سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

 

شخصيات الكتاب المقدس

دانيال

المصدر: التفسير التطبيقي للكتاب المقدس

 

   

 

زلزال مدمر يطيح بدعائم أمننا، إعصار يجتاح في طريقه ثروة العمر، رصاصة قاتل تغيّر تاريخ أمة، سائق مخمور يودي بحياة شخص بريء، وطلاق يقطع أواصر بيت. فالمآسي الدولية والشخصية تصنع عالماً مرعباً ممتلئاً بالشر بما يجاوز حدود السيطرة. وربما تدعونا أنباء الحروب والانقلابات وحوادث القتل والكوارث الطبيعية إلى الاعتقاد بأن الله غائب أو عاجز. وقد نصرخ ممتلئين بالحزن واليأس "أين الله؟"

ربما أحس دانيال بنفس إحساس اليأس منذ خمسة وعشرين قرناً مضت. فقد اقتيد مع الآلاف من مواطنيه إلى أرض غريبة بعد سقوط يهوذا. ثم وجد دانيال نفسه في مواجهة طاغية أناني، ومحاطاً بعبدة أوثان. وبدلاً من الانهيار أو الاستسلام، تمسك هذا الشاب الشجاع بإيمانه بإلهه. وقد أدرك دانيال أنه برغم كل الظروف فإن الله هو المهيمن على كل شيء، وينفذ خطته الموضوعة للأمم والأفراد على السواء. آمن أن كل سلطة هي من يد الله، وأن الله يُحرك التاريخ كله، وهو يهب النصرات ويسمح بالهزائم.

وُلِدَ دانيال في منتصف ملك يوشيا (2مل 22، 23) كان من سبط يهوذا (دان6:1)، وربما من السلالة الملكية (دان3:1) معنى اسمه في العبرية "الله ديّاني او قاضيّ"، شبّ أثناء إصلاحات الملك المذكور. وبعد قتل يوشيا سنة 609 ق.م في معركة ضد مصر، وفي خلال أربع سنوات عادت المملكة الجنوبية، يهوذا، إلى طرقها الشريرة. وفي سنة 605 ق.م أصبح نبوخذنصر ملكا على بابل. وفي سيبتمبر من ذلك العام اكتسح فلسطين وحاصر أورشليم جاعلا من يهوذا ولاية خاضعة. ولإظهار سيطرته، أخذ نبوخذنصر معه الكثيرين من حكماء أورشليم وأجمل نسائها إلى بابل كأسرى. وكان دانيال ضمن هذه المجموعة. فالاصحاح الاول من سفره يروي لنا قصة اسره كالاتي "ثم أمر الملك أشفنز رئيس خصيانه أن يحضر من بني إسرائيل، من السلالة الملكية ومن الشرفاء، فتيانا كاملي الخلقة، ذوي جمال، ماهرين في كل صنعة، يتحلون بالمعرفة ومتبحرين في كل علم ممن هم أهل للمثول في قصر الملك، ليتعلموا كتابة الكلدانيين ولغتهم. وعين الملك لهم مخصصات كل يوم بيومه من أطايب مأكولات الملك ومن خمر شرابه، وأوصى أن يقضوا ثلاث سنوات في التثقف يمثلون في نهايتها في حضرة الملك. وكان من جملة المنتخبين من بني يهوذا أربعة هم: دانيآل وحننيا وميشائيل وعزريا". (6,3:1). 

