سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

الكهنوت بين الراعي الامين والراعي الاجير

الجزء الأول

 

الأب أسعد حنونا

   

 

   يقول السيد المسيح في انجيل يوحنا وفي مجال حديثه عن الراعي الصالح وماهي صفاته وواجباته ومهامه والمسؤولية الملقاة على عاتقه والتزاماته وكيف يجب ان يكون، ويتكلم عن الفرق بين الراعي الصالح والراعي الاجير فيقول (انا هو الراعي الصالح والراعي الصالح يقدم ويفدي نفسه من اجل خرافه الذين يحبهم، والخراف تسمع صوته فتسير خلفه لانها تعرفه، اما الاجير فلاتعرف صوته)، من كل هذا أقول ان الراعي في انجيلنا ومسيحيتنا وتعاليمنا الدينية وفي تفاسيرنا الكتابية منها وحتى الروحية واللاهوتية والطقسية هو رسول وشاهد وناقل البشرى وناشر الكلمة ومدبر ومعلم ومربي ومرشد ومسؤول وقائد (كما يقول المزمر: يقود الخراف الى اراض خصبة) ورجل قوي قادر على الدفاع عن قطيعه ويغار عليه ويحميه من الاخطار كما تغار الزوجة على زوجها وتخاف عليه. والراعي بكل درجاته الكنسية عليه واجب المناداة باسم السيد المسيح ومبادئه وتعاليمه وأعلانها للاخرين واظهار يسوع في صورته ووجهه الحقيقي وتجسيده في حياته ليكون الراعي بدوره حيا ونشطا وفعالا في مجتمعه وكنيسته وعالمه ويقود الناس ويوجههم الى بر الامان والخلاص ويدعوهم للرجاء وللسير في طريق الحرية والمحبة ويكون الوسيط بينهم وبين الله، واكيد ان سلطة الراعي ومركزه تكونان مؤسستان على التضحية وبذل الذات والسخاء في الايادي المفتوحة والتفاني في الخدمة والعمل الصالح، وكما يقول مار بولس في رسالته الى طيمثاوس (من يشتهي الكهنوت فأنه يشتهي عملا صالحا).

    ان صفات الراعي الامين تكمن دائما في الطيبة والصلاح والحنان والابوة وعندما نقول اب نعرف ماذا نقصد بهذه الكلمة ذات المعاني السامية والتي تحمل في طياتها نسمات انسانية رائعة وحب ابوي عارم وشامل يحتضن الكل (اب = الحنان والتضحية والرحمة والصدق والثقة والامان والسلام والمسامحة والتواضع والاهتمام والمراعاة والمحبة والانحناء لمداواة جروح الابناء) دونما تفرقة ولا التميز بين كافة افراد العائلة المسيحية الواحدة. فأين الراعي اليوم من كل هذه الصفات وهل البعض من الرعاة نسي دعوته وكهنوته وانجرف خلف مغريات الحياة من المادة والسلطة والتكبر والجشع والانانية واستسلم لها وجعلته ينحرف عن المسار الرئيسي لدعوته (هذا اذا كانت لديه دعوة بالاساس) وللرسالة التي سلم نفسه لها وضحى بكل شيء من اجلها، بالتالي سوف يهلك هو نفسه ويهلك القطيع الموكل اليه من قبل الرب، والطامة الكبرى ان يكون الراعي هو نفسه من يقود الرعية الى الهلاك في كلامه واعماله ومحبته للامور الدنيوية واظهار المثل الغير الصالح للاخرين، اوقات ينزعج الشعب الذي يمثل الكنيسة من هولاء الرعاة الذين ينزون في زاوية مظلمة بحثا عن ما يشبع غليلهم من المادة وعبادتهم لها وسجودهم لالاهها الذي لايعرف الرحمة فيبتلع كل ماهو انساني ويتلاشى الضمير، وعندئذ يصبح راعينا اجيرا ورعيعا وغريبا ونشازا في كل تصرفاته التي تبين مدى جهله باللاهوت وبأسس الديانة المسيحية والايمان المسيحي  وعدم درايته الدراية التامة بما يجب ان يكون عليه الكاهن او الراعي الصالح الذي من واجبه ان يوحد الجماعة ويجعلها في تكاتف مستمر بوجه الصعوبات عوض ان يشتتها ويجعلها عرضة للفناء والزوال والا مالفرق بينه وبين اللص الذي يسرق ويخطف ويبدد.

