفعون إلى قمة الشهرة، فسرعان ما يأفل نجمهم.

وكما هو الحال في وقتنا الحاضر، كذلك كان في الماضي. فسفر القضاة الذي يُسمّى بسفر الأبطال، يتحدث عن العديد من الأبطال الذين حاولوا انقاذ شعبهم من ظالميهم، ومع أن اولئك القضاة لم يكونوا كاملين، حيث كان منهم القاتل، وذو العلاقات السيئة، والخارج على أصول وقوانين الضيافة، لكنهم خضعوا لله فاستخدمهم، مُحدثا ايانا أيضاً عن الخطية ونتائجها في  حياتهم. فمرارا وتكرارا نرى الشعب في العهد القديم يُخطيء ضد الله، فيسمح الله بأن تحل به وبالبلاد الآلام. فللخطية عواقبها على الدوام وحيث توجد الخطية، علينا أن نتوقع مجيء الألم. غير متناسين حقيقة مهمة وهي: كما ان دينونة الله للخطية أكيدة فان غفرانه لخطية التائبين وردهم للعلاقة معه أكيدة أيضا.

ومن ضمن أولئك القضاة الأبطال "شمشون" ولكن من المُحزن والمؤسف جدا أن يُذكر الانسان بما كان يمكن أن يكون عليه، لقد كان لدى شمشون إمكانات ضخمة، وما أقل الناس الذين بدأوا الحياة ولهم مثل مؤهلاته، وكان ابناً معجزة، فلقد وُلد حسب خطة الله في حياة والديه "منوح وزوجته"، وكان سيصبح "خادما مفرزاً لله"، وكان عليه أن يشرع في إنقاذ "إسرائيل من الفلسطينيين أقوى مضايقيهم" حيث ورد في السفر المذكور "كان هناك رجل من بلدة صرعة من عشيرة الدانيين يدعى منوح، وامرأته عاقر لم تنجب. فتجلى ملاك الرب للمرأة وقال لها: إنك عاقر لم تنجبي، ولكنك ستحبلين وتلدين ابنا. إنما إياك أن تشربي خمرا أو مسكرا أو تأكلي شيئا محرما لأنك ستحملين وتنجبين ابنا. فلا تحلقي شعر رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في إنقاذ إسرائيل من تسلط الفلسطينيين" (5:2:13). وقد منحه الرب قوة ضخمة وخارقة ليستخدمها في انقاذ شعبه "فأنجبت المرأة ابنا دعته شمشون. وكبر الصبي وباركه الرب. وابتدأ روح الرب يحركه في أرض سبط دان بين صرعة وأشتأول" (25,24:13). وبناء على أمر الله، كان على شمشون أن يكون نذيراً، أي انه نذر أن ينفرز لخدمة معينة لله، وكان أحد شروط النذر، ان لا يحلق شعره أبداً.

ولكن لأن شمشون عندما كبر، لم يراع مسؤوليته المعينة من الله بصورة جادة، وبدّد قوته في المهازل، والخروج من المآزق، ولأنه أخيراً  بدَدها تماما لأرضاء المرأة التي أحبها، نميل إلى أعتباره صورة للفشل، ونذكره كقاضي إسرائيل الذي صرف ايامه الأخيرة يطحن الحبوب في سجن الأعداء ونقول: "يالها من إمكانيات ضائعة !". 

