سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

العنصرية في الكنيسة

 

الأب يوخنا ياقو

   

 

لقد بلغ الحد أن يكتب المرء عما يراه من أمور تجعلنا نغضب لكننا لا أن نخطأ في غضبنا، بل أن نصلي دائمًا لأجل الذين يفعلوا ويمارسوا ويحاولوا أن يرذلوا الخلاص الذي لأجله وبه نلنا تلك الشفاعة لأن نقول لله أبانا. الكنيسة التي صخرتها هي صخرة الإيمان بالرب يسوع المسيح، بل صخرتها هي الرب نفسه الذي بفداءه نلنا أسمى فداء نحن الخطاة الغير مستحقين، نرى تلك الكنيسة المقدسة تبتعد ومنذ فترات ليس بقليلة وتلتطخ ثيابها بأوساخ يبقعها عدو الكنيسة والمتربص دائمًا للنيل منها. أعمال مظلمة وغير مثمرة كأمراض تصيب هذه الكنيسة المقدسة، التي بات تاريخها العريق والمضيء عبر الزمن يعرفه الغربيون أكثر منا نحن المولودون فيها والمنتمون إليها، ومن تلك الأمراض هي مرض العنصرية. للأسف فقد أصاب كنيستنا هذا المرض، الكنيسة التي نالت البشارة بقول الرب: "فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس" (متى 28: 19)، والتي كانت بكر الكنائس لتقبلها رسالة التلاميذ والرسل واولهم توما الرسول، ومن بعده أدّي وماري، أدّي الذي عمّذ أوجير الأسود ملك أورهاي، ومن بعده مملكته بأكملها، ومنها إلى جميع الأمم حتى وصل يومًا من الأيام عدد المؤمنين التابعين لهذه الكنيسة ما يقارب الـ 80 مليون في كل بقاع الأرض.

 

تعريف العنصرية:

هي تعصب فرد أو فئة من الناس لجنس أو عرق أو قبيلة أو عشيرة أو طائفة أو معتقد أو حتى لون بشرة واباحة قتل أو اضطهاد أو حتى ازدراء الفئات الاخرى بدون وجه حق أو سبب واضح سوى انها تختلف عنه في جنسها أو عرقها أو طائفتها أو لون بشرتها، وأيضاً قالوا عن العنصريه بأنها "موقف سلبي ظالم تجاه إنسان آخر لمجرد انتماء هذا الإنسان إلى جماعة عرقية.

العنصري هو الذي يفضل عنصره على غيره من عناصر البشر ويتعصب له، ويحاول خلق الحجج لهذه العنصرية، وتغطية السلبيات فيما إذا وجدت. فبدلا من أن يصارح الإنسان واقعه ويحاول علاجه أو تغييره، يتمسك بالخطأ غير مكترث بالنتائج والسلبيات التي تؤول إليها الأمور في نهاية المطاف.

 

إنتماء أم عنصرية:

شتان بين هاتين الكلمتين، الإنتماء إلى طائفة معينة لا يعني أن نرى أنفسنا في أعيننا أسمى وأعلى مكانة وقيمة لتاريخ وعراقة تلك الطائفة أو القبيلة، فالإنسان قيمته في الكنيسة وعند الله هو بإيمانه وحمله الصليب وليس بما يمتلكه من مركز أو سلطة. الإنتماء يجعلنا نعمل أكثر للمساواة بين الكل والتمكن من رؤية أخطاء الماضي وتحليل مسبباتها والعمل على التخلص منها لنبني حاضرًا ومستقبلا مفعمًا بمحبة المسيح وغنيًا بنعمته، بدلا من التمسك بتلك الأخطاء والعمل على إبقاءها وإحياءها من جديد. الإنتماء هو الاعتدال في كل شيء والحكم بكلمة الحق حتى إن كانت كالسيف المسلول على الرقبة، عندها تحفظ كرامة الإنسان ويصل إلى الغاية المنشودة من خلقه كصورة الله، فالله ينزل مطره على الجميع ومن سماءه يرى الكل سواسية من حيث المحبة والنعمة، فنعمته لكل البشرية ولا يستثني أحدًا منها، لأي سبب كان.