    ان الرب يسوع المسيح كان المثال والرمز الاعلى والنموذج الاوحد للراعي الصالح الذي قدم ذاته فداء لجماعته لخلاصها ووحدتها (كونوا واحدا كما انا والاب واحد) وليس كالاجير او الراعي الرعيع الذي يسمح للذئاب ان يفتكوا بالرعية وينهشوا لحمها ومؤسف جدا ان يكون الراعي هو نفسه من يبيع ويسلم خرافه التي يرعاها للذئاب ويتباهى بذلك ولايهمه مصير القطيع الموكل اليه وهكذا راعي هو الشيطان بعينه الذي يريد ان تخرب مملكة الرب يسوع المبنية على الايمان والتضحية والرجاء والمحبة ومحاربة الشر الذي يريد الهلاك. يجب على الراعي ان يكون حكيما ويقظا وفطنا وقويا ومبدئيا وحازما ومنطقيا وصادقا في كل شيء مع نفسه ومع الاخرين ومؤمنا بقضيته ودعوته لا ازدواجيا بل شفافا ومدركا مالذي سوف يتعرض له اثناء مسيرته الكهنوتية من مخاطر وصعوبات فطريق الكهنوت ليس سهلا بل مليء بالعثرات والاشواك (طريق مغامرة) طريق يترصده الشر وتترصده الذئاب من كل زاوية ومن كل حدب وصوب وناحية لتفتك بالقطيع الذي يكون ضحية الراعي.

    يقول مار بولس نحن رسل مبشرين بأسم يسوع المسيح الذي صلب من اجلنا (بحياته وموته وقيامته) فأين الراعي الاجير اليوم الذي يبشر بكذا تعاليم وهو نفسه لا يعرف ولا يفقه لماذا اختار هذا الطريق ليكون كاهنا او اسقفا او مطرانا فمتى سوف يصحو من غفوته ويعرف ان ما يحمله وما يجب ان ينادي به هو عظيم جدا، ومتى سوف يرى العالم والرعية بعين يسوع المسيح المحبة للكل وعين الله الاب الذي يجمع الناس كلهم سواسيا لافرق بين هذا وذاك (احبوا بعضكم بعضا كما انا احببتكم) (احملوا نيري وتعلموا مني فأني وديع ومتواضع القلب) فأين هذا راعينا الرعيع المحب لمباهج الحياة من هذه الكلمات العظيمة وهذه الصفات الرائعة والذي في كل يوم يبيع المسيح بثلاثين من الفضة ويصلبه في كل ان، ومن يعتبر نفسه هو من له الحق ان يقرر من يخلص ومن لايخلص. الراعي يجب ان يكون أنموذجا ايمانيا وانسانيا واخلاقيا راقيا ومعطاءا في كل شيء ولا يأخذ فقط بل يعطي متعلما على مبدأ الاخذ والعطاء مع الاخرين ولايكون عرضة للانانية والا رويدا رويدا فقد كل صفاته الانسانية وسار خلف ما يزول في يوم من الايام ولايبقى شيء عند ذلك لاينفع الندم، عليه ان يحذو حذو الذي سلم نفسه له واختاره في يوم من الايام ليكون رسولا ومبشرا بأسمه والا كان كالاجير الذي لم تعد تسمع الخراف صوته لان صوته اصبح نشازا واضحى غريبا عن الرعية  التي اذا انحرفت في يوم من الايام نحو الهاوية كان هو السبب في موتها  وكما يقول الرب يسوع (الويل لمن على يده تأتي الشكوك).