نعم امكانيات ضائعة، فقد تصرف بدون تفكير عميق وأخطأ خطايا فادحة، حتى اننا لا نظن بان هناك قصة يمكن أن تتحدث عن بطش الخطية وقسوتها وطغيانها على حياة إنسان، مثلما تتحدث قصة شمشون، فهل يمكن لك أن تتخيل بان الشاب الذي إلتقى في كروم تمنة بشبل أسد يزمجر، وبعد أن رفض الاثنان ان يفسح أحدهما الطريق للآخر، انقضّ الشاب على الأسد ومزقه كشق الجدي وليس في يديه شيء.. وعاد بعد أيام ليرى دبراً من النحل في جوف الأسد مع عسل، فاشتار منه على كفيه، وأكل، وأعطى أبويه معه فأكلا؟! وهل تتخيل نفس الشاب وقد أنامته امرأة على ركبتيها، وكان موسى الحلاقة الناعمة أشد فتكاً من أنياب الأسد، فذهب العهد الذي يربطه بمصدر قوته، فقُلعت عيناه، وربط بسلاسل نحاس، وكان يطحن في بيت السجن؟! وهل يمكن لك أن تتخيل شمشمون الأعمى، وقد طحنه الألم، فثاب إلى رشده، وابتدأ شعر رأسه ينبت، وعاد إلى مصدر عهده وقوته؟! وهل تخيلته والنعمة تأخذه في حضنها الأبدي، وهو يصلي أن يغفر الله له، ويذكره؟! أم تستطيع أن تفهم بعدها كاتب الرسالة إلى العبرانيين، وهو يكشف عن رحمة الله العظمى، وهي تضم شمشون إلى قائمة أبطال الإيمان في الأصحاح الحادي العشر من الرسالة؟!.. أن قصة شمشون تحمل في الواقع أرهب تحذير وأرق نداء..

 ولكي يمكننا أن نفهم ونتخيل كل ذلك أكثر ادناه بعض الامور التي تعكس كيفية استخدامه لروح الرب الذي كان يحل عليه والموهبة التي منحها له باندفاع في اغراض أنانية:-

- وقع في حب فتاة فلسطينية في تمنة وطلب أن يتزوجها "ذهب شمشون إلى تمنة حيث راقته فتاة من بنات الفلسطينيين فرجع إلى والديه وأخبرهما قائلا: راقتني امرأة في تمنة من بنات الفلسطينيين فزوجاني منها. فقال له والداه: ألم تجد بين بنات أقربائك وفي قومنا فتاة، حتى تذهب وتتزوج من بنات الفلسطينيين الغلف؟ فأجاب شمشون أباه: هذه هي الفتاة التي راقتني فزوجني إياها. ولم يدرك والداه أن ذلك الأمر كان من الرب، الذي كان يلتمس علة ضد الفلسطينيين الذين كانوا آنئذ متسلطين على إسرائيل. فانحدر شمشون ووالداه إلى تمنة حتى بلغوا كرومها، وإذا بشبل أسد يتحفز مزمجرا للانقضاض عليه، فحل عليه روح الرب فقبض على الأسد وشقه إلى نصفين وكأنه جدي صغير، من غير أن يكون معه سلاح. ولم ينبيء والديه بما فعل. ثم مضى إلى الفتاة وخاطبها فازداد بها إعجابا. وعندما رجع شمشون بعد أيام ليتزوج منها مال ليلقي نظرة على جثة الأسد، فوجد في جوفها سربا من النحل وبعض العسل، فتناول منه قدرا على كفه ومضى وهو يأكل. ثم أقبل على والديه فأعطاهما فأكلا، ولم يخبرهما أنه اشتار العسل من جوف الأسد" (9,1:14).

- قام بقتل ثلاثين فلسطينياً من أجل رهان "وذهب والده إلى بيت العروس، فأقام شمشون هناك وليمة كما تقتضي أعراف الزواج. ودعا الفلسطينيون ثلاثين شابا لينادموه (في فترة الاحتفال بزواجه). فقال لهم شمشون: سألقي عليكم أحجية، فإن وجدتم حلها الصحيح في سبعة أيام الوليمة أعطيكم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب. أما إن عجزتم عنها فستعطوني أنتم ثلاثين قميصا وثلاثين حلة ثياب. فقالوا له: هات أحجيتك فنسمعها. فقال لهم: من الآكل خرج أكل، ومن القوي خرجت حلاوة. وانقضت ثلاثة أيام من غير أن يجدوا لها حلا. وفي اليوم الرابع قالوا لزوجة شمشون: تملقي زوجك ليكشف لنا عن حل الأحجية، لئلا نضرم النار فيك وفي بيت أبيك. أدعوتمونا إلى الوليمة لتسلبونا؟ فبكت امرأة شمشون لديه قائلة: أنت تمقتني ولا تحبني حقا. فقد طرحتَ على بني قومي أحجية ولم تطلعني على حلها. فقال لها: هوذا أبي وأمي لم أطلعهما على حلها، فلماذا أخبرك أنت به؟ فظلت تبكي لديه طوال سبعة أيام الوليمة. وفي اليوم السابع أطلعها على الحل لفرط ما ضايقته، فأسرت به لبني قومها. وقبل غروب شمس اليوم السابع قال له رجال المدينة: أي شيء أحلى من العسل، وما هو أقوى من الأسد؟ فقال لهم شمشون: لولا أنكم حرثتم على عجلتي لما وجدتم حل أحجيتي. وحل عليه روح الرب فانحدر إلى مدينة أشقلون وقتل ثلاثين رجلا منهم، وأخذ ثيابهم وأعطاها للرجال الذين حلوا لغزه. ولكن، إذ احتدم غضبه مضى إلى بيت والديه" (19,10:14).

