سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

الفريسي والعشار (لوقا 18: 9 - 14)

 

الأب أسعد حنونا

   

 

مقطع من الانجيل المقدس يسرد لنا قصة ومثلا رائعا بأن الانسان مهما ترفع في دنياه يجب ان لاينسى الهه الذي خلقه واعطاه الحياة وان لايترفع على بني البشر.

(إنسانان صعدا للهيكل) اي اقتربا من الله، يكشف لنا الكاتب الاسلوب الذي به يقرب الانسان الصلاة لله، الانسان المتكل على ذاته والمستغني عن الهه، وطبيعة العلاقة التي قد تصل لدرجة ان الله يصبح عند بعض الناس كالسامع فقط والعبد الملبي للحاجات الدنيوية في اوانها والراضخ لمشيئة الانسان الاناني والمتكبر.

هنا نرى الفريسي يقف امام الله معتبرا نفسه الديّان والقاصي ويضعها موضع الذي يقرر من يستحق ومن لا يستحق الخلاص ويحسب نفسه الامر والناهي لمصير الكثير من الناس الصالحين والبسطاء والمؤمنين بالله الايمان البسيط والصادق والقويم والحقيقي النابع من دواخلهم  والمتعطشين لرؤية وجه الله "لاتدينوا لئلا تدانوا" (متى  7: 1) كهذا العشار المسكين الذي لم يرد ان يرفع بصره الى الله لانه يعتقد ويشعران الله غير راض عن افعاله واعماله وبدوره غير قادرعلى النظر اليه، لم يأتي ليعلن للناس انه صالح وتقي بل ليطلب الرحمة، لكنه لايعرف ان الله هو اله المغفرة والرحمة يرحم من يقر بخطئه نادما ومتواضعا "ازدد تواضعا ما ازددت عظمة فتنال حظوة عند الله" (سيراخ 3/18).

اذا نظرنا الى شخصية الفريسي كما يصفها الانجيلي لوقا:

1) انسان ملتزم بأيمان اجداده - متوجه نحو الهيكل – يصلي (مكمل الفروض).

2) حافظ الشريعة ومكمل الوصايا في الصوم والصلاة والزكاة (لايجب ان يبني الانسان ايمانه المسيحي على بعض الممارسات الطقسية والتقوية) ليست حياة الانسان مبنية فقط على القانون والشريعة والطقوس، محور حياة الانسان الله  ويسوع المسيح واختبارهما في حياته وعيشهما.

3) يعطي لله مما يربح (العشر) ويزكي نفسه (اي من فضلاته يقرب لله) عكس ألارملة التي قربت لله الفلسين وهي معتازة ومحتاجة  لهما.

4) "لست مثل باقي الناس" ليس للانسان الحق في الحكم على الاخرين ودينونتهم، يفعلها بعض مسيحيينا احيانا عندما يكونون متواجدين داخل الكنيسة "انظر الخشبة في عينك ثم القذى في عين اخيك".

5) اصوم مرتين في الاسبوع، اهم شيء التغيير الداخلي والسلوكي والاخلاقي الادبي "ليس كل من يقول لي يارب يارب (7/ 21).

اذا الفريسي هنا مقتنع بذاته انه مؤمن وتقي ومحب لله وهذا في الظاهر ولكن في الباطن انسان اناني ومتكبر ومتعجرف ولا يحب سوى نفسه ويحمل الله منية في اعماله، لم يصعد للهيكل لانه خاطئ بل يعتبر نفسه بارا ويترجى المديح من الله والاخرين وان عبادته تستحق اجرا (وكأن الله هو بحاجة اليه عكس ان يكون هو محتاج لله) فالذي دفعه الى ذلك التفكير في نفسه فقط وانه هو المقياس بالنسبة للناس وليس الله. عكس العشار الذي وضع الله نصب عينيه واتخذه مقياسا له في حياته الجديدة. فالفريسي ظهر في موقف الضعيف والصغير امام الله لانه قلل من شأن اخيه الانسان حتى وان كان ذلك الانسان خاطئ (مقياس قيمة الانسان هو في مدى اهتمامه بالاخرين). ليس لدى الانسان اي حق في ان يستصغر الناس في عيون بعضهم البعض ولا حتى في عيون الله.

ان إلقاء اللوم على الاخرين ليس من شيمة ومن طبيعة وصفات الانسان المؤمن الذي يدعى محبة الله ومخافته (اغلب الاحيان نلقي اللوم على الاخرين ونبرئ انفسنا من اخطائنا) ويقال (ان اعظم العيوب ان تتوهم انك خال من كل عيب).

(في عالمنا اليوم توجد الكثير من هذه الحالات الغير صحيحة وسليمة ايمانيا ولا حتى روحيا واخلاقيا) المؤمن الحقيقي الذي يريد التقرب من الله هو من يعترف بالآخر وبحقه في العيش مثله بكرامة، الانسان امام الله هو انسان محتاج، محتاج لنعمة الله ومحبته ولان ينتشله الله من ضعفه.

الفريسي يصلي الى الله بكبرياء، ويعرض اعماله على الله فعلت هذا وذاك واعطيت لهذا وذاك (طبيعة العطاء عند بعض الناس قد تصل الى مستوى وحالة المقابل [تنطيني انطيك ما تنطيني ما انطيك]) دون ان يكون عندهم الاخذ والعطاء مجاني دون مقابل.

العشار البارهذا ابن الله المسكين القابع في نهاية الهيكل لايريد ولا يطلب من الله سوى رحمته ووسع صدره معه ومنحه فرصة جديدة للعدول عن اخطائه و جزء من عطفه وحنانه "اللهم ارحمني انا الخاطئ" (اللهم ارحمني انا الانسان الضائع) (اللهم هبني من حنانك) نشاهد في هذا المقطع الفريسي يحتقر ويطلب الهلاك للعشار لكن العشار يطلب الرحمة لهذا الانسان البائس الذي لايرى سوى نفسه ويبررها ويدين اضعف الناس، يرى اخطاء ونقائص غيره ولا يرى اخطاؤه هو ويدين قبل ان يفهم وجهة نظر الاخر وموقفه ولا يستمع اليه (الانسان دائما يرى ماهو سطحي وظاهري ولايرى ما في العمق والباطن) الفريسي يكلم الله بكل اعماله الحسنى ويظن ان الله مثل سائر الناس وينسى ان الله يعرف ويرى مافي داخله وخارجه وليس فقط ما هو ظاهر من اعماله، وكما يقول المزمر (الله فاحص الكلى والقلوب). يخاف العشار ان يرفع نظره الى الله، يشعر انه لايستحق ان يشاهد الله حتى وان كان بارا (لاننسى ان الله لا يري نفسه سوى لهولاء الضعفاء والخطأة والمساكين) الذين يعترفون به في احنك ظروف حياتهم ويجدونه في اصعب ازمات ايمانهم، كيف لا ونحن يجب ان نقتدي بهولاء القديسين والمساكين الذين شاهدوا الله وكشفوه لغيرهم في اعمالهم وسيرة حياتهم.

مايريده الله منا في هذا المثل ان نعترف بالآخر وان لاندين الناس ولانحسب انفسنا افضل من الاخرين، الله هو الديان لبني البشر بهذا نقدر ان ننزل الى قلوبنا مبررين لاننا اتضعنا وتواضعنا فرفعنا الله الى مقام القديسين والمختارين من ابناء ملكوته.

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English