سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

التوبــة والاهتداء، لماذا؟

 

الأب أسعد حنونا

   

 

   يعلمنا الكتاب المقدس في فصوله الاولى كيف اخطأ الانسان الاول بحق الاله خالقه وكيف انتقلت الخطيئة من جيل لاخر وأضحت وصمة عارعلى بني جنسه، اما في العهد الجديد فيعلمنا الرب يسوع ان الانسان بأيمانه واستعداده لتقبل الله قادر على ان يتوب ويرجع اليه من جديد ويغير الصورة التي كانت موجودة منذ نشوء البشرية  ويكون بارا.

    ان الانسان الذي يعيش ويحيا في هذا العالم بالتأكيد هو معرض لصراعات وازمات تحاول ابعاده عن اخوته البشر. في الوقت الذي يعرف حق المعرفة ويدرك تمام الادراك انه لاسبيل له للعيش من دون ان يكون للمرء سلسلة من الصلات والروابط والعلاقات التي تشده بالاخرين. فالانسان حسب المفهوم الاجتماعي وعلم النفس هو كائن او حيوان اجتماعي علائقي لايقدر العيش من دون الاخر. لذا يكون معرض في كل حين للتجارب وللوقوع في اخطاء وارتكاب زلات، فعليه مواجهة ما يعيق مسيرته للوصول الى الكامل. التوبة والاعتراف بالذنب والاقرار بالخطأ والندامة الحقيقية واتخاذ القرار المناسب لعدم اقتراف كذا اخطاء مرة ثانية هي ما تجعله حرا. في الوقت الذي نعلم ان عالمنا الحاضر بات مملوءً من المغريات الكثيرة التي قد تسلب من الانسان اغلى القيم والمبادئ وتعرضه لتجارب كثيرة، في الوقت الذي يجب ان يتبع المسيح ويبيع كل شيء فأنه يبيع المسيح ويشتري كل شيء.

 

التوبة حسب الانجيل :

    ان يوحنا المعمذان منذ بداية رسالته لليهود والرومان القادمين اليه شرع يحثهم على التوبة واصلاح الذات والسلوك الادبي والاخلاقي والرجوع الى الله ويدعوهم الى الاهتداء والمصالحة مع ابيه والقريب ((توبوا فقد اقترب ملكوت السماوات))، ويسوع المسيح بدوره لم يكتف ايضا بأعلان التوبة والملكوت واقتراب الله من البشر بل حقق ذلك بشخصه وحياته واعماله وتبشيره ورسالته، فهو الملكوت فينا وبيننا ((الله الحال في وسط هذا الشعب الخاطيء البعيد عنه)).

    لقد جاء يسوع ليدعو الخاطئين الى التوبة وليس الاصحاء، جاء ليخلص ما قد هلك، وهو ليس كالفريسيين فلا ينوه ويلح على الممارسات الطقسية الخارجية بقدر ما يركز على الطقوس الداخلية من تغير في مسلك الحياة والضمير ((ادخل الى مخدعك وصلي الى ابيك الذي يرى في الخفية، فهو يجازيك)). فالتوبة بكل معانيها هي العودة الى الله لاخوفا منه او طمعا في شيء، بل نعمة خاصة من لدنه لذلك الشخص او الانسان للعدول عن الطريق الذي بات مستسلما له والوصول الى بر الامان للعيش في حياة النعمة والمحبة والقداسة، حياة ابناء الله الابرار والصالحين والاطهار والقديسيين ((داود، الزانية، المجدلية، زكا العشار)) واخرين غيرهم بنعمة من الرب غيروا مسيرة حياتهم وصاروا شهود لعظمة محبة الله التي لاتوصف ولا تحد، وكم من قديس كان خاطئ وغير حياته وصار مثالا ورمزا لنا.