- بعدما اصبحت إمرأته  زوجة لصاحبه الذي كان نديما له. غضب وقتل العديد من الفلسطينيين بطرق مختلفة ومنهم ألفاً بك حمار "وحدث بعد مدة في موسم حصاد القمح، أن شمشون أخذ جديا وذهب ليزور زوجته، وقال لحميه: أنا داخل إلى مخدع زوجتي. ولكن أباها منعه وقال: لقد ظننت أنك كرهتها فزوجتها لنديمك. فلماذا لا تتزوج أختها الأصغر منها عوضا عنها؟ أليست هي أجمل منها؟ فأجابه شمشون: لا لوم علي هذه المرة إذا انتقمت من الفلسطينيين. وانطلق شمشون واصطاد ثلاث مئة ثعلب وربط ذيلي كل ثعلبين معا ووضع بينهما مشعلا، ثم أضرم المشاعل بالنار وأطلق الثعالب بين زروع الفلسطينيين، فأحرقت حقول القمح وأكداس الحبوب وأشجار الزيتون. فسأل الفلسطينيون: من الجاني؟ فقيل لهم: شمشون صهر التمني، لأنه أخذ امرأة شمشون وزوجها لنديمه، فصعد الفلسطينيون وأحرقوها مع أبيها بالنار. فقال شمشون: لأنكم هكذا تتصرفون فإنني لن أكف حتى أنتقم منكم. وهجم عليهم بضراوة وقتل منهم كثيرين، ثم ذهب إلى مغارة صخرة عيطم وأقام فيها. فتقدم جيش الفلسطينيين واحتلوا أرض يهوذا وانتشروا في لحي فسألهم رجال يهوذا: لماذا جئتم لمحاربتنا؟ فأجابوهم: جئنا لكي نأسر شمشون ونفعل به مثلما فعل بنا. فذهب ثلاثة آلاف رجل من سبط يهوذا إلى مغارة صخرة عيطم وقالوا لشمشون: ألا تعلم أن الفلسطينيين متسلطون علينا، فماذ فعلت بنا؟ فأجابهم: كما فعلوا بي هكذا فعلت بهم. فقالوا له: لقد جئنا لنوثقك ونسلمك إلى الفلسطينيين. فقال لهم شمشون: احلفوا لي أن لا تقتلوني بأنفسكم. فأجابوه: لا، لن نقتلك نحن، إنما نوثقك ونسلمك إليهم. فأوثقوه بحبلين جديدين وأخرجوه من المغارة. فلما وصل إلى لحي هب الفلسطينيون صارخين للقائه، فحل عليه روح الرب، وقطع الحبلين اللذين على ذراعيه وكأنهما خيوط كتان محترقة. وعثر على فك حمار طري، تناوله وقتل به ألف رجل. ثم قال شمشون: بفك حمار كومت أكداسا فوق أكداس، بفك حمار قضيت على ألف رجل" (16,1:15). ونلاحظ هنا كيف ان شمشون تكبر ولم يرى سوى قوته متناسيا بأن قوة الرب هي التي كانت تحل عليه.