تُظهِر المراحل الاولى من حياة دانيال جليا ان الشباب يعني اشياء اكثر من مجرد فترة التهور وارتكاب الاخطاء. فليست هناك صفة تأسر قلوب الكبار أكثر من الحكمة المتجلية في أقوال وأفعال اي شاب. فلقد سُبِيَ دانيال ورفاقه الثلاثة، وكان مستقبلهم مهددا، لكنهم جميعا كانوا يتحلون بصفات شخصية تؤهلهم لوظائف الخدمة في بلاط الملك. لقد انتهزوا الفرصة لمصلحتهم ولم يجعلوا الموقف يغلبهم. وقد تقلد هؤلاء الرجال مناصب بارزة في الحكومة البابلية، وعلى الأخص دانيال، فقد اتسم بالذكاء المُفرط منذ صباه وقدراته الموهوبة، وقد أعطاه الله نعمة ليحتل مركزًا مرموقًا في القصر أثناء فترة السبي ليكون شاهدًا أمينًا لله في معقل الوثنية في ذلك الحين. ومنحه حكمة  فخدم في أيام الممالك: بابل ومادي وفارس. ومع أمانته للملوك بقي أمينًا لله لا يأكل من الأطياب المقدمة للأوثان، ويرفض السجود لها، رغم محاولة الملك لتغيير الولاء الديني له من اله يهوذا الى آلهة البابليين، بتغيير اسمه من دانيال الى بلطشاصر (دان 7:1). كان شجاعًا في تفسيره الرؤى والأحلام للملوك دون مجاملة. وبسبب تمكنه من تفسير حلم الملك بشأن خطة الله للمستقبل (دان 2، 4). أصبح دانيال من أكثر المستشارين الذين يثق بهم داريوس. وقد أثارت هذه الخطوة المسئولين الآخرين بالغضب، فخططوا لموته بإقناع الملك بتجريم الصلاة. وبالرغم من هذا القانون استمر دانيال في الصلاة إلى إلهه. فَحُكِمَ عليه بالموت نتيجة لذلك في جب الأسود الجائعة. ثم تدخل الله أيضاً وأنقذه إذ سد أفواه الأسود (دان 6).

أوّل ما نلمحه في عظمة دانيال، رفضه الهادئ للتخلّي عن مبادئه وقناعاته. لقد طبّق مشيئة الله على حياته الشخصية وتشبث بعدم تغيير العادات الحلوة التي كونها حتى وان كان مسبيا في ارض وبلاد غريبة عن بلاده.. فكان كل من غذائه الجسدي والروحي جزءاً هاماً من  علاقته بالله. فكان يأكل بحرص ويعيش بالصلاة. إن الاكل من الطعام الملكي يعدّ من أهم مزايا التدريب على الخدمة الملكية، وبلباقة اختار دانيال طعاماً أبسط. (دان21,8:1). وبينما هو يحدد طعامه انخرط في الصلاة. كان قادرا على التواصل مع الله لانه جعل علاقته بالله عادة في حياته. لقد طبق مبادئه عملياً حتى لو كان ذلك يعني الالقاء به في جب الاسود الجائعة. لقد اثبتت حياته انه اختار الاختيار الصحيح. فبالرغم من اعتباره رجل الدولة القائم بمهام رئيس الوزراء وفي نفس الوقت النبي القائم باعمال الله، فلم يمزج بينها وبين العمل الروحي، كان امينا في حياته الخاصة وفي عبادته كما في عمله اليومي، فمن جهة حياته الخاصة كان حازمًا مع نفسه في تحقيق هدفه: "فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطياب الملك ولا بخمر مشربه" (1: 8). كان أمينًا كقديس، وشجاعًا بلا خوف كحكيم (2: 15,14). كان وديعًا متضعًا للغاية يعترف دومًا بخطاياه أمام الله وأمام نفسه (دان13,5:9) . ومن جهة عبادته كان حارًا بالروح في صلواته وتضرعاته التي قدمها بالصوم والمسح والرماد (9: 3). أما من جهة عمله اليومي كرجل دولة، فلم يكن متآمرًا ولا وصوليًا بل رجل الله الحكيم. بلا شك كانت له ضعفاته لكنه يُحسب بلا لوم، لم يستطيع ألدّ أعدائه أن ينطقوا بكلمة ضده، ولم يذكر الكتاب المقدس عنه خطأ معينًا. "ثم إن الوزراء والحكام كانوا يطلبون علة يجدونها على دانيال من جهة المملكة فلم يقدروا أن يجدوا علة ولا ذنبًا لأنه كان أمينًا، ولم يُوجد فيه خطأ ولا ذنب" (6: 4). كما قال للملك بعد ان نجاه الله في جب الاسود: "لأنيّ وُجدت بريئًا قدامه وقدامك أيضًا أيها الملك لم أفعل ذنبًا" (6: 22).. لم يتغير وهو في الجب بين الأسود عنه وهو في القصر يخضع له كل رجال الدولة. تحدى المذلة والصعوبات، ولم ينحني للترف والتدليل. لقد عاش في وسط القصر كرجل آلام من أجل أمانته لله ولخلاص اخوته، لهذا لم تكن السماء ببعيدة عنه. إذ هي قريبة من الذين يتأملون فيها ويتألمون لأجلها.