العنصرية هو آفة تتغذى على جسد الكنيسة وتحاول أن تخترق حتى الحجر الذي عليه بنيت الكنيسة، فمحاولة أي شخص أن يجذب جماعة ما إلى فكرة عنصرية الغرض منها هو التحفظ على قضية تمس الكنيسة وإيمانها ومعتقدها ومبدءها هو أمر مرفوض. والأدهى في أسلوب العنصرية في طريقة التمكن من أعضاءها هو كلامها الحق الذي يراد به باطل، ومحاولة كما قلنا سلفاً إيجاد الأعذار التي تغذي معركة العنصرية بأهداف سامية كأن يؤول المرء إلى ذكر تأريخ شخص ما في قبيلة ما وما كان لذلك الشخص من دور مميز في حماية المقدسات ولولاه لكان الضياع مصير القبيلة أو ربما الكنيسة برمتها على حد تعبيرهم، غير مكترثين بقول داود النبي: "ان لم يبن الرب البيت فباطلا يتعب البناؤون.ان لم يحفظ الرب المدينة فباطلا يسهر الحارس" (مز 127: 1).

العنصرية تقود إلى التمسك بالباطل على حساب الحق، حتى إن كان الحق واضحًا أمامنا كوضوح الشمس، العنصرية تبني قصورًا على الرمل، ويكون أساسها الخبث والمكر والتصيد في الماء العكر، ولا تكترث مطلقا بالأساليب القذرة التي تسلكها أو الكلام الذي تنطقه أو النتائج التي قد تصلها، سعيها الوحيد هو التعلي والكبرياء والتفاخر والمجد والسلطة والمكانة المرموقة... أما الله فيكون في مرتبتها الأخيرة كالعادة، فهو الله الذي في منظورها هو الله الذي لا نراه بأعيننا ولم يعد يخيفنا لأنه لا يظهر قوته وسلطانه علينا، أما ملكوته فهو بعيد المنال حتى وإن كان وعد المسيح لنا. فأي حد من الكفر والنكران وصلنا لرسالة المسيح، واين مسحة المعمودية التي تقبلنا يوم ولدنا، وأين سر التوبة الذي نتقبله في الكنيسة لدى تناولنا جسد الرب ودمه. ماذا سيكون شفيعنا في السماء، بأية وجه سنقابل ربنا وبأي حق وأي دالة سنناديه يا رب يا رب.

في الكنيسة يكون الكل سواسية من حيث سر الفداء المجاني لمن يقبله "متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذي بيسوع المسيح" (رو 3: 24)، ومن حيث النعمة التي نلناها في تجسد ابن الله وموته على الصليب وقيامته في اليوم الثالث، كما يقول الرسول بولس: "وهو مات لاجل الجميع كي يعيش الاحياء فيما بعد لا لانفسهم بل للذي مات لاجلهم وقام" (2 كو 5: 15). فلنرمي منا كل شهوة ولذة وتعصب وخبث وحقد ومقت بعضنا البعض، لنطرح عنا ثياب الظلمة ولنلبس المسيح من جديد خليقة جديدة، طارحين عن أنفسنا كل غضب وسخط وتجديف وكلام قبيح. لنعلم المكانة التي دعانا إليها الله ليس بإنتماءنا إلى قبيلة ما أو طائفة معينة بل لأننا صرنا أولاده بالمعمودية، فأي منزلة وأي مكانة تعلو على تلك التي نلناها من جرن المعمودية، وأي فداء وأي محبة هي أسمى من صراخ المسيح على خشبة الصليب.

إن كان سر إنتماءنا للعنصرية هو تمسكنا ببعض التقاليد البعيدة عن حقيقة إيماننا كمسيحيين، أو إخلاصنا إلى شخصية ما نراها فذة في أعيننا فقط وليس في عيون الحق والفضيلة، فلنؤمن بأن كل هذا هو باطل الأباطيل، وما هو إلا قبر يبتلع أنفسنا في ظلمة حقيقية لا قيامة لها. إن أسمى ما قدمه المسيح لنا في خلاصه لنا على الصليب هو الحرية، لأننا كلنا كنا عبيدًا للخطيئة، لكننا اليوم بعد أن اقتنيا الخلاص بجسده ودمه المقدس، صرنا أحرارًا من عبودية الخطيئة بكل أشكالاها وصورها، "لاننا جميعنا بروح واحد ايضا اعتمدنا الى جسد واحد يهودا كنا ام يونانيين عبيدا ام احرارا وجميعنا سقينا روحا واحدا" (1 كو 12: 13).

فلنعد إلى رشدنا وإلى بر الله بالإيمان بيسوع المسيح ولنستيقظ من غفلة الخطيئة التي حلت في أذهاننا لابتعادنا عن كلمة الله التي هي نور وبهاء لأنفسنا، وليكن جسدنا كله نيرًا ليس فيه جزء مظلم. ولا نفصل أنفسنا عن محبة المسيح، بأي شكل من الأشكال وتحت اي شدّة او ضيق او اضطهاد او جوع او عري او خطر او سيف.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English