- قيامه بخلع مصراعي بوابة المدينة بقائمتيها وقفلها بعد التقائه بإمرأة عاهرة "وذات يوم ذهب شمشون إلى غزة حيث التقى بامرأة عاهرة فدخل إليها. فقيل لأهل غزة: قد جاء شمشون إلى هنا. فحاصروا المنزل وكمنوا له الليل كله عند بوابة المدينة، واعتصموا بالهدوء في أثناء الليل قائلين: عند بزوغ الصباح نقتله. وظل شمشون راقدا حتى منتصف الليل، ثم هب وخلع مصراعي بوابة المدينة بقائمتيها وقفلها، ووضعها على كتفيه وصعد بها إلى قمة الجبل مقابل حبرون" (3,1:16). وهكذا بدأ شمشون بالاعتماد أكثر على قوته الذاتية أكثر مما على الله، فلأول مرة لايُذكر روح الله كالعامل فيه.

- بعد كل ما فعله شمشون فكّر قادة الفلسطينيين في طريقة لايقافه، ووجدوا فرصتهم، عندما خلبت إمرأة فلسطينية أخرى لب شمشون "وبعد ذلك وقع شمشون في حب امرأة في وادي سورق اسمها دليلة، فجاء إليها أقطاب الفلسطينيين وقالوا لها: تملقي شمشون إلى أن تكتشفي منه سر قوته العظيمة، وكيف يمكننا أن نتغلب عليه ونوثقه فنذله فيكافئك كل واحد منا بألف ومئة شاقل من الفضة.  فقالت دليلة لشمشون: أخبرني ما هو سر قوتك العظيمة وكيف يتسنى تقييدك وإذلالك. فأجابها شمشون: إذا أوثقوني بسبعة أوتار طرية لم تجف بعد، أصبح ضعيفا كأي واحد من الناس. فأحضر لها أقطاب الفلسطينيين سبعة أوتار طرية لم تجف بعد، فأوثقته بها. وكان الكمين متربصا به في حجرتها، فقالت له: الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون. فقطع الأوتار وكأنها خيوط شيطتها النار، ولم يكتشف سر قوته. فقالت له دليلة: لقد خدعتني وكذبت علي. فأخبرني الآن كيف توثق؟ فأجابها: إذا أوثقوني بحبال جديدة، أصبح ضعيفا كأي واحد من الناس. فأخذت دليلة حبالا جديدة وأوثقته بها، وقالت له: الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون. وكان الكمين يتربص به في الحجرة، فقطع الحبال عن ذراعيه وكأنها خيوط. فقالت دليلة لشمشون: أنت مازلت تكذب علي وتخدعني، فأخبرني بماذا توثق؟ فأجابها: إن ضفرت خصلات شعري السبع بمغزل وثبتها بوتد، فإنني أصبح ضعيفا كأي واحد من الناس. وبينما كان يغط في نوم عميق ضفرت دليلة خصلات شعره السبع بمغزل. وثبتتها بوتد، ونادته ثانية: الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون فانتبه من نومه وخلع وتد النسيج مع المغزل. فقالت له: كيف تدعي أنك تحبني وقلبك لا يثق بي؟ قد خدعتني ثلاث مرات ولم تطلعني على سر قوتك العظيمة. وظلت تلح عليه وتزعجه كل يوم بمثل هذا الكلام حتى ضاقت نفسه إلى الموت. فكشف لها عن مكنون قلبه، وقال لها: إنني نذير الرب منذ مولدي، لهذا لم أحلق شعري. وإن حلقته فإن قوتي تفارقني وأصبح ضعيفا كأي واحد من الناس. ولما أدركت دليلة أنه قد أسر لها بمكنون قلبه، استدعت أقطاب الفلسطينيين قائلة: تعالوا هذه المرة، فقد أطلعني على سر قوته. فأقبل عليها أقطاب الفلسطينيين حاملين معهم الفضة. فأضجعته على ركبتيها واستدعت رجلا حلق له خصلات شعره السبع، وشرعت في إذلاله بعد أن فارقته قوته. وقالت: الفلسطينيون قادمون عليك ياشمشون فاستيقظ من نومه وقال: أقوم مثل كل مرة وأنتفض. ولم يعلم أن الرب قد فارقه" (20,4:16).