    اذا نحن امام مسألة ومعضلة حقيقية وقضية مصيرية (من هو الراعي؟ كيف يجب ان يكون؟ بماذا يجب ان يتحلى؟ ما الاساس الذي يبني عليه حياته الكهنوتية والراعوية؟ ما هي اصلا الدعوة التي دعي اليها؟ ما مدى ثقافة الكاهن بكل ابعاد الثقافة؟ وهل قادر على ان يتحمل مسؤولية الرعية؟) {كتب في سفر الاشجار (انهم طلبوا من الزيتون والتين ان يملكوا عليهم، وكلاهما لم يرغبا في هذا التكريم مع انهما شجرتان صالحتان، ولكن لما دعي العليق ليكون رأسا، وفي تلك قال تعالوا استتروا تحت اكنافي) وهذا العلق الفارغ من كل ثمر الذي يحب ان يتسلط هو علامة الانسان الفارغ من ثمار العلم المطلوبة ومع ذلك يشتهي العليق ان يكون رأسا للدرجة الكهنوتية التي تتطلب ان يعلم الشعب ما اوصاه الله ولكنه لايقدر ان يعلم لانه لايعرف شيئا فهو خالي من الثمار (فمن ليس له ماذا سوف يعطي ومن اين سيعطي)}.

    ان الواقع الحالي والمرير يفرض نفسه علينا في ان الدعوة الكهنوتية والرسالة المسيحية فقدت الكثير من هيبتها ومكانتها  بسبب بعض الرموز الدينية وبعض الاشخاص التي تبوق وتزمر بلا فائدة وتدعي او تحسب نفسها انها تنادي وتتكلم بأسم الله في حين هي بريئة من كل تعاليمه ولا تعرف شيئا منها وحتى انها لاتعرف شيئا وتتعمد عدم التميز بين الحق والباطل بل انها تقف مع الباطل غير خجلة وتتباهى بسلطتها ونفوذها ولا تعرف ان البقاء لله وحده والله قادر على كل شيء.

    ليس الكهنوت كما يظن البعض سلطة ومجرد طقوس وممارسات دينية فقط ولا بعض القوانين التي يرددها البعض على مسامع الناس دون العمل بها او استعمالها في مناسبات او اوقات غير اوقاتها ومحلها ومكانها، ولا الضحك على ذقون المؤمنين البسطاء، ولا طلب الطاعة العمياء في حين هناك من هو نفسه لا يطيع لرؤسائه ولايعترف بهم، يقول الرب يسوع لتلاميذه (قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا. 2سَيُخْرِجُونَكُمْ مِنَ الْمَجَامِعِ، بَلْ تَأْتِي سَاعَةٌ فِيهَا يَظُنُّ كُلُّ مَنْ يَقْتُلُكُمْ أَنَّهُ يُقَدِّمُ خِدْمَةً ِللهِ. 3وَسَيَفْعَلُونَ هذَا بِكُمْ لأَنَّهُمْ لَمْ يَعْرِفُوا الآبَ وَلاَ عَرَفُونِي).

    الكهنوت مسؤولية ومهمة وموقف ودعوة حقيقية لبناء المسيحية والانسانية وتقويمهما والوقوف بوجه التيار العولمي والعلماني الذي يريد انحراف الكنيسة عن مسارها الصحيح وفنائها، ان الحمل كله ملقى على عاتقنا لنكون نورا وعونا للرعية بدل ان نكون نقمة وظلاما وعالة على المكان الذي نخدم فيه فمصير الناس الروحي والايماني متوقف علينا (يجب ان نبكي على حالنا وكنائسنا لما وصل اليه اليوم كهنوتنا المسيحي الذي هو على رتبة ملكيصادق) الكهنوت الذي هو اعلان عن محبة الله للبشر واعلان البشرى السارة وتكمن فيه التضحية وبذل الذات والعطاء والسخاء الدائم ومن دون مقابل حب غير مشروط للبشرية جمعاء ودعوة للدخول في شراكة مع الله والبشر (مجانا اخذتم مجانا اعطوا). يجب ان نراجع حياتنا وننظف عقولنا وندخل الى اعماق انفسنا وذواتنا ونعرف اين وصلنا اليوم ونعمل فورمات شامل وكامل ونزيل كافة الفايروسات والجراثيم الفتاكة الموجودة في حياتنا وتفتك بكنائسنا والتي تبعدنا عن المسيح الهنا وتريد القضاء على كنيسة المسيح لكي نقدر ان نكمل المسير الذي بدأناه ونكون امينين لرسالة الرب يسوع الملقاة على عاتقنا والا متنا في مانحن فيه واقرأ على الكنيسة السلام وليرحمها الله.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English