كان دانيال شاهدًا أمينًا لله، ترك أثرًا عميقًا في حياة الملك الوثني الذي انجذب إلى الله وأعلن إيمانه به، قال عنه نبوخذنصر: "إنيّ أعلم أن فيك روح الآلهة القدوسين ولا يعسر عليك سر" (4: 9)، وقال له بيلشاصر آخر ملوك بابل: "قد سمعت عنك أن فيك روح الآلهة وأن فيك نيرة وفطنة وحكمة فاضلة" (5: 14). وذكر في سفر حزقيال كأحد الأبرار الثلاثة: "نوح ودانيال وأيوب" (حز 14: 14). وعندما وبخ الله ملك صور قال: "ها أنت أحكم من دانيال، سرّ ما لا يخفي عليك" (حز 28: 3).  يُمثل دانيال صورة حيَّة للمؤمن الحقيقي، الذي يعمل في سن الشيخوخة بذات الروح التي كان يعمل بها وهو شاب. يعمل وهو رئيس عام لإدارة أعظم مملكة في ذلك الحين بذات الروح التي كان يعمل بها وهو خادم في القصر كمبتدئ، وحياته رسالة موجهة إلى كل مؤمن من الشعب ليعرف دوره الحيّ في حياة الكنيسة كما في حياة البشرية كلها، وإذ لم يكن دانيال متفرغًا للخدمة والنبوة لكنه كان أشبه برئيس الوزراء في دولة سيطرت على العالم أجمع. عرف كيف يُعطي ما لقيصر لقيصر، وما لله لله..

هل تتمسك مثل دانيال بشدّة بايمانك بالله بحيث تعمل ما يقوله مهما حدث؟ إن هذا الاقتناع يجعلك متقدما على الاغراء والتجربة، ويمنحك هذا الاقتناع الحكمة والثبات في الظروف المتغيّرة. عش حسب اقتناعك في روح الصلاة كل يوم وثق في الله بالنسبة للنتائج.

 

نقاط القوة والانجازات:

- بقي صادقاً في إيمانه بالرغم من صغر سنه عند ترحيله من بلده.

- خدم كمستشار لملكين بابليين وملكين من مادي وفارس.

- كان رجل صلاة ورجل دولة له موهبة النبوة.

- نجا من فم الأسود.

 

دروس من حياته:

- الاقتناعات الهادئة تجلب الاحترام على طول المدى: ان مقاومة الإغراء أسهل إذا وثقنا في قناعاتنا جيدا، قبل حدوث الإغراء. فقد صمم دانيال وأصدقاؤه على أن يكونوا أمناء في حفظ وصايا الرب قبل أن يواجهوا أطايب الملك، فلم يترددوا في التمسك بقناعاتهم. وعندما عزم دانيال على عدم تنجيس نفسه، كان صادقا في تصميمه أن يستمر العمر كله، عاملا ما هو حق، ولا ينهار أمام الضغوط المحيطة به. فرغم محاولة البابليين تغيير طريقة تفكيره وتفكير اصدقائه، بتلقينهم التعليم البابلي، وتغيير ولائهم بتغيير أسمائهم، وتغيير أسلوب حياتهم بتغيير عاداتهم الغذائية. الا ان دانيال وجد طريقة ليعيش حسب مقاييس الرب بدون أي تنازلات في مجتمع لا يوقر الرب. فباختياره الحكيم للتناقش بدلا من التمرد، واقتراحه لفترة تجربة لمدة عشرة أيام من التغذي على الخضار والماء بدلا من الطعام الملكي والخمر التي قدمها الملك. نلاحظ بانه، وبدون تنازلات فكر بسرعة في حل عملي خلاق أنقذ حياته وحياة رفاقه. وتعلّم مع اصدقائه كل ما يمكنهم عن مجتمعهم الجديد ليتسنى لهم القيام بعملهم على نحو ممتاز مع المحافظة دائما، أثناء تعلمهم، على ولائهم للرب، فأعطاهم الرب المهارة والحكمة، وقام بيد خفية بتغيير قلب ذلك المسئول البابلي. متأثراً بالمباديء الأخلاقية القوية لهؤلاء الشبان (9:1). ونلاحظ بان الله بعدها وخلال فترة التجربة،  رفع دانيال الى أعلى الدرجات ليسجد له أعظم ملك في ذلك الحين (دان 46:2)، يسجد له مُدركًا أن فيه روح قدوس القديسين طالبًا بركته ورضاه؛ كما فتح الرب عن بصيرته لا ليهبه حكمة فيعرف أحلام الملك ويُفسرها له، ولا ليدبر أمور المملكة بحكمةٍ وفهمٍ فحسب، وإنما ما هو أعظم لكي يتمتع بأسرار الله الفائقة، فيكشف له الروح عن عمل الله المستقبلي والأبدي مع البشرية.. ونحن أيضا قد تدفعنا الضغوط إلى المساومة على مقاييسنا لنعيش بشكل أقرب إلى أسلوب العالم من حولنا. فإن مجرد الرغبة، أو استحسان مشيئة الله وطريقه لا يكفي للثبات أمام حدة الإغراء. لذلك فلا مجال للتردد في التمسك بقناعاتنا وعهودنا قبل ان تواجهنا مثل هذه المواقف. وعندما ياتي الاغراء نكون مستعدين لان نقول "لا"، فيمكننا كأبناء للرب ان نتواءم مع مجتمعنا طالما لانساوم على وصاياه، جاعلين عهد ولاءنا له اولاً، وقد وعد الله ان يكون مع اولاده في اوقات التجربة والاغراء (مز 106: 46 ؛ إش 43: 2-5 ؛ 1كو 10: 13). وفي أغلب الأحيان يأتي تدخله الإيجابي متزامنا مع موقفنا المبدئي من أجله.

-  لاتنتظر المواقف الصعبة لتتعلم عندئذ الصلاة: لم يلجا دانيال الى الصلاه في اوقات الضيق فقط، فقد كان صادقا مواظباً على الصلاة، غير عابيء بالقوة بحثا عن مجد شخصي.  بل انه حتى عندما علم بالامر الملكي الذي صدر والذي جرّم الصلاة حينها لغير الملك، لم يتوقف عنها فقد استمر في الصلاة ثلاث مرات في اليوم كعهده دائماً، كان يعيش حياة صلاة منتظمة، ولم يحاول مطلقا ان يخفي نظامه اليومي في الصلاة عن اعدائه في الحكومة رغم علمه بعصيانه للقانون(13,7:6)،  وقد استمر في الصلاة لانه لم يكن يعتمد على الملك للارشاد والقوة التي يحتاج اليهما في ذلك الوقت العصيب، فالله وحده كان يقدر ان يمدّه بما احتاجه حقا، اضافة الى ذلك فقد عرف دانيال كيف يصلّي، فعندما كان يصلّي كان يصوم ويعترف بخطاياه ويطلب إعلان الله لارادته، كان يصلّي بخضوع كامل لله وبانفتاح كامل لما يقوله له مبتهلا اليه بالتضرعات والصوم وارتداء المسح والتعفر بالرماد... ذلك يعلمنا كيف نصلّي بانتظام مهما كان الامر لان الصلاة هي خط الحياة المتصل بالله، ولاندع الضغوط او التهديدات تقطع وقت صلاتنا، فلنختبر مواقفنا ونتحدث الى الله بانفتاح وباتضاع وامانه، ولنستعد بعدها لاستجابة الله. فمثلما استجاب الله لصلاة دانيال، هكذا يمكننا ان نثق ان الله يسمع ويستجيب صلواتنا.