- أخيراً قُلِعَت عيناه، ووضع في سجن في غزة "فقبض عليه الفلسطينيون وقلعوا عينيه وأخذوه إلى غزة حيث أوثقوه بسلاسل نحاسية، وسخروه ليطحن الحبوب في السجن. وما لبث شعره أن ابتدأ ينمو بعد أن حلق. واجتمع أقطاب الفلسطينيين ليحتفلوا بتقديم ذبيحة عظيمة لإلههم داجون قائلين: إن إلهنا قد أظفرنا بشمشون عدونا. ولما شاهد الشعب شمشون في ذلة، مجدوا إلههم قائلين: قد أظفرنا إلهنا بعدونا الذي خرب أرضنا، وأكثر من قتلانا. وإذ لعبت بهم النشوة هتفوا: ادعوا شمشون ليسلينا. فجاءوا بشمشون من السجن فلعب أمامهم ثم أوقفوه بين الأعمدة. فقال شمشون للغلام الذي يقوده: أوقفني حيث يمكنني أن ألمس الأعمدة التي يقوم عليها المعبد حتى أستند إليها. وكان المعبد يكتظ بالرجال والنساء، فضلا عن أقطاب الفلسطينيين الخمسة. وكان على السطح نحو ثلاثة آلاف رجل وامرأة يتفرجون على لعب شمشون. فصلى شمشون إلى الرب قائلا: ياسيدي الرب، اذكرني وقوني هذه المرة فقط لأنتقم من الفلسطينيين عن قلع عيني بضربة واحدة. وقبض شمشون على العمودين المتوسطين اللذين يرتكز عليهما المعبد وضغط على أحدهما بيمينه وعلى الآخر بيساره وهو يقول: لأمت مع الفلسطينيين. ثم دفعهما بكل قوته فانهار المعبد على الأقطاب وعلى الشعب الذي فيه. فكان الذين قتلهم شمشون عند موته أكثر من الذين قتلهم طوال حياته. وجاء إخوته وكل أقرباء أبيه وحملوا جثته حيث دفنوه بين صرعة وأشتأول في قبر منوح أبيه، وكان شمشون قد قضى لبني إسرائيل عشرين سنة". (31,23:16).

وبهذه الطريقة للأسف اضاع وانهى شمشمون حياته، في الوقت الذي كان بامكانه أن يكون سبب قوة لأمته، وكان بامكانه أيضا أن يرجع بشعبه الى عبادة الله، وأن يُخضع الفلسطينيين، ومع انه لم يفعل شيئاً من هذه، إلا أنه أنجز الهدف الذي اعلنه الملاك الذي ظهر لوالديه قبل مولده، ففي آخر أعماله شرع في انقاذ الشعب من اعدائه.

ومما يسترعي النظر أن العهد الجديد لايذكر سقطات شمشون أو أعمال قوته البطولية، ولكنه وكما ذكرنا آنفاً يُذكَر في الرسالة الى العبرانيين، كواحد "ممن آمنوا بالله.. ونالوا ما وعدهم به الله". وفي النهاية أدرك شمشون اعتماده على الله وعندما مات حوّل سقطاته وهزائمه الى نصرة. وتُعَلمنا قصة شمشون أن الوقت لم ينتهِ، وما زال في إمكاننا أن نبدأ من جديد، ومهما كان فشلنا في الماضي، فاليوم مازال الوقت أمامنا لكي نضع ثقتنا الكاملة في الله.

 

نقاط القوة والانجازات

- مكرس لله منذ ولادته كنذير.

- إشتهر باعمال قوته.

- ذُكر في قائمة ابطال الإيمان في الرسالة الى العبرانيين.

- ببأ في إنقاذ إسرائيل من مضايقة الفلسطينيين.

 

نقاط الضعف والأخطاء

- نقض نذره، وكسر شرائع الله في مناسبات عديدة.

- تحكمـت فيه غرائزه.

- وثق باناس غير جديرين بالثقة.

- أستخدم مواهبه وقدراته بدون حكمة.

