سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

 

الميلاد والعائلة

الأب فرنسوا عقل المريمي

 

   

 

قبل البدء والأزمان، في فسيح الأزل الأبديّ كانت المحبّة المطلقة جوهر اتّحاد الآب والابن والرّوح.

إنّها عائلة الحبّ الأزليّ! الإله الواحد والثّالوث.

ثمّ شاءت حكمة المحبّة أن يتزوّج الأزل من الأبد، فولد الزّمن. وكانت العائلة البشريّة الأولى على صورة الثّالوث ومثاله، تقوم على الحبّ والحرّيّة والاحترام.

لكنّ آدم ربّ تلك العائلة، أبى إلاّ أن يأكل الحصرم وتَضْرَس البشريّة. وهكذا بعائلة واحدة دخلت الخطيئة إلى العالم!

مرّت الأيّام والسّنون، وجرف نهر التّاريخ أجيالا وعصورا وحِقَبا... فإذ على الأرض آلهة وهياكل وعبادات تتكاثر وتتقاتل وتتآكل، وتتعدّد تعدّد الشّعوب والأمم؛ إلى أن لاحظت أرض كنعان أنّ إيل تنافسه آلهة عديدة، وبعل ينشر الخوف في النّفوس، وجمال عشتروت يذبل يوما بعد يوم، وأدونيس أرداه وحش الموت والهلاك. ورأى اليونانيّون أنّ الإيمان بأنصابهم يتقهقر، واكتشفت إمبراطوريّة القيصر العظيم، أنّ آلهة روما غافلة عن صلوات مؤمنيها وأدعيتهم. أمّا أبناء إبراهيم وإسحق ويعقوب فقد تمسكّوا بوعد يهوى لآبائهم.

     غرقت البشريّة آنئذ في ثبات الخطيئة، تداعب جفونها أطياف حلم طويل بجديد آت، ببريق أمل يلوح من بعيد، بسفينة لا يبتلعها الطّوفان... بعلّيقة تشتعل ولا تحترق... بصخرة تتفجّر نبع ماء حيّ... بعصا تشقّ البحار... بغمامة نور تمطر حبّا... بكلمة إلهيّة تلفظها شفتا السّماء... بعذراء تحبل... بنجّار ماهر يعدّ خشبة خلاص... بطفل عجيب من زرع الألوهة... بكوخ عتيق... بمذود ماشية... بقماط بالية... برعاة أصفياء... بمجوس رحّل... بأجراس مفرحة... بشموع ساهرة... بسرج موقدة... ببصيص رجاء يشقّ السّحاب...

ولمّا تمّ ملء الحلم، استيقظت البشريّة على وشوشات عذراء ونجّار قد انزوت الألوهة بينهما في مذود بارد، مقمّطة بقمط البشر!

إنّه حدث الميلاد...! حدثّ التّجسّد...! حدث يسوع ومريم ويوسف!

إنّها العائلة الأولى بعد الخطيئة، وكأنّي بها تجسّد صورة حياة الثّالوث المثاليّة!

فكما أنّ بعائلة واحدة دخلت الخطيئة إلى العالم، وبالخطيئة الموت، فبعائلة واحدة قد أتى الخلاص إلى العالم وبالخلاص الحياة!

طفل إله... أمّ بتول... زوج صدّيق... عائلة مقدّسة ركنها المحبّة والاحترام، نبراسها الإيمان والرّجاء، غايتها الحبّ حتّى النّهاية، من مذود المغارة إلى مذود الجلجلة... من بين الذهب واللبان والبخور، حتّى الجلد والشّوك والمسامير...

واليوم، أمام ذكرى حدث ميلادك يا ابن الله والإنسان، ما عسى عائلاتنا تقدّم لك؟

لقد غدت بمعظمها مفكّكة، مهدّدة، من كلّ حدب وصوب؛ مصبوغة بلون علمنة خطيرة؛ ومقيّدة في أكثر الأحايين بنير أب مستبدّ، وأمّ قد لا تمتّ إلى الحنان بصلة؛ أو ابن لا يكنه معنى الاحترام، أو فتاة أغوتها نصائح رفيقات السّوء...

لقد أضحت عائلاتنا منقسمة ضائعة. فتارة تخنقها سلاسل مجتمع ضيّق، وتقض مضجعها عقليّة متحجّرة، توصمها بعار عقم مجهول... بحادثة اغتصاب مريض... بطعنة حبّ خائن...

وطوراً، تخدعها غوغائيّة مجتمع متحرّر لا روح في؛ فتحلّل إجهاضا قاتلا، وتبارك شهوة جامحة، وتشرّع استقلاليّة قاصرة، وتعصم علما يملك طيف الحقيقة...

هذا صميم واقعنا يا ابن الله والإنسان!

أودّ أن أضع اللاهوت جانبا برهة قصيرة، لأبتهل إليك بدعاء البسطاء الأصفياء.

فتعال مرّة جديدة! تعال وابق! تعال جدّد! تعال واقلب مقاييس جيل لا يؤمن بتجسّدك! تعال وحّد العائلات! بدءاً من العائلة البشريّة الواحدة، إلى العائلة المسيحيّة، فالعائلة الكنسيّة، وعائلة الوطن الواحد، والعائلات الرّهبانيّة وسائر العائلات الصّغيرة الكثيرة...

دعها تحبّك... علّمها كيف تجسّد صورة ثالوثك على الأرض، فتدرك أنّ الشّخص البشريّ قيمة لا تقدّر، وأنّ العائلة مدرسة قيم، والإيمان انتماء علنيّ لعائلتك السّماويّة.

ذكّرنا أنّنا نحن المغارة... والمذود... بل نحن شجرة الميلاد التي يجب أن تتحلّى بثمار الفضائل، وأنوار الإيمان والمحبّة... ذكّرنا أنّنا شموع الصّلاة، وأجراس الشّهادة لتجسّدك في التّاريخ والزّمان كي تجدّد التّاريخ وتقدّس الزّمان.

 
 

Copyright  www.karozota.com

 
  
 

English