سؤال وجواب

تاريخ

لاهوت

روحانيات

الرئيسية

إن المسيحية إنما إنتشرت في العالم على يد الرسل الإثني عشر وتلاميذ المسيح الإثنين والسبعين. فإنهم بعد حلول الروح القدس...

 

قصص وحكايات

إقرأ الكتاب المقدس في عام

إنجيل الأسبوع

تحميل

روابط

اتصل بنا

 

القداسة - كونوا قديسين لاني انا قدوس

 

الأب أسعد حنونا

   

 

   في البدء نتكلم عن القداسة بفقرة جيزة ومن خلال اسئلة بسيطة ممكن ان يسألها او يطرحها اي شخص او اي مسيحي مؤمن ويرددها مع نفسه في كل حين ليصل الى الاجابات السديدة والشافية والمقنعة، مامعنى القداسة؟ ومن هو القديس؟  وكيف نصبح قديسين؟ وما هو طريق القداسة؟ وهل ممكن ان نجد قديسين في عالم اليوم؟ ولماذا لانقدر ان نصل الى الدرجة التي وصل اليها الرب يسوع من القداسة؟ وهل هي مطلب ضروري لكل من يريد ان يكون انسانا كاملا؟ وهل هي طريق للملكوت وللدخول الى مجد الله ورؤية وجهه القدوس؟

    القداسة انسانيا وايمانيا هي حاجة ضرورية لمعرفة الاخر والله والاتحاد معهما من خلال بعض الالتزامات والممارسات، وهي نعمة وهبة وعطية مجانية من لدن الله تتجلى في علامات وايات ورموز للانسان المؤمن والمشتاق والباحث عن الكمال لتشجعه وتسانده ليصل الى الكامل الازلي والابدي. باعتقادي انها تنبع من الوسط الانساني المنهار والخاطئ المتلهف والمحتاج لرؤية الله والخلاص من العبودية وهي لا تأتي من فوق وليست لباسا يلبسه او قناعا يضعه انها اختبار ايماني وانساني (حاجة انسانية) تدعو الانسان للنهوض من جديد ليستفيق مما هو فيه ويسير في الخط والمسارالصحيح، انها اختيار صعب والتزام ومغامرة كبرى للعيش مع الله بغظ النظر عن الوسائل التي تنبع وتنتج من هذه العلاقة ليصل من خلالها الانسان الى الله والله الى الانسان، والمبادرة تأتي من الطرفين فأما الله يبادر اولا او الانسان (كما في الاديان والمعتقدات البدائية). (الوسائل هي الصليب والالم والتضحية واخلاء الذات والتجرد من كل شيء والمحبة والثقة والاستسلام التام لمشيئة الله  وعمل الخير بلاحدود).

    ان القداسة بكل ما فيها من التزامات انسانية واخلاقية وايمانية وروحية اتجاه الكل ( شمولية) الانسان هو الذي يخلقها والذي يجدها ويربيها وينميها شيئا فشيئا في داخله الى ان تكبر وتكتمل عندئذ  تعطي الثمر المطلوب في جذب الاخرين نحو الله (القديس هو كالمغناطيس يجذب الناس نحو الله، بغظ النظر اذا كانوا سالب ام موجب ابرار ام خطاة) ان تكون قديس معناه ان تتضع وتتنازل وتنحني امام الاخرين (كنت جائعا فأطعمتموني، كنت عطشانا فسقيتموني...) وتولد من جديد وتنسلخ من الانسان القديم  وتكون كتابا مفتوحا للاخرين وتكشف عن أخطائك ولاتستحي من ضعفك وتعترف بنقائصك.