- يستطيع الله أن يستخدم الناس في أي مكان يوجدون فيه: كان دانيال من أول المسبيين الذين أُرسِلوا الى بابل وعاش حتى رأى المسبيين الأوائل يعودون إلى أورشليم سنة 538 ق.م، فخدم دانيال لمدة 70 عاماما في بلد غريب يرفض الرب، ومع ذلك لم يساوم على إيمانه بالرب، فمجّده الرب كثيرا واستخدمه، حتى اصبح المتحدث باسمه الى مملكة بابل خلال خدمته كمستشار لملوكها. وبذلك كان لدانيال تأثيرايجابي كبير على تلك المملكة الشريرة، وبدونه كان يمكن أن تكون في حال أسوأ مما كانت عليه .. لذلك على المؤمن أن يبقى قويا من أجل تتميم هدف حياته، فانه من الحكمة اتخاذ الثقة بالله وحده وإطاعته هدفا حقيقيا لحياتنا، ورفض اية طاعة اخرى لاي شخص مهما كان اذا كانت  تتعارض مع طاعة الرب باي شكل من الاشكال، لان ولاءنا الاول يجب ان يكون للرب. وعلينا أن لانسمح بأي تشويش يصيب تميّزنا المسيحي، مثابرين في صلواتنا بعزم لايلين، متمسكين بكمالنا مرتضين أن نخدم الرب في أيّ مكان يضعنا فيه.

- استجابة صلواتنا لاتاتي دائما بكل سرعة وسهولة: كثيرًا ما نظن أن الله لا يستمع لصلواتنا أو يتباطأ في الإجابة، مع أنه مهتم بنا، ويخفي عنا عمله من أجلنا حتى نكتشفه في الوقت المناسب، حين نصير قادرين على فهم خطَّة الله وعمله لأجلنا. فمع ان الله أرسل رسولا الى دانيال، إلا أن كائنا روحيا قويا قد حجزه لمدة ثلاثة اسابيع، (فقال لي"الرجل الذي ظهر لدانيال":لاتخف يادانيال، فمنذ اليوم الاول الذي عزمت فيه على الفهم، وتذللت امام الهك، سُمِعَت تضرعاتك، وها انا جئت تلبية لها. الا ان رئيس مملكة فارس قاومني واحدا وعشرين يوما. فاقبل ميخائيل، احد كبار الرؤساء لمعونتي، بعد ان حُجِزتُ هناك عند ملوك فارس. وقد جئت لاطلعك على ما يصيب شعبك في الايام الاخيرة، لان الرؤيا تختص بالايام المقبلة.) (دان14,12:10)... لقد اكد الملاك لدانيال أنه جاء ليعلن له أن صلواته قد اُستجيبت، وأنه يعمل لصالح الشعب، مقاومًا شر ملك فارس. عاد ليعلن له أن عناية الله ممتدة عبر سنوات طويلة؛ وعليه أن ينتظر ليرى بروح النبوة الأحداث القادمة لا إلى يوم رقاده فحسب، بل وإلى مجيء السيِّد المسيح مخلص العالم.. فقد تتأخر اجابات صلواتنا نتيجة لمعوقات خفية، فلا نتوقع ان تاتي اجابات الله دائما بكل سرعة وسهولة، فقد تتحدى القوى الشريرة صلواتنا، ولكن علينا ألا نسأل الله بقلق، كما يعلمنا دانيال،  إذ سمع الله له من أول يوم بدأ فيه بالصلاة، لكنه نال ثمرة صلاته بعد 21 يومًا.وهي الأسابيع التي كان فيها دانيال النبي صائمًا ومتذللا أمام الله، لكنه لم يعرف ذلك حتى تمَت الثلاثة أسابيع، فقد كان الملاك يعمل لصالح النبي وهو لا يدري.. فليتنا لا نفتر في غيرة صلواتنا التي نبدأها، إن تصورنا أن الاستجابة قد أبطأت، لئلا تتأجل الاستجابة التي تهبها لنا العناية الإلهية. وذلك ما كان يمكن ان يحدث مع دانيال  لو لم يكن امينا مثابرًا على الدوام بثبات في صلواته.فلنصلي بحماس وجدية ثم نتوقع بعدئذ استجابة الله في الوقت المناسب، لانه هو الذي يسود ويتحكم في الماضي والحاضر والمستقبل، وكل الاحداث مسجلّة عنده في سفر الحق.