 

دروس من حياته

- قوة عظيمة في ناحية من نواحي الحياة، لاتعوض الضعف في نواحي اخرى: رغم ان شمشون كان يملك قوة جسمانية هائلة، الا انه كان ضعيفا من جهة غرائزه التي تحكمت به كثيرا، فكل المشاكل التي واجهها كانت بسبب ضعفه تجاه النساء اللواتي ارتبط بهن بعلاقات فاشلة دمرت حياته، وخاصة علاقته الأخيرة مع دليلة، الذي انخدع بها ومال الى تصديق اكاذيبها، فمع أنه استطاع أن يخنق أسداً، فانه لم يستطع أن يكبح جماح شهوته ليرى دليلة على حقيقتها. فكيف أمكن أن يكون غبياً الى هذا الحد؟! فقد استغفلته أربع مرات، ولو انه لم يدرك ما حدث بعد الأختبار الأول او الثاني، كان لابد أن يدرك الموقف في المرة الرابعة.. ونحن من حقنا أن نظن بان شمشون كان غبياً، ولكن يا ترى كم من المرات نسمح لأنفسنا أن نُخدَع بالتملق، ونستسلم للتجربة والمعتقدات الخاطئة؟ ويمكننا من أن نتجاوز الوقوع فريسة للخداع، بأن نطلب من الله أن بعيننا على التمييز بين الحق والخداع.

- إن وجود الله لايطغي على إرادة الانسان: لقد أصبح شمشون المقاتل الجبار، اسيراً فبدلاً من أن يقتله الفلسطينيون، فضلّوا إذلاله فقلعو عينيه وجعلوه يطحن الحبوب، وربما حينها أصبح لدى شمشون متسع من الوقت ليفكر ما إذا كانت مفاتن دليلة تستحق أن يقضي بقية حياته ذليلاً؟ ومع أن الله لم يتركه إلا أنه سمح لأن يكون له قراره ، وجاءت عواقب هذا القرار أمراً طبيعياً، وقد نختار الإلتصاق بالله أو السير في طريقنا، ولكن هناك عواقب تنتج عن أختيارنا. فلم يختر شمشون أن يكون أسيراً، لكنه أختار أن يكون مع دليلة، ولم يكن في استطاعته الهروب من عواقب قراره.

- يستطيع الله أن يستخدم رجال الإيمان بالرغم من أخطائهم: رغم ماضي شمشون، إستمع له الله واستجاب صلاته، فدمر المعبد الوثني والعابدين فيه، فالله ما زال يحبه، وكان على استعداد للإستماع الى صلاة شمشون بالاعتراف والتوبة، وأن يستخدمه هذه المرة الأخيرة. وإحدى نتائج الخطية في حياتنا، هي أنها تحرمنا من الاستمتاع بالصلاة، ولكن علينا أن ندرك بان السلوك الأدبي الكامل ليس شرطا للصلاة. فلا تجعل الشعور بالذنب لأجل الخطية، يحرمك من الوسيلة الوحيدة لرد نفسك. فمهما كانت مدة ابتعادك عن الله، فهو مستعد أن يستمع لك ويردك الى العلاقة الصحيحة معه. فكل موقف في الحياة يمكن أن يُغتفَر، إذا كنت مستعدا للرجوع الى الله مرة أخرى. واذا كان الله قد إستطاع أن يعمل في موقف شمشون، فهو بكل تأكيد يستطيع أن يعمل شيئاً هاماً في موقفك.

 

بيانات أساسية

- المكان: صرعة، تمنة، اشقلون، غزة، وادي سورق.

- المهنة: قاضي.

- الأقرباء: الأب: منوح.

- معاصروه: دليلة، صموئيل الذي ربما وُلد عندما كان شمشون قاضياً.

 

- الآية الرئيسية

"فلا تحلقي شعر رأسه لأن الصبي يكون نذيرا لله من مولده، وهو يشرع في إنقاذ إسرائيل من تسلط الفلسطينيين" (قض5:13).

ونجد قصة شمشون في سفر القضاة (13-16 )، كما يُذكر في الرسالة الى العبرانيين (32:11).

 

 
 

Copyright  www.karozota.com

 
  
 

English