(((ندم، عاد، رجع، اهتدى))) كلها معاني لكلمة واحدة الا وهي التوبة الرجوع الى احضان الله ((كان ضالا فوجد، عاد الى ابيه)). وهذا الاهتداء يكون بكامل حرية الانسان وشعوره بأنه فقد شيء ما ويريد استرجاعه، او احساسه بنقص ما وتقصير بحق انسان ما وبحق نفسه ومذنب بحق الله. وليعلم الانسان الخاطئ ان الفشل ليس نهاية الطريق وخاتمة المطاف فدائما هناك امل ونور في نهاية النفق، والله لايترك الانسان في خطيئته بل يساعده في الخروج من الحالة التي هو فيها حالة اليأس والشقاء والاستسلام، ورجوعنا هو اعترافنا بالله ووجوده وقدرته على كل شيء. اذا في التوبة هناك تغير في النظرة الى الحياة ((التفاؤل والرجاء والامل)) وبالتالي الحياد عن الشر والابتعاد عنه والسير في الاتجاه الصحيح والمسار الامن رغم وجود العثرات لكن الله ينتظرنا في الطرف المقابل ويدعونا للسير.

    فالخبرة الايمانية والحياتية المعاشة تلعب دورا كبيرا في تفادي الوقوع في المشاكل وارتكاب الاخطاء الفاجعة التي قد تدمر حياة الانسان الروحية وعلاقته الانسانية مع الاخرين.

 

التوبة لماذا ؟

    مرات عديدة نقول نحن منزعجين وهناك ما يثير قلقنا، مشتتين وغير مرتاحين، فقدنا التوازن في حياتنا ونحس اننا غير مقتنعين بكثير من الامور ونعتبرها فارغة وغير مجدية وبلا نفع ولايوجد من نثق به ونطمئن له ولانعرف لمن نلتجيء فلم يعد العالم نفسه كما كان قبلا وان الناس كلهم باتوا سواسيا. ولكن لاننسى ان الله حاضر دائما ليمد يده لنا لينتشلنا، فأذا فقدنا الثقة بأنساننا فلا نفقد الثقة والايمان بألهنا. الهنا الذي نتحدث اليه ونكلمه في كل وقت وهو من قدم ذاته لاجلنا... ومن خلال هذا الفعل التوبة يحس ويشعر الانسان كأن ثقلا او هما قد انزاح عن كاهله وبدا انسانا وروحا جديدة وكأن العالم في نظره اصبح جيدا وجديدا وتستحق الحياة ان تعاش.

     لذا في رجوعي الى الله يجب ان افكر بأي اسلوب او طريقة سأتحدث اليه وبأية لغة؟ كيف سأقابله؟ ضروري ان تكون لنا الارادة القوية والشجاعة الكافية للمثول امام الله وأنهاء الشورت المقطوع بيننا وبينه، دون خوف او تردد ((ارجع ام لا، اتوب ام لا)) بعض الاحيان نرجع الى الله لخوفنا منه ومن عقابه ومن الدينونة كي لايكون مصيرنا الهلاك وهذا ما لانسميه الاهتداء او التوبة (لانخدع الله). لاننسى ان الله هو اب والله محبة والله غفور ورحيم وطويل الانات ولكن لانستغل هذه الصفات الرائعة في خالقنا الذي يقبل الانسان الخاطئ ويعانقه ويقبله فهو لايعاتب بل يسامح.

    اتخذ القرار الحاسم واتقدم وهو يقبلني على نقائصي وعلاتي كيفما اكون على ضعفي وقوتي، على شري وخيري، لااضع حواجزا بيني وبين الله فنحن من نضع الحواجز بيننا وبينه. فهي تعرقل مسيرتنا للوصول اليه والاتحاد به. فلا نخافه ولا نعتبره بمثابة الجلاد او السياف القاطع رؤوس عابديه، فليس بظالم ولا قاسي ولا معاقب، هو يحترم الانسان في كل خصوصياته وابعاده ويحبه حتى النهاية ويحترم خليقته التي خلقها على صورة محبته ومثال رحمته...

     نبعد عنا الافكار السلبية والناقصة عن الله والتعجيزية الغير لائقة به كأب. ((مغفورة لك خطاياك، أذهبي ولاتعودي الى الخطيئة ثانية)). اذا الله يدعونا لفتح صفحة جديدة معه ومع كل انسان، وانه جاهز وحاضر لاستقبالنا في اي وقت نريد الرجوع والعودة اليه.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English