- اهمية الاصرار في امانتنا للرب: لان دانيال كان امينا في اتباعه للرب رغم كل ما مرّ به، فقد كان الرب امينا في حياته، فانقذه من جب الاسود، ومن اعدائه الذين كانوا يكرهونه.  فنرى دانيال يقف شامخا بين صفوف خدام الله، هذا الذي أُخِذ في الاسر وهو بعد شاب صغير مع كونه مولودا من النسل الملكي، وقد اصرّ أن يبقى أمينا لله في أرض السبي، هذا الذي أمضى عمره كله يشير على آسريه بحكمة غير عادية حتى على حساب نفسه، قد اختاره الله خادما له لتسجيل بعض أحداث السبي وبعض الأحداث الهامة المختصة بالمستقبل، حتى تلقى في نهاية خدمته تأكيدا من الله، كشيخ ظل أمينا لإلهه طوال سني عمره، بأنه سيقوم من الموت ويأخذ نصيبه من ملكوت الله الأبدي (دان 13:12). ذلك يعكس لنا مدى رعاية الرب لأبنائه المؤمنين به، وامانته معهم ومعاملتهم بكل اناة وحب وملازمته لهم في كل ظرف يمرون فيه، وذلك يدفعنا للثقة التي تمنحنا شعورا بسلام لايقاس، مهما كانت الظروف التي تمر بنا، فالرب الذي أنقذ دانيال، سينقذنا في اي موقف نمرّ فيه مهما كان صعباً لو بقينا امناء معه. فهناك مكافأة عظيمة للأمانة مع الله، ليس بالضرورة في هذه الحياة لكن بالتأكيد في الحياة الآتية.

- سيادة الرب المطلقة: الرب يعلم كل شيء، وهو ضابط التاريخ كله، ومسيطرا على احداث العالم، يعمل لحساب بنيان مؤمنيه المخلصين أينما وُجدوا. فيتمجد في القلة القليلة جدًا المُخلصة، هو سندهم في تقديس حياتهم، وهو سور نارٍ يحميهم، والمُدبر لخلاصهم. لانه سوف يبيد الشرير ويخلّص الامناء الذين يتبعونه، وما كلام دانيال عن الايام الاخيرة في الاصحاح الاخير من سفره الا تاكيدا على عمل الله في التاريخ  والرجاء لمؤمنيه، " فسمعت ما قاله ولكنني لم افهم، فسألت: ياسيدي ماهي آخر هذه؟. فاجاب: اذهب يادانيال لان الكلمات مكتومة ومختومة الى وقت النهاية. اما انت فاذهب الى اخرتك فتستريح، ثم تقوم في نهاية الايام لتُثاب بما قُسِم لك" (دان13,9,8:12).. فهذا تاكيد بوعد القيامة لدانيال، وسيرى كلماته تتحقق يوما ما. لكن ليس عليه ان يمضي بقية عمره في التساؤل عن معنى رؤياه. بل بدلا من ذلك كان عليه ان يسكن الى راحة سيادة الله ويتطلع الى الوقت الذي يقوم فيه لينال ويشارك الحياة الابدية مع الله. فهو لايكشف لنا عن كل شيء في هذه الحياة، فينبغي ان نقنع بالجزء من الصورة حتى يسمح لنا برؤية المزيد، وسيخبرنا هو بكل ما نحتاج أن نعرفه. وذلك ما يبعث فينا الرجاء، فبالرغم من تنافس الدول الان للسيطرة على العالم، الا ان مملكة المسيح ستفوق ممالك هذا العالم يوما ما وتحلّ مكانها. وان ثقتنا اكيدة لان مستقبلنا في أمان مع المسيح، وعلينا بالتحلي بالشجاعة ووضع ايماننا في الرب المسيطر على كل شيء.

 

بيانات أساسية:

- المكان: يهوذا وبلاط بابل وفارس.

- الوظيفة: أسير من إسرائيل أصبح مستشاراً للملوك.

- المعاصرون: حنانيا وميشائيل وعزريا ونبوخذ نصر وبيلشاصر وداريوس وكورش.

 

الآية الرئيسية:

"لأن دانيال هذا الذي دعاه الملك بلطشاصر كان يتحلّى بروح فاضلة ومعرفة وفطنة، وقدرة على تفسير الأحلام وفك الألغاز وحل المعضلات. فليدع الان دانيال ليطلعك على تفسير الكتابة" (12:5).

وردت قصة دانيال في سفر دانيال. وقد ذكر أيضاً في (مت 15:24).

 

 
 

Copyright  www.karozota.com

 
  
 

English