    القداسة حاجة وحاجة ملحة تنبع كما قلنا من الداخل ليتحرك الانسان وليصل بدوره الى درجة فقدان كل شيء وخسران كل كنوز الارض في سبيل الاحساس بالاخر ومحبته. فلا تنبع القداسة ولا تتأتى من قراءة الانجيل او الكتاب المقدس وحفظهما او سماع القداديس او الاشتراك فيها ولا هي بكثرة تناول القربان المقدس ولا بلبس الصلبان او امور روحية ام طقسية ليتورجية اخرى وعديدة. انها التزام شخصي تغير وتبدل وانقلاب وانسلاخ جذري وخروج من الشرنقة وكسر جدار التقوقع على الذات والتحول من الانا الى انت ونحن وتخصيص الذات بالكامل للذي نحيا معه ويحيا معنا (معرفة حاجة الاخر وتلبيتها). انها اختبار الله في عقر داره وسرقة ملكوته كما سرقها لص اليمين الذي في اللحظة الاخيرة اكتشف وعرف الله على الصليب فسرقه، يقول الاب الروحي يوحنا الدلياثي (الشخص الذي لم يتمتع بمشاهدة نور الله في هذه الحياة لايكون قريبا من الله في الحياة الابدية). ان الايمان والثقة بالله هي اولى المراحل والخطوات الاساسية والجوهرية الهامة للدخول في حياة القداسة والنعمة ومن ثم التجرد من كل شيء (آني ومادي وارضي زائل) هذا ما يجعلنا ان نكون مع المسيح في كل لحظة نحياها على الارض ونكون قريبين منه لنصبح قديسين (انتم ملح الارض وانتم نور العالم).

    فالقداسة ليست ادعاءات او كلمات نتلفظها بل رغبة وطموح والتزام ثابت ومسعى للوصول الى القمة الى الحب اللامتناهي الى الخالق الابدي والاعتراف به وبوجوده (كونوا قديسين كما اني انا قدوس) اسعوا واطلبوا وتحركوا وابحثوا... فالله لايحب المكتفين بذاتهم ولا المتكبرين الله يختار المتواضعين والضعفاء (فهو يختار من الضعف قوة ومن الهوان كرامة) فكل تكبر واكتفاء وتقوقع على الذات يقتل في الانسان كل نسمة ويخنق كل بذرة صغيرة للنمو والتقدم والسير في طريق القداسة التي هي رحلة طويلة وشاقة في صحراء هذه الحياة التي فيها الانسان مدعو الى عدم التوقف عن البحث عن الله والاخر والا كانت حياته جحيما (الجحيم هو ان يتوقف المرء عن الحب)، ففي كل ركن وفي كل زاوية من زوايا حياتنا نطلب الله (اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم) ولو انه في الوقت الحاضر بات صعب جدا وصول الانسان الى مرحلة القداسة او الاتحاد التام بالله لان مغريات العالم باتت كثيرة ومتعددة واضحت عراقيل امام وصوله الى الاب ويجب ان يحمل احمال ثقيلة واعباء هذا العالم وخطاياه وان يكون هو نفسه الصليب الذي يرفع قهر وظلم هذا العالم نحو السماء للوصول الى الله (ثقوا اني غلبت العالم).

    نقولها بصراحة وبقناعة تامة ان حياة القداسة بطبيعتها تبدأ من الشك والاستغراب ومن ثم الاستفسار واخيرا الاستنتاج (اؤمن او لا اؤمن؟ يوجد الله ام لا؟ من هو الله؟ اين هو الله؟ وماذا يريد منا؟ لماذا يسمح بالدمار والشر في العالم؟ ولماذا خلقنا اذا كان يعرف اننا سنخطأ؟) اسئلة كثيرة تراود الانسان وتقظ مضجعه وتقلب كيانه رأسا على عقب وتحثه على البحث والتعمق في سر الله ليصل بالنهاية الى الايمان اليقين والاقتناع الذي يجعله ان يرى الله بعين المسيح وهي نظرة ايمانية عميقة تدعوه الى تجدد حياتي مستمر في كل شيء (القلب المحب والطيب والصادق هو الذي يعرف ان يرى الله منتشرا في كل مكان).

 
 

Copyright©  www.karozota.com

 
